تتمتع الشوكولاتة بجاذبية خاصة لدى الناس فى جميع دول العالم والتى تتنوع أشكالها وأنواعها فى قوالب مجمدة أو كمشروب ساخن وغيرها من الطرق المفضلة لدى الشعوب باختلاف ثقافاتهم، وفى مدينة سيبو الفلبينية، قد تقدم وجبة خفيفة بعد الظهر تعرف باسم "ميريندا"، وهذه الوجبة تعد مفاجأةً حلوةً، حيث أنها إناء ضخم من الشوكولاتة الساخنة المخملية السميكة.
وفى المطبخ الفلبينى، تتمتع الشوكولاتة بتاريخ غنى ولذيذ بدءا بالشوكولاتة الساخنة، التى تسمى أيضاً سيكوات أو تسوكولات دى باتيرول، اعتماداً على المنطقة، وتطورت مؤخراً إلى تقنيات طهى جديدة وإبداعات حرفية، وفى هذا الصدد، تقول مؤسسة مبادرة الزراعة المستدامة فى الفلبين، "مشروع الكاكاو"، لويز مابولو، لـ"CNN"، إن "الشوكولاتة ظلت مشهورة لفترة طويلة للغاية فى مطبخنا ونظامنا الغذائى".
وتشير مابولو إلى أنه بالنسبة للفلبينيين، فإنهم يدخلون بجدية إلى مشهد الشوكولاتة الآن، إذ لديهم شعور بالفخر المتزايد بمنتجاتهم المحلية"، حيث كانت أشجار الكاكاو، النبات الذى تُشتق منه الشوكولاتة، محصولًا أساسياً فى الفلبين منذ الحكم الاستعمارى الإسبانى، الذى استمر من فترة عام 1565 إلى عام 1898.
وبفضل تجارة الجاليون وهى عبارة عن سفن تجارية إسبانية ربطت الفليبين بالمكسيك، شقت بذور الكاكاو طريقها عبر المحيط الهادئ لأول مرة، وبحسب الرواية، زرع الإسبان أول شجرة كاكاو عام 1665، ثم قدم الرهبان الكاثوليك الشوكولاتة الساخنة إلى الفلبين، وبعد نحو قرن من الزمان، بدأ المزارعون فى الفلبين بزراعة أشجار الكاكاو فى ساحاتهم الخلفية، وانتشر النبات بسرعة فى جميع أنحاء البلاد.
وتشرح مابولو - التى تعمل أيضاً كطاهية محترفة - "لقد شهدنا زراعة الكاكاو، خاصة فى منطقتى فى كامارينس سور منذ أن وصل الإسبان إلى تجارة أكابولكو وتأسيسها"، مضيفة: "لدينا تربة غنية ورطوبتنا مرتفعة للغاية، وهذا مثالى لزراعة أشجار الكاكاو، كما أنها تنمو جيداً فى باتانجاس، وسيبو، ودافاو، ولديهم أحد أكبر منتجى الشوكولاتة فى البلاد".
وتتذكر مابولو: "كانت لجدتى أشجار الكاكاو الخاصة بها فى الفناء الخلفى، وقد نشأت وأنا أشرب الشوكولاتة الساخنة المعدة منزلياً"، ومثل جدة مابولو، طور العديد من الطهاة المنزليين وصفات الشوكولاتة المتوارثة الخاصة بهم، حيث يقدمونها مع الأرز أو المعجنات أو على شكل شوكولاتة ساخنة.
وعلى الرغم من أن النمط يتغير من منطقة إلى أخرى، إلا أن إحدى الطرق التقليدية لإعداد قدح "سيكوات" تحتاج إلى حبيبات كاكاو محمصة، والسكر، والقشدة، والحليب، ويتم غليها جميعاً فى قدر، ثم خفقها بمضرب تقليدى يسمى باتيرول (أو مولينيلو) لتكون النتيجة مشروب شوكولاتة غنى بالرغوة.
وتدعو المتغيرات الأخرى إلى خلط كتل الشوكولاتة فى الماء المغلى، مما ينتج عنه تجربة أخف من مشروب الشوكولاتة برغوة أكثر، وفى بعض الأحيان يتم تناوله ساخناً، وفى أحيان أخرى يتم تناوله بارداً.
واعتماداً على المنطقة التى تتواجد فيها والوقت من العام، قد تحتوى الشوكولاتة الفلبينية الساخنة أيضاً على المكسرات المطحونة، أو القرفة، أو الفانيليا، أو جوزة الطيب، أو حتى زبدة الفول السودانى، وتختلف كل وصفة عائلية قليلاً، وتضيف مابولو: "فى منطقتى، نزرع الكثير من الفلفل الحار، لذلك نمزج الفلفل الحار مع حليب جوز الهند".
ويعد أحد أسباب اختلاف مذاق الشوكولاتة الساخنة فى كل منطقة النكهة الدقيقة وطبيعة الشيكولاتة، وعلى الرغم من أنها تبدو متشابهة، فإنها تحتوى على رائحة تشبه القهوة، ويمكن الاستمتاع بالشوكولاتة الفلبينية الساخنة بمفردها أو مع بعض المرافقات اللذيذة، مثل الكروس، و"البان دى سال" التقليدى، أى الخبز المملح، وكعك الأرز، وحلوى الدوناتس المقلية.
وفى مناسبة عيد الميلاد، تستمتع عائلة مابولو بكعك الأرز الأرجوانى المسمى بوتو بومبونج، جنباً إلى جنب مع الشوكولاتة الساخنة والـ"أنساياما"، أى خبز الجبن الرقيق، وعلى الرغم من أن العديد من المناطق تنتج الكاكاو.
لكن، بوبوى كوستاس، خبير السياحة المستدامة الذى نشأ فى مدينة سيبو، يقول إن مسقط رأسه هو أحد أفضل الأماكن لتجربة الـ"سيكوات"، وأضاف كوستاس، خلال حديثه لـ"CNN"، إن "وصفتهم فى منطقة فيساياس عادة ما تكون واحدة لواحد، بمعنى كوب واحد من الماء المغلى وقطعة شوكولاتة واحدة، ويحافظ هذا المزيج على تناسق كثيف وسلس لمشروب الشوكولاتة.. ونقوم عادةً بإقرانه بالأرز اللزج المطهو على البخار بحليب جوز الهند وبعض شرائح المانجو الطازجة"، كما يشير إلى أنه يمكن العثور على مشروب الـ"سيكوات" فى كل ركن تقريباً فى سيبو، بدءاً من الباعة المتجولين الذين يقدمون أكواباً بخارية فى الصباح إلى المقاهى أو الفنادق الراقية.
.jpg "download (2)")
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة