أحمد طنطاوى

الحواضن الوطنية ضرورة أمنية

الخميس، 06 أغسطس 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عزيزى القارئ المحترم.. فى عام 2018 عادت زوجة مصرية بأولادها المصريين من رحلة بائسة لسوريا قتل فيها زوجها الذى ذهب بهم لها لـ"الجهاد" تحت راية "داعش" فى 2015، وطبعا لما أثقلت الراية السوداء المخضبة بدماء المسلمين بالمزيد منها سقطت، فعادت الزوجة مرة أخرى لوطن كانت قد كفرت به هى وزوجها، وكانت عودتها هى عودة المضطر وليس النادم، فأرض الكنانة هى المكان الوحيد الذى لن يطلب منها "إقامة" ولن يسألها عن سبب تواجد، بل سيضمها ويوفر لها حماية الفروع والأصول من الأقارب والحواضن الاجتماعية ويمنحها إمكانية العمل، وحتى الآن مازالت تسمى زوجها شهيدا، وتزرع فى أطفالها أن مصر ديار كفر، وتتابع الأخبار بشغف لتفرح لما يحزننا وتحزن لما يفرحنا.
 
هذه الزوجة هى "أم حاضنة" نترك لها حرية الولاية على عدد من "المصريين"، الذين نرجو منهم أن يكونوا عمادا لوطنهم فى المستقبل، لكنهم بالتأكيد سيواجهون حائلا بينهم وبين هذا الهدف، هذه الحالة التى أحكيها لك ليست فردية، بل هى موجودة بين أظهرنا بالآلاف، وبالتالى نحن أمام "حواضن إرهاب" منبثة فى جميع أرجاء الوطن، ترعى "ثعابين صغيرة" لـ"ثعابين كبيرة" أدينت بالتطرف بحكم قضائى او قتلت بسببه، أو هم مطلوبون وضالعون فى جرائمه.
 
ومن ثمّ فهذه ثغرة خطيرة فى المواجهة الشاملة للإرهاب، فالدولة تركز على التعامل مع المجرمين الكبار المتورطين فعلا، تاركة مجرمين آخرين من باقى أفراد الأسرة تقف طبيعتهم دون القدرة على المشاركة "المادية" فى العنف، كالأم أو الجد أو الجدة وأحيانا الأعمام والأخوال ليتولوا مهمة ليست أقل خطورة.. هى التأسيس لعنف وتطرف المستقبل.
وبالتالى نصل إلى الحل المطلوب.. وهو ضرورة نزع حضانة الأطفال الذين أدين أحد والديهم أو أحد أولياء أمورهم، وإيداعهم فى دور رعاية أو حواضن وطنية تحت رعاية الدولة، بهدف زرع الروح الوطنية فيهم أو على الأقل نزع أنياب التطرف والغلو منهم.
 
ففى ظنى إن هذه الحواضن ضرورة، وهى من جملة إجراءات مواجهة التطرف والإرهاب، ولا بد وأن تكون على مستوى عال من الجاهزية التربوية والفكرية والعلمية،. وأظن أن الدولة لن تسمى آباء هؤلاء الأطفال بالقتلة والمجرمين حرصا على تفادى الأثر النفسى السلبى لذلك عليهم، إنما قد تسميهم بالخاطئين، وكلنا يخطئ، كما أظن أن السماح لذوى هؤلاء الأطفال برؤيتهم قد يكون ممكنا تحت رقابة الدولة، وفى تقديرى فإننا سنحتاج إلى "قانون" يستند إليه "حكم محكمة" بعدم أهلية الأسر المتطرفة للولاية على "أطفال المصريين" ومن ثمّ نزع حضانتهم وإيداعم فى إحدى دور الحواضن الوطنية، ويمكن توسيع هذه الخطوة بشكل نسبى ليشمل الشواذ فكريا والمتطرفين الكامنين، كما سنحتاج إلى ميزانية محترمة لدعم برامج تربية وتعليم وتأهيل نفسى على أعلى مستوى، خاصة وأن عدد هؤلاء الأطفال سيكون كبيرا. لكن يمكننا ـ على الأقل ـ أن نبدأ بالأسر الأشد خطورة وتطرفا.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة