لا تزال المصانع المصرية ترفع مطالبها لخفض أسعار الغاز للقطاعات التصنيعية المختلفة، والتي تسجل أسعاره حاليا 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، مع اقتراب حسم الأسعار الجديدة للغاز، إذ تجتمع لجنة التسعير خلال أيام بمشاركة وزراء البترول والصناعة والكهرباء، وتوقعت مصادر حكومية عقد اجتماع لجنة تسعير الطاقة للصناعة الأسبوع المقبل، وذلك لحسم ملف أسعار الغاز للقطاع الصناعى، وسط توقعات بخفض سعر الغاز للقطاعات الصناعية.
ورجحت مصادر بالقطاع الصناعى لجوء اللجنة إلى خفض سعر المليون وحدة حرارية للغاز بحد 50 سنت نصف دولار، وذلك استجابة لمعطيات هبوط الأسعار العالمية ومطالب القطاع الصناعى بخفض الأسعار لتقليل التكلفة الإنتاجية.
وتجتمع اللجنة كل 6 أشهر لمراجعة الأسعار، وفق المتغيرات العالمية في سعر المليون وحدة حرارية، إضافة إلى مراعاة مطالبات عدد من القطاعات الصناعية والإنتاجية، حول تأثير سعر الغاز كمدخل إنتاجى في بعض القطاعات الإنتاجية.
وعانى القطاع الصناعى كثيرا من تكلفة الإنتاج المرتفعة، التى انعكست بصورة واضحة على أسعار المنتجات النهائية، الأمر الذى أدى إلى انخفاض ملحوظ فى تنافسية الصادرات المصرية، وهو ما خفض حصيلتها من العملة الصعبة، أى انعكس ذلك على الميزان التجارى وساهم فى الفجوة الملحوظة فى الميزان التجارى الخارجى، لذلك ففكرة خفض تكلفة الإنتاج من خلال تقليل سعر الغاز للمصانع يساهم فى علاج خلل الميزان التجارى.
وكان آخر قرار لهذه اللجنة فى اجتماعها شهر مارس الماضى، هو خفض سعر المليون وحدة حرارية إلى 4.5 دولار، وترى كافة القطاعات الصناعية، خاصة كثيفة الاستهلاك للغاز الطبيعى، أن الخفض الأخير لسعر الغاز لا يحقق التوازن فى المعادلة الإنتاجية حاليا، حيث يظل سعر 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية يمثل عبئا على الصناعة، فى الوقت الذى تتزايد فيه الضغوط على القطاع الصناعى بالمرحلة الحالية، نتيجة تضرر الأسواق جراء تفشى فيروس كورونا، الذى تسبب فى ضغط أكبر على الصناعة، نتيجة التزامها بدفع الرواتب وكافة المصروفات من ضرائب ورسوم وتكاليف الكهرباء والمياة والغاز، فى الوقت الذى تراجع فيه الطلب على المنتجات المختلفة، خاصة منتجات مواد البناء وكذلك الهندسية وغيرها.
وأكد محرم هلال نائب رئيس اتحاد المستثمرين، أن الدولة تسير في اتجاه دعم الصناعة الوطنية، ويظهر ذلك من خلال الاجتماعات مع المستثمرين بالقطاع الصناعى لحل مشكلات المصانع المتعثرة، وكذلك مبادرة دعم الصناعة بـ 100 مليار جنيه، لافتا إلى أن أن هناك بوادر إيجابية تنتظر الصناعة والاقتصاد حال مراجعة الحكومة لأسعار الغاز المقدمة للصناعات المختلفة.
وقال هلال فى تصريح لـ"اليوم السابع"، إن خفض الأسعار سيؤدى إلى ارتفاع الطاقة الإنتاجية وهو ما يصاحبه تراجع التكلفة الفعلية، وبالتالي تراجع الأسعار للمستهلكين، وتحريك المبيعات بالأسواق، إضافة إلى زيادة في تنافسية الصادرات نتيجة تراجع التكلفة الإجمالية على الصناعات المختلفة، حسب حجم مكون الغاز منها،
ويرى، هلال أن معدلات التشغيل من الممكن أن ترتفع للطاقة فى حال إقرار الحكومة الاستمرار في حوافزها للقطاع، والجميع يترقب قرارات خفض أسعار الغاز، معتبرا أن أي قرار مرتقب لخفض أسعار الغاز للمصانع سيكون خطوة كبيرة على الطريق الصحيح ويصب فى مصلحة الصناعة بشكل كبير، لأن الأسعار المعلنة الحالية للغاز أعلى من السعر العالمى، حيث سيساعد قرار الخفض على تضييق الفجوة بين الأسعار المحلية للغاز والأسعار العالمية.
وتعد صناعة الحديد من بين القطاعات المرشحة لتحقيق طفرة وتطورات كبيرة في حال اقرار الحكومة تعديلات جديدة على أسعار الغاز، حيث يشكل عنصر الطاقة نسبة لا بأس بها من إجمالى تكلفة الإنتاج، وبالتالى فإن خفض أسعار الغاز يعتبر دفعة قوية لتحقيق التوازن داخل السوق المحلية ويدفع المنتجين للتوسع خارجيًا أيضا، علما بأن الحديد عصب رئيسى للتنمية فى الوقت الحالي، وفق الدكتور خالد الشافعى رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية.
أما بالنسبة لصناعة الأسمنت، فيتوقع فاروق مصطفى العضو المنتدى لمصر بنى سويف للأسمنت، أن يظهر تأثير تراجع سعر الغاز على القطاع في حال الاقدام عليه، مضيفا: "بالنظر إلى التطورات التى طرأت على هذه الصناعة فى الفترة الأخيرة، أبرزها ظهور طاقات إنتاجية جديدة ساهمت فى زيادة كبيرة للمعروض عن الطلب مما دفع المصنعين لاستخدام مزيج من الطاقة "كهرباء وفحم وغاز وطاقة بديلة من إعادة التدوير"، ولكن أي انخفاض في سعر الغاز قد يترتب عليه العودة إلى استخدام الغاز الطبيعى مرة أخرى كعنصر رئيسى للطاقة، والمساهمة في نمو هذه الصناعة.
وطالبت غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، فى اجتماع عقدته مطلع فبراير الجارى، بضرورة خفض سعر الغاز المورد لمصانع الحديد لنحو 3 دولار للمليون وحدة حرارية ، وقال جمال الجارحى رئيس الغرفة فى تصريحات له، إن خفض اسعار الغاز سوف يساهم في خفض التكلفة وبالتالي رفع تنافسية الشركات وزيادة قدرتها على التصدير، خاصة مع تراجع ملحوظ فى قدرات المنتج المحلى على المنافسة فى الأسواق الخارجية، نتيجة زيادة فى سعر الغاز للمصانع المحلية، فى الوقت الذى تتعامل فيه المصانع بالدول المنافسة على سعر تقريبا 3 إلى 3.5 دولار.
ويرى عماد سلام عضو شعبة الطباعة والتغليف باتحاد الصناعات، أن أسعار الغاز بوضعها الحالي تؤدي إلى زيادة في تكلفة الإنتاج بنسب كبيرة الأمر الذى يؤثر على المنافسة الخارجية ويؤثر على معدلات التصدير، لافتا إلى زيادة تتجاوز 20% فى تكاليف الإنتاج في مصر نتيجة زيادة أسعار الطاقة وعلي رأسها الغاز الطبيعي والذى يساهم بجزء كبير من تكاليف الصناعة.
وأضاف فى تصريحات خاصة، أن هناك مطالب لكافة المصنعين وهناك مخاطبات رسمية للجهات المختصة، تحوي على تأثر أسعار الغاز الحالية على صناعة الطباعة والتغليف، لافتاً إلى أن خفض الغاز للمصانع يعيد الامل للصناعة في القدرة على المنافسة خارجياً من خلال الصادرات المصرية.
وأكد سلام وهو أحد المصدرين بمجال الطباعة والتغليف، أن تنافسية المنتجات المصرية في الخارج تحتاج إلى خفض تكاليف الإنتاج، وهو مطلب حيوي للمصنعين من أجل غزو الأسواق وفتح مجالات المنافسة خاصة وأن تكاليف الإنتاج للشركات بالدول المنافسة أقل من مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة