أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 6 أغسطس 1910.. «الجنايات» تبدأ فى محاكمة ديوان شعر «وطنيتى» ومؤلفه الشيخ على الغاياتى وكاتب مقدمته عبد العزيز جاويش وتؤجل رفع الدعوى ضد محمد فريد

الخميس، 06 أغسطس 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 6 أغسطس 1910.. «الجنايات» تبدأ فى محاكمة ديوان شعر «وطنيتى» ومؤلفه الشيخ على الغاياتى وكاتب مقدمته عبد العزيز جاويش وتؤجل رفع الدعوى ضد محمد فريد على الغاياتى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 كانت الساعة التاسعة صباحا يوم 6 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1910 حين عقدت محكمة الجنايات جلستها لمحاكمة على الغاياتى لتأليفه ديوان شعر«وطنيتى».
 
لم يكن «وطنيتى» مجرد ديوان شعر بل وثيقة من وثائق الحركة الوطنية المصرية، حسبما يذكر فتحى رضوان فى كتابه «عصر ورجال»، مشيرا إلى أن الغاياتى ضمنه قصائد قالها فى المناسبات السياسية الكبرى التى وقعت والحزب الوطنى فى أوجه وتأييد المصريين له فى أعلى مراتبه، ويضيف: «كتب له محمد فريد رئيس الحزب الوطنى المقدمة، كما قدم له الشيخ عبد العزيز جاويش بكلمة فزادت قيمته السياسية، وأحيل الاثنان إلى المحاكمة».. ويذكر الدكتور إبراهيم عبد الله المسلمى فى كتابه «على الغاياتى، من وطنيتى إلى منبر الشرق»، أن «إلياس أفندى دياب»، صاحب مكتبة، كان من ضمن المتهمين، وتأجلت محاكمة محمد فريد لحين عودته من أوروبا.
 
جاء انعقاد المحكمة بعد ضجة أثارها «وطنيتى» الذى لا تزيد صفحاته عن 135 صفحة من القطع الصغيرة، ولم تزد قصائده عن مائة بعضها لا تزيد أبياته عن الأربعة، وفى إحداها يهاجم الخديو عباس الثانى بعنف: «أعباس هذا آخر عهد بيننا/ فلا تخشى منا بعد ذلك غيابا/ أيرضيك فينا أن تكون أذلة ننال إذا رمنا الحياة عقابا/ ونيأس من آمالنا فيك كلما/ قضيت علينا أن تكون غضابا/ وأرضيت أعداء البلاد وأهلها/ وأصليتنا بعد الوفاق عذابا».
 
يذكر رضوان ما قاله له «الغاياتى» عن قصة هذا الديوان، فيقول إنه فرغ من آخر قصائده فى يوم الجمعة 24 يونيو 1910، ولما كان طبعه فى مطبعة مصرية يعرضه للمصادرة، وهو بعد أصلا لم تجمع حروفه، قصد مطبعة يملكها فرنسى اسمه «كستيولا»، وكان الأجانب يومذاك غير خاضعين لتفتيش البوليس المصرى، وتم طبع الديوان دون أن يصادر، وكان عدد النسخ المطبوعة ألف نسخة، وفور أن وصلت نسخة إلى الشيخ على يوسف صاحب جريدة «المؤيد» بدأ فى شن حملة ضارية ضده، وتلقت الحكومة هذه الحملة بصدر رحب فراحت تبحث عن الديوان فى كل مكان».
 
علم الغاياتى أن أمرا باعتقاله صدر، ونصحه بعض الأصدقاء بأن يفر إلى تركيا، فاستمع إلى نصيحتهم وهاجر، وبدأت النيابة التحقيق، واعتبرت أن الديوان يقع تحت طائلة «قانون المطبوعات»، ووفقا للمسلمى»: «صدر قرار الاتهام يوم 27 يوليو 1910 بإحالة كل من الشيخ جاويش المحرر بجريدة العلم والشيخ الغاياتى المصحح بالجريدة، وإلياس أفندى دياب صاحب مكتبة التأليف إلى محكمة الجنايات يوم 6 أغسطس 1910، وتأجل رفع الدعوى ضد محمد بك فريد رئيس الحزب الوطنى لحين عودته من أوروبا»، وقالت النيابة إن المتهمين نشروا كتابا يسمى «وطنيتى»، ويشتمل على قصائد ومقطوعات تتضمن بعضها التحريض شرعا على جناية القتل، وبعضها التحريض على كرامة الحكومة والازدراء بها، وبعضها العيب فى حق ذات ولى الأمر، وبعضها إهانة هيئة الوزارة والمحاكم».
 
كانت القاعة غاصة بالحاضرين أثناء انعقاد المحاكمة، ويتخللهم رجال البوليس السرى المنتشر خارج القاعة وداخلها.. يذكر المسلمى: «تكلم رئيس الجلسة ونادى على المتهمين، وبعد ذلك قام وكيل النيابة وطلب معاقبة الغاياتى والشيخ جاويش بصفته فاعلا أو شريكا فى الجناية، وذلك لنشر أشياء مخالفة للقوانين بالجرائد، وسأل رئيس الجلسة الشيخ جاويش عن التهم الموجهة ضده، فقال إنه قرظ الكتاب عن نية حسنة، وسئل دياب أفندى عن التهم الموجهة ضده فقال إنه باعه كسائر البائعين».
 
بعد ذلك وجه وكيل النيابة قذائفه ضد الغاياتى، قائلا: «هذا الشاعر المفتون قام ووضع هذا الكتاب، فلا حى الله وطنيته ولا بارك الله فيها من وطنية فاسقة.. لقد مجد فعل «دنجرا»، شاب هندى قتل أحد حكام الهندى الإنجليز»، والوردانى، قاتل بطرس باشا غالى، وكلاهما قاتل سفاك، وهذا تحريض على ارتكاب الجنايات، وقال نعم هنا فى هذا الكتاب «وطنيتى» جملة قصائد أدبية مثل «شفاء ولى العهد» و«رثاء حسن عاصم باشا»، ولكن هذا لا يبرر ما فى هذا الكتاب الذى يعظم الإثم، ويدفن الحسنة.. ثم قال: ما لهؤلاء الكُتاب يزفون الكلام البذىء للجمهور.. ألا يعرفون عواقب ما يكتبون، إنهم إذا أصلحوا كتاباتهم أصلحوا أمتهم، وإذا أفسدوا كتاباتهم أفسدوا أمتهم.. فإذا كان هذا حال الكتاب، فكيف يكون حال العامة، وليس أهون على الكاتب من أن يجلس على مقعده ويكتب ما يشاء».
طلبت المحكمة من محامين الدفاع الحديث فتحدثوا، وعقدت المحكمة جلستها فى اليوم التالى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة