تعتبر المشاركه فى الحياة السياسية من أهم الحقوق الأساسية للإنسان فى أى مجتمع ديمقراطى يدعو إلى الاستقرار والأمن والسلام الإجتماعى وهذا يؤدى بدوره إلى الانسجام وروح المحبة بتعزيز العلاقات والتفاهم بقبول الرأى والرأى الأخر من أجل المصلحة العامة بين السلطات العامة فى الدولة وشعبها، لأن الشعب هو وحده المصدر الرئيسى للسلطات وهذا ما نصت عليه ديباجة الدستور المصرى لسنة ٢٠١٤م على أن ((السيادة للشعب وحده،يمارسهاويحميها،وهو مصدر السلطات،ويصون وحدته الوطنية التى تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وذلك على الوجه المبين فى الدستور)) وإذا نظرنا لمعانى النص من الدستور لم يمس أى فئة من فئات الشعب فى مباشرة حقوقه السياسية لأن حق المواطن من مباشرة تلك الحقوق فى التعددية السياسية والحزبية،لايجوز حرمان أى فرد من أفراد المجتمع من ممارساتها لأن المشرع الدستورى أطلق العمومية فى معنى النص بقولة السيادة للشعب كله فهو مصدر السلطات، ولم يختص بها فئة معينة من فئات الشعب دون الأخرى ولكن يختص بها جميع الطوائف من المواطنين على أرض مصر وإن كانت مباشرة الحقوق السياسية قد اختص بها فئة معينة من فئات الشعب لم يعجز المشرع بأن يستبدل عبارة السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات بعبارة كل فئة معينة من فئات الشعب،ومن هنا يكون لا وجه للرد أن المشرع الدستورى قد اختار فئة معينة من فئات الشعب لمباشرة الحقوق السياسية دون الأخرى لأن هذا معناه تخصيص عموم النص دون مخصص وتقيده دون مقيد وذاك يتعارض مع أصول التفسير.
وقد أعلنها المشرع الدستورى صراحة على حقوق المواطنين من أبناء الشعب على ممارسة هذه الحقوق دون حرمان مطلق لها وقد نصت المادة (٨٧)من الدستور أن (مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق، ويجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب فى حالات محددة يبينها القانون، وتلتزم الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه، متى توافرت فيه شروط الناخب، كما تلتزم بتنقية هذه القاعدة بصورة دورية وفقاً للقانون.وتضمن الدولة سلامة إجراءات الاستفتاءات والانتخابات وحيدتها ونزاهتها، ويحظر استخدام المال العام والمصالح الحكومية والمرافق العامة ودور العبادة ومؤسسات قطاع الأعمال والجمعيات والمؤسسات الأهلية فى الأغراض السياسية أو الدعاية الانتخابية.) ويعتبر كل ما يخالف هذا النص الدستورى باطل بطلانا مطلقا لأن الدستور هو القانون الأسمى والأعلى فى الدولة وهذا ما أكدت عليه المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم ٦٧٣٤لسنة٤٤.ق.ع. بجلسة ٤/٤/١٩٩٩ على أنه ((لأن الدستور هو القانون الأعلى المهيمن على كافة أنشطة سلطات الدولة ومؤسساتها المبينة للمقومات الأساسية للمجتمع والحقوق والواجبات العامة وهو الإطار العام بما يحويه من مبادئ يتعين التزامها من السلطات العامة ومن المواطنين)) بذلك النص الدستورى قد أعطى جميع طوائف الشعب المشاركه فى الحقوق السياسية بصفة مطلقة، دون تمييز بين طبقات وفئات المجتمع لأن حق على الدولة أن تعمل جاهدة على تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين بنص الدستور وقد رأى المشرع الدستورى حرص الدولة على المال العام لأنة ملك الدولة من ناحية ولايجوز إلى شخص مهما يكون وضعة أن يتصرف فيه للدعاية الانتخابية أو أى أغراض أخرى غير مخصصة لأجل المصلحة العامة أو من ناحية أخرى وصول أى يد خبيثة تحاول خفية الوصول إلى المجالس التشريعية والنيابية ويكون هؤلاء أشخاص غير مرغوب فيهم بين بنى وطنهم متخذين المصالح الحكومية والمرافق العامة للدولة فى أغراضهم السياسية أو منبراً للدعاية الانتخابية لهم،فقد حرص الدستور على نقاء مؤسسات الدولة والأموال العامة من هؤلاء الذين يرتدون ثياب الوطنية من استغلالهم لوظائفهم كوسيلة لتحقيق أغراضهم من أجل محاباة فئة معينة عن الأخرى ، فقد سعى المشرع الدستورى للبحث عن تفادى استغلال المال العام ومؤسسات الدولة فى اغراض غير مخصصة من أجلها ويفادى أى انتقادات كانت توجه له فى تميز فئة معينة من فئات الشعب عن الأخرى مخالفا النص الدستورى على تحقيق مبادىء المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين،من خلال نظام سياسى مبنى على جميع الحقوق السياسية والحزبية وتعدد الاحزاب السياسيه دون تنظيم سياسى قائم على حزب واحد بل جميع أفراد الشعب لهم الحق فى تكوين الأحزاب السياسية وحق تكوين الجمعيات الأهلية وحق الإنتخاب وحق الترشح والعضوية فى المجالس التشريعية والنيابية وخير مثال لها مجلس النواب والشيوخ، لأن أى نظام سياسى ناجح قائم على الديمقراطية والتعددية الحزبية دون قيود على حرية الأفراد لعدم المشاركة فى الحياة السياسية، فى ظل نصوص قانونية مشروعة لتجنب الوقوع فى أى ضرر وللمحافظة على الشرعية الدستورية دون إهدارها.
يتضح من خلال النصوص الدستورية التى قد تطرقا بها من خلال هذا المقال وتأيدا لهذه النصوص بالأحكام القضائية فى تأكيد ذلك أن دور السلطات العامة فى الدولة هى صياغة القوانين والتشريعات لحث المواطنين للمشاركة فى الحياة السياسية دون تمييز وقد أحسنت صنعا فى ذلك حتى يتحقق التوازن التشريعى بين السلطات العامة فى الدولة ومجالسها التشريعية والنيابية دون توغل أو تعسف من سلطة على الأخرى ليتحقق المبدأ الفصل بين السلطات للفقية الفرنسى جان جاك روسو للحث على هذا المبدأ لكى تستقل كل سلطة بعملها التى حددها لها القانون، إلا أن اتساع الحقوق السياسية للشروط الواجب توافرها لصاحب الحق كونة مصرى الجنسية وأهلية الترشح أو الحق فى الإنتخاب دون أى عوارض من عوارض الأهلية من جنون وعتى وغير محكوم عليه فى جناية أو جنحة مخلة بالشرف مالم يكن قد رد إليه اعتباره أو أن تكون العقوبة قد نفذت تنفيذاً كاملا أو صدر عنها عفو وسقطت بمضى المدة، وأن يكون قد انقضى من تنفيذالعقوبة أو صدور العفو عنها مدة ست سنوات اذا كانت عقوبة جنحة وتضاعف هذه فى حالتى الحكم للعود وسقوط العقوبة وهذا ما نصت عليه المادة ٥٣٧ من قانون الإجراءات الجنائية لرد الاعتبار للممنوعين قانوناً من مزاولة الحقوق السياسية ونحن نؤيد المشرع الجنائى فى إخراج تلك الفئات السابق ذكرها من مزاولة الحقوق السياسية والحزبية وحقهم فى الإنتخاب لأن من لم يملك حريته فهو غير جدير بحمل الأمانة سواءً كان فى اختياره المرشح لعضوية المجالس التشريعية والنيابية أو المرشح نفسه فى هذة المجالس فكيف يستطيع أن يمارس دوره التشريعى فى الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وهو ليس أهلاً للأمانة التى اختصه بها الدستور فى التشريع حتى يتحقق تطبيق التشريعات للقوانين واللوائح القائمة وتقويم أداء السلطة التنفيذية وأجهزتها المختلفة للقيام بواجباتها،ويكون هذا من خلال مايقوم به المواطنون من حسن اختيارهم لمرشحهم الذى يمثلهم من أجل تحقيق المصلحة العامة، إلا أن ظهور قطاعات جديده فى المجتمع من أصحاب الفقة الرأسمالى تحصنو بالحماية والشرعية الدستورية فى الحقوق والحريات العامة والمشاركة فى الحياة السياسية والحزبية وهذا حقهم مثل باقى حقوق الشعب الأخرى من الطبقات الدنيا، إلا أن هؤلاء يسعون إلى تحقيق أكبر فائدة من الربح فى السيطرة على الأحزاب السياسية والمجالس التشريعية والنيابية وحتى التحكم فى وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئى والإلكترونى بقصد اتخاذ كل ذلك للسيطرة على عواطف الشعب وتوجيه لتحقيق أهداف ومصالح شخصية بهم، وإن كان أرباب الأعمال وأصحاب الثروات اتخذو من عضويتهم فى الأحزاب السياسية والمجالس النيابية وسيطرتهم على الإعلام للتأثير على السلطات العامة فى الدولة لتحقيق أهداف ومصالح مادية وتطويع المجتمع لخدماتهم من خلال التأثير على إرادة الناخب من الفئة المهمشة والدهماء مقابل شراء الذمم بالمال من أجل حصول المرشح على أعلى نسبة تصويت يستطيع العبور بها إلى المجالس التشريعية والنيابية فيعتبر هذا فساداً كبيراً لأن الناخب لة حقوق اختصه الدستور بها فى اختياره مرشحيه فقد يتأثر بالغير من أجل المال سواءً كان فى صورة عينيه مثل مواد تموينية أو فى صورة مادية عن طريق شراء الأصوات بالمال وهذه الأعمال منتشرة جداً فى النجوع والقرى والأحياء الشعبية فى المدن ولها أشخاص مختصين بها لما لها من حرفية يصعب اكتشافها وإن تم اكتشافها فهى يصعب إثباتها بطرق الإثبات العادية لأنها جريمة كبرى فى حق المجتمع، إلا أن يكون هذا مبرراً للعزوف عن المشاركة فى الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية لأن الدولة التى تحترم القانون والدستور تعرف من الوسائل القانونية ما يمكن أن تتفادى بة تلك الآثار السيئة على فرض حدوثها،لأن استعمال هذة الحرية أو الانحراف بها فإن قانون العقوبات زاخر بالجزاءات الرادعة لكل عمل مخالف للقانون، لأن المشاركة السياسية للمواطنين لابد من أن يكون هناك وعى سياسى وثقافى لكى يستطيعون تفهم المشاكل الأساسية التى تواجهم فى سبيل تحقيق أهدافهم من أجل مجتمع ديمقراطى أفضل تمحو فيه الأمية السياسية لتحقيق الإصلاح السياسى والاقتصادى نحو شعب واعى مثقفا سياسياً وفكرياً للوقوف جانب الدولة ومؤسساتها من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى ظل نظام ديمقراطى قائم وتعددية حزبية فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى تحيا مصر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة