يعد الكاتب الصحفى الأردنى الراحل ناهض حتر، واحدا من أصحاب التاريخ السياسى، المعادى للإسلام السياسى، والمنتمى للفكر اليسارى، والذى وصفه البعض بأنه "عراب الحركة الوطنية الأردنية"، بينما ذهب آخرون إلى أن آراءه جدلية، بحسب وجهة نظر معارضيه، فهو على سبيل المثال معروف بتأييد نظام الرئيس السورى بشار الأسد وحزب الله اللبنانى.
ودعا الكاتب إلى غرفة عمليات مشتركة مع العراق وسوريا لمكافحة الإرهاب المشترك و"تسلله إلى الأراضى الأردنية"، ولم ير ناهض سبيلاً لوقف تمدد الارهاب إلى الأردن وإلى لبنان وغيره، سوى مواجهته فى سوريا والعراق ووقف الحرب والدمار، وكانت أفكار حتر سببا فى اغتياله على يد الإرهابيين بإطلاق الرصاص عليه فى عمان، فى 25 سبتمبر عام 2016، ولعلنا فى كتاباته نرصد أهم آرائه فيما يخص المنطقة العربية:
كتاب "دراسات فى فلسفة التحرر الوطنى"
ويرى "حتر" فى دراساته "أن شطب الدور الاقتصادى - الاجتماعى - التقليدى للدولة القديمة، وخصخصة القطاع العام، الإنتاجى والخدمى، وإخضاع المجتمعات المتخلفة إلى إعادة هيكلة شاملة هدفها تحقيق مصالح الأقلية المدعومة من قبل الاستعمار الأمريكى، وهمجيته العسكرية، دفع باليساريين إلى موقفين، يتمثل أولهما بالاستسلام أمام الهجمة، والتسليم بالأيديولوجية الليبرالية، ويتمثل ثانيهما فى الالتحاق بالمعارضة الثقافوية للخط الإسلاموى - القوموى الذى يقر، هو الآخر، بالليبرالية الاقتصادية، لكنه يناوئ الهجمة السياسية والثقافية الأمريكية ويستخدم صناديق الاقتراع و"الإرهاب" معا، فى مسعى لنيل اعتراف "الإمبراطورية" الأمريكية، بجدارة الإسلاميين فى ادارة التخلف فى العالمين العربى والإسلامى".
ويشير حتر إلى أنه وفى مقابل هذين الموقفين قد بحث دائما عن خط ثالث ينطلق من الالتزام باستراتيجية وطنية وديمقراطية - اجتماعية وتقدمية فى الآن نفسه، هى "فى رأيى، استراتيجية اليسار الاجتماعى، القادرة على تنظيم الدفاع الشعبى ضد الهجمة الاستعمارية الجديدة فى مستوياتها المختلفة، وتنظر هذه الاستراتيجية الى الديمقراطية، لا بوصفها عملية انتخابية وإعلامية هدفها تشريع واستقرار وتكييف الهيمنة الاستعمارية بوصفها آلية للتسويات الاجتماعية، وإعادة استقطاب اوسع الفئات الاجتماعية الوطنية، إلى المشاركة السياسية، وتنظيم التحالفات، للدفاع عن مصالحها ووعيها ومستقبلها".
كتاب الخاسرون.. هل يمكن تغيير شروط اللعبة؟
وجاء كتاب "الخاسرون" هل يمكن تغيير شروط اللعبة؟ ليبحث فى استراتيجية الليبرالية الجديدة فى الأردن والخصخصة الشاملة والحكومات الليبرالية الجديدة منذ العام (2000 الى 2005) و تحليله لأداء حكومات "أبو الراغب" و"الفايز" و"البخيت" وإعادة بناء الأحزاب الأردنية إضافة إلى الكثير من الموضوعات المتعلقة بالشأن السياسى الأردنى.
ويشكل الكتاب تقسيماته للرابحين فى الأردن الذين يشكلون أقلية ضئيلة لا تتجاوز 2 بالمائة من الأردنيين من المضاربين والعقارين والماليين ووكلاء المصالح الأجنبية مقابل الأكثرية الخاسرة من الموظفين والمتقاعدين العسكريين والمدنيين والعاملين بأجر والمهنيين وأصحاب المشاريع الصغيرة.
ووصف بعض الباحثين كتاب حتر بوثيقة الوضع السياسى فى الأردن منذ منتصف التسعينيات إلى الآن، فعلى سبيل المثال قال الكاتب الأردنى فهد الخيطان عن الكتاب "يعد أول دراسة تناقش الوضع السياسى الأردنى فى جملة من المواضيع الإشكالية وخصوصاً إشكالية ظهور التيار الليبرالى الذى تجلى فى عدد من الحكومات الاردنية"، وتابع متما " "الخاسرون" وثيقة غنية سياسياً".
كتاب الملك حسين بقلم يسارى أردنى
شمل هذا الكتاب كما يقول المؤلف ثلاثة نصوص كتبت عامى 1999 2000 وحول الملك الراحل الحسين بن طلال (1935 - 1999)، ويمثل النص الأول وعنوانه: "أسئلة الماضى تقرع جدران المستقبل" استذكارا لتجربتى الشخصية وجوانب من معاناتى الفكرية إزاء رحيل الملك حسين، والاسئلة الكبرى التى تركها معلقة فى فضاء البلد، والنص الثانى وعنوانه: "هيكل الحائر بين شخصية الأردن وشخصية الملك حسين" هو رد على مقالة محمد حسنين هيكل "الملك حسين: ضرورات الفهم قبل الحكم، ولكن إلى أى مدى؟" المنشورة فى العدد الثالث من شهرية" وجهات نظر" المصرية أبريل 1999، وأما النص الثالث وعنوانه: "موجز لسيرة سياسية فريدة" فقد كان جزءا من تغطية إعلامية أعددتها لصحيفة "السفير" اللبنانية بمناسبة رحيل الملك حسين.
وفى الكتاب يرى "حتر" أن الملك حسين يكرهه الليبراليون، بسبب 5 مميزات كان يتميز بيها الملك الراحل، وهى بحسب "حتر"، أن الحكم فى الأردن استقر على احترام الولاية العامة لمجلس الوزراء فى الشؤون الداخلية، مما أدى إلى استقرار نسبى فى الإدارة والمشاريع وانضباطهما بالقيود البيروقراطية، بالأضافة لوصفه عهد الملك حسين، بعهد "الاستقلالية السياسية"، مستشهدا بموقفين هما رفض كامب ديفيد 1979، والتحالف مع العراق العام 1991 فى مواجهة الولايات المتحدة، كان للملك حسين مشروع سياسى إقليمى وظّف له علاقاته الإقليمية والدولية، قائلا عنه "انتماءه للمشرق لا إلى السعودية والخليج"، واصفا علاقة بالسعودية بـ"العدو اللدود"، كما أكد الكاتب أن الطابع السياسى لمشروع الملك حسين، لم يكن مرتبطا بمشروع اقتصادى اجتماعى، فالملك كان بعيدًا عن الانحياز الايديولوجى الليبرالى، بالعكس، كان ميالا لتعاظم دور الدولة الاقتصادى الاجتماعى، فما اختتم مميزته بوصفه حكم الملك حسين بالمصدقية قائلا: "هى الصدقية، فقد كان الملك حسين يلتزم بالاتفاقات والتفاهمات التى يعقدها على أى مستوى، كان يصادم بقوة، ويتراجع بجد، ويعمل بما يقول، وكانت معارضته تتطلب الشجاعة والصدقية والذكاء؛ فكأنما تلعب معه على رقعة شطرنج.
كما انتقد الكاتب الملك الراحل فى قراره فى المشاركة فى حرب 67 والتى أدت لفقدان الضفة على حد وصفه، بالإضافة لعدم مساندته الجيوش العربية فى حرب 73، واعتراف الملك بمنظمة التحرير كممثل شرعى للسلطة الفلسطينية، واختتم قائلا عن الملك الراحل "طغيان شخصيته وأولوية سياساته الإقليمية، منع تكوّن الشخصية الوطنية الأردنية التى بدأت بالتبلور فى عهد الملك عبدالله الثانى، ولكن، بعدما خسرت حاضنتها المتمثلة فى الدولة والقطاع العام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة