سحر المقابر الفرعونية التاريخية فى وادى الملوك تلهب قلوب السائحين وينتظر الجميع فتح حركة السياحة لمصر من جديد للعودة إلي الأقصر، والاستمتاع بتلك المقابر المصممة بطراز هندسى ومعمارى مميز للغاية، ومن أبرز تلك المقابر الفرعونية هى مقبرة "الملك مرنبتاح" والذى كان يطلق عليه محبوب الرب بتاح، فهو ابن ولى عهد الملك رمسيس الثانى العظيم، والذى يعتبر الابن الثالث عشر للملك رمسيس الثانى، والذى خلف أباه المعمر على عرش مصر العظيم، وتولى حكم مصر وهو فى العقد السابع من عمره، والذى كان رابع ملوك الأسرة 19 الفرعونية، حيث استمرت فترة حكمة بمصر 10 سنوات منذ عام 1213 ق.م إلى عام 1203 ق.م.
ومن جانبه يقول الطيب عبد الله حسن مرشد سياحى بالأقصر، أن وادى الملوك له سحر خاص فى قلوب السائحين، فيتهاتف على زيارة مقابرها الأفواج السياحية لدى زيارتهم للأقصر من حول العالم، موضحا أن وادى الملوك من المواقع الآثرية التى تقرر فتحها رسميا أمام الجمهور بعد انحسار أزمة كورونا بمصر، موضحا أنه يتم تحديد مقبرة "الملك مرنبتاح" بـ"KV8" فى وادى الملوك غرب محافظة الأقصر، والتى تم تصميمها علي محور واحد من الشرق إلي الغرب فى قلب الصخر بطول 110م، حيث أن المقبرة كبيرة ومبنية ببساطة وسحر مميز للغاية مع درج و3 ممرات تنازلية تنحدر من المدخل حتى غرفة البئر، ولكن مومياء الملك وجدت مخبأة داخل مقبرة الملك امنحتب الثاني، ففى مدخل المقبرة على العتب الخارجي للمقبرة نقش قرص الشمس وبه الجعران الذي يمثل الشمس عند الفجر، وصورة إنسان في هيئة كبش يمثل الشمس عند المغيب ونقش إيزيس ونفتيس كل منهما علي جانب من جانبي الباب.
وأضاف الطيب عبد الله حسن لـ"اليوم السابع"، أن مقبرة الملك مرنبتاح تبدأ بممر منحدر انحدار كبير، وبه نقوش تمثل "رع ـ حور ـ آختي" ونقشت 3 أسطر عمودية تحتوي علي عنوان "كتاب الموتى" الذي كتب علي الجدارين المتقابلين، وفى الممر الثانى يوجد نقش آخر علي يسار الممر لـ"إيزيس مع أنوبيس" وعلي الجهة المقابلة علي الجدار منظر مماثل للسابق لـ"نفتيس وأنوبيس"، وفي الممر الثالث يوجد نقوش جميلة على الجانبين لسفينة الشمس وفيها يقف "حورس وست"، ثم يوجد إلتواء الممر والذى يؤدي إلي حجرة نقش علي جدرانها "أنوبيس وأوزير"، وعلي الجانب المقابل صورة حورس حامي والدته، وبعد ذلك في حجرة يستند سقفها علي عمودين نقش على اليسار "الملك مرنبتاح" أمام "أوزير"، ثم بعد ذلك سلم يصل إلي الحجرة التي فيها غطاء التابوت العظيم المصنوع من الجرانيت الاحمر، وهذا الغطاء لم ينقل من مكانه إلي حجرة الدفن، فقد كانت مومياء الملك موضوعة في تابوت من الخشب وكان هذا التابوت داخل تابوت من الجرانيت لم يبق منه إلا الغطاء، وغطاء التابوت يعد من أجمل الآثار التي عثر عليها فى هذا العهد فهو على هيئة خرطوش ويبلغ طول هذا الغطاء حوالى ثلاثة أمتار وخمسة وعشرين سنتيمترا وعرضه حوالي متر ونصف وارتفاعة نحو متر، وبعد ذلك قاعة الدفن وهى مهدمة سقفها مقبب محمولاً علي ثمانية أعمدة محطم معظمها.
وعن تاريخ "الملك مرنبتاح" فى حكم البلاد، يقول صلاح الماسخ الخبير الأثرى، أنه تولى "مرنبتاح" الحكم وهو ما بين الـ60 و70 من العمر، وقام بنقل العاصمة من "برمسيس" عاصمة مصر في عهد أبيه إلى "ممفيس"، حيث شيد قصر ملكي بجوار "معبد بتاح"، حيث تم إكتشاف ذلك القصر في عام 1915 م بواسطة بعثة متحف جامعة بنسلفانيا الأمريكية، وخلال فترة حكمه قاد عدد من الحملات العسكرية خلال فترة حكمه، وفى العام الخامس من حكمه قام بحملة على الليبيين لمساعدتهم شعوب البحر على غزو مصر من الغرب وانتصر عليهم، موضحاً أنه عقب وفاته دفن مرنبتاح في المقبرة رقم 8 بوادي الملوك، وقد نقشت على الممر المنحدر بمسافة 80 متر داخل المقبرة حتى حجرة الدفن نصوص من كتاب البوابات، واكتشفت مومياؤه في مقبرة أمنحوتب الثاني مع ثمانية عشر مومياء أخرى عام 1898 ميلادية، بواسطة "فيكتور لوريت"، وعقب فحص مومياء "الملك مرنبتاح" تبين أنه كان يعانى التهاب المفاصل وتصلب الشرايين في أواخر أيامه، حيث يبلغ طول المومياء 1.71 متر، وتبين أنه كان أصلع الرأس إلا من بضع شعيرات قليلة، وملامحه قريبة من ملامح أبيه رمسيس.
ويضيف الآثرى صلاح الماسخ لـ"اليوم السابع"، أنه تحظى الآثار والفترة التاريخية للملك مرنبتاح بإهتمام كبير من الآثريين والعلماء والمؤخرين، وذلك لأهمية الفترة التاريخية التى حكم فيها مصر، حيث قاد مصر فيها للإنتصار فى معارك حربية ضارية ضد الليبيين وشعوب البحر، مشدداً على أنه من أشهر آثاره "لوحة مرنبتاح" المعروفة بـ"لوحة إنتصار مرنبتاح" وهي لوحة تذكارية سميكة من حجر الجرانيت، والتى تم فيها ذكر انتصار الملك أمنحتب الثالث على الليبيين وحلفائهم، بينما تتحدث الأسطر الثلاثة الأخيرة من 28 سطرا عن حملة أخرى في كنعان والتي كانت جزءا من المملكة المصرية في ذلك الوقت، والتى اكتشفها المؤرخ "فلندرز بيترى" فى مدينة طيبة - الأقصر حالياً - عام 1896 بعد الميلاد.
وأشيعت مؤخراً حالة من الجدل، بعد الكشف وجود كلمة "إسرائيل" على لوحة للملك، حيث أنها اللوحة الأولى من نوعها فى التاريخ المصرى القديم التى تذكر فيها كلمة (إسرائيل) لفظيا، وقد سجل فيها الملك مرنبتاح انتصاراته على أرض كنعان وأكمل انتصارات أبيه الملك رمسيس الثانى، لكن اللوحة فى الأصل كانت للملك أمنحتب الثالث ولكن لأسباب غير معروفة استخدمها الملك مرنبتاح لتسجيل انتصاراته، حيث قال عنها وعلاقة اللوحة بإسرائيل قال الباحث فى علم المصريات الدكتور محمد رأفت عباس مدير عام إدارة البحث العلمى بمنطقة آثار الإسكندرية، فى 2018 أن هذه القضية التاريخية بالغة التعقيد والغموض، لأن النص الموجود فى السطر 27 من اللوحة والذى جاء فيه: "لا يرفع أحد رأسه من بين الأقواس التسعة، الخراب للتحنو، وبلاد خيتا قد أسكتت، ونهبت كنعان وأصابها كل شر، واستسلمت عسقلون وأخذت جازر، وينوعام أصبحت كأنها لم تكن، وخربت إسرائيل ولم يعد لها بذور، وأصبحت خارو أرملة لمصر"، يرى بعض العلماء وفقا لدراساتهم الحديثة أن الترجمة القديمة لكلمة إسرائيل خاطئة وأنها يجب أن تترجم بـ «يسيريارو» والمقصود بها سكان أو قبائل سهل يزريل أو جزريل، وهو مرج "بن عامر" من الناحية الشرقية الشمالية من جبل الكرمل والذى يمتد من حيفا غربًا إلى وادى الأردن.
وأضاف "عباس" فى تصريحات صحفية أن هذا يعنى أن أى وجود للشعب الإسرائيلى على أرض كنعان (فلسطين) خلال تلك الحقبة هو أمر مستبعد تماما بعكس ما أشيع منذ العثور على هذه اللوحة من قبل عالم الآثار الإنجليزى الشهير بترى عام 1896 فى البر الغربى بالأقصر، فلوحة مرنبتاح المعروفة أيضًا بـ بلوحة انتصار مرنبتاح، هى لوحة تذكارية لملك مصر مرنبتاح الذى حكم مصر بين 1213 - 1203 قبل الميلاد، وهي لوح سميك من حجر الجرانيت تذكر انتصار الملك أمنحتب الثالث فى بلاد الشام، وقد اكتشفها المؤرخ "فلندرز بيترى" فى طيبة -الأقصر حالياً- عام 1896 بعد الميلاد، ويبلغ ارتفاع اللوحة 310 سنتيمترات وعرضها 160 سنتيمتر وسُمكها 32 سنتيمترا، وكانت أساسًا لمعبد الموتى لأمينوفيس الثالث من الأسرة الثامنة عشر ومكتوب على خلفيتها تقرير عن المنشآت التى قام بها الملك في غرب طيبة وفي سوليب والأقصر والكرنك، فيما يرجع اكتشاف عمود مرنبتاح المصنوع من الجرانيت والحجر الرملى، فى ستينيات القرن العشرين، وهو عمود تذكارى أقامه الملك "مرنبتاح" فى رحاب معابد مدينة "أون" الأثرية تخليدًا لذكراه فى هذه المدينة المقدسة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة