عيب.. غلط.. ماينفعش.. حلال.. حرام.. كثير ماسمعنا تلك الكلمات من الآباء والأمهات والأجداد أو من المحيط من الأهل، ربما لم ندرك في بعض الفترات معنيها، ولكن كان يجب علينا أن ننفذ ما يقال لنا بدون تفكير، وإلا ستكون العاقبة هي العقاب علي تلك الأفعال التي نهينا عنها، وكلما كبرنا وأصبحنا ندرك ماحولنا في الحياة ومع إصرار الأهل علي تلك المضامين التي يغرسونها فينا من صغرنا أصبحت تلك الأشياء من المسلمات لنا في حياتنا، وعلمنا ما هي معني تلك الأشياء وأصبحنا ندرك أكثر أن تلك المعاني هي معاني لتقييم الأفراد وسلوكهم، وللقيام باستخدامها في تعاملاتنا وفي سلوكنا تجاه الآخرين ممن نتعامل معهم في حياتنا اليومية أو لا نتعامل معهم بشكل مباشر، وهذا ما يطلق عليه التربية، وربما بعض المضامين قد تكون صحيحة في مجتمع وقد تكون خاطئة في مجتمع آخر، وهناك بعض الاشياء التي تؤثر في التربية منها الدين أو العقيدة التي يستمد منها الإنسان مضامين التربية، ومنها النشأة والثقافة ومنها القانون السائد والعرف ومنها التعليم ونوعيته وخلافه من المؤثرات التي تؤثر علي مضامين التربية.
فما تجده في مجتمع ما يرفض العري والإباحية والاختلاط بين الذكور والإناث وإقامة العلاقات بدون زواج ومنع الخمر والتدخين، تجد مجتمعات أخري تغرسه الأسر في أبنائها وتشجعه عليه بل وتقوم بتصدير ثقافتها وطريقة تربيتها الي المجتمعات الأخرى، بالفكر التحرري والمضامين المنفتحة لتحريك المشاعر والرغبات لجذب الشباب لثقافة مجتمعاتهم والتأثير فيهم للسيطرة عليهم، فالحروب بين المجتمعات الآن ليست حروب السلاح كما كان سابقا، ولكن استهداف الهوية الفكرية والثقافية لدي المجتمعات وبث المضامين التي تُحفذ الرغبة والشهوة واستخدام المؤثرات والوسائل والإغراءات المادية والمعنوية للنيل من ثقافة ووعي وسلوك المجتمعات الأخري أهم وسائل الحروب الجديدة بين الدول، واستخدام التقنيات الحديثة للترويج لتلك الأفكار والتحايل علي العقول بترويج الاكاذيب وتزينها بالكلمات البراقة وبالتالي التأثير علي معتقدات وسلوك الأبناء والبنات بدعوي التغيير والتجديد، واستخدام وسائل الاعلام لبث تلك المضامين من خلال الأفلام التي يتم صنعها بحرفية من خلال متخصصين لجذب تلك الفئات العمرية الصغيرة أولا والكبيرة في بعض الاحيان ممن لديهم مسوغ في الهوية الثقافية.
ومن هنا يجب أن ندرك أهمية التربية وكيفية تربية أبنائنا واختيار الوسيلة الصحيحة التي تختلف طبقا لعدة عوامل تحددها ظروف كل اسرة لاختيار الوسيلة المناسبة في التربية لمواجهة تلك المخططات التي تستهدف تدمير أبنائنا وأجيالنا جيلا بعد جيل، لزعزعة ثقة النشئ في كل ما يدور حولهم وفي فقدان الثقة في مجتمعاتهم، والتربية تبداء بالتعليم المبكر للاطفال بهدف تشكل الوعي وإدراك المخاطر من خلال بث المضامين التي ينتهجها مجتمع معين من خلال التوجيه المستمر من الاسرة والاهل وحتي اكتمال الإدراك.
ومن هنا تاتي أهمية التربية وتأثيراتها المختلفة لتشكيل الوعي لدي أفراد المجتمع من خلال الاسرة وقنوات التعليم الأخرى.
وخلاصة القول، إن العامل الاساسي الذي يساعد الاسرة في تربية ابنائها هي الالتزام بالمضامين التي أنزلها الشارع الحكيم الله عز وجل في كتابه الكريم وفي سنة رسوله من خلال غرس قيم العدل والمساواة والاخلاق والتسامح والتعاون والتآلف والتكاتف وغيرها من المضامين التي أمرنا بها الشارع الحكيم، والكف عن الكذب والفتنة والتلون والحسد والغرور والأنانية والإِفساد والفساد بكافة أشكاله التي نهانا عنها الشارع الحكيم الله عز وجل ورسوله الكريم في سنته حتى تكون مجتمعاتنا خالية من الأمراض النفسية والعضوية التي سرت في جسد مجتمعات اخري.