كانت أجهزة الأمن تواصل جهودها لفك لغز الجريمة الإرهابية باختطاف وزير الأوقاف السابق الشيخ الذهبى يوم 3 يوليو 1977 على أيدى جماعة «التكفير والهجرة» التى تطلق على نفسها «جماعة المسلمين»، وكان المصريون يحبسون أنفاسهم، من هذه الجريمة الغريبة.. «راجع، ذات يوم، 3 يوليو 2020».
كان يوم 4 يوليو، مثل هذا اليوم، 1977 ثانى أيام الجريمة دون معرفة مكان الشيخ المخطوف، لكنه شهد تطورات مهمة، بدأت مع بيان أصدرته الجماعة، ووزعته عناصر منها، ويبدو من طريقة التوزيع، أن هناك استهتارا أو سذاجة منها.
يذكر مختار نوح فى موسوعته «موسوعة العنف فى الحركات الإسلامية المسلحة»، أنه فى الساعة الحادية عشرة صباح الأحد، 3 يوليو، 1977 توجه محمد جمال السيد وهو المتهم 27 فى القضية إلى مجلس الوزراء ومعه بيان من جماعة «التكفير والهجرة» يتضمن اعترافها بخطف «الذهبى»، وتم القبض عليه.. وفى الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا تم القبض على المتهم جمال حشيش ومعه نسخة من البيان فى مقر وكالة الأنباء الفرنسية، وفى الثالثة مساء تم ضبط المتهم رزق عبد العزيز سالم فى مبنى جريدة «الجمهورية» ومعه نسختان من البيان.
اشتمل البيان على مقدمة وانتهى إلى مطالب، بوصف «نوح»، مضيفا: «كانت خلاصة المقدمة أن الناس ليسوا على دين الإسلام، وأنهم خرجوا من عبادة الله إلى طاعة الطواغيت والأهواء، وأن «جماعة المسلمين» «التكفير والهجرة» هى جماعة الحق، وخلفاء الله فى الأرض، وأنها وضعت خطة نجاة ورشاد للناس ونصحتهم، إلا أنها تعرضت لعداء سافر وبغض زائد من الهيئات الرسمية، وأورد البيان نموذجا لهذه الهيئات فكان منها، وزارة الأوقاف والأزهر، وذلك لسبق اتهام وزير الأوقاف السابق وهو الدكتور محمد حسين الذهبى لـ«جماعة المسلمين» «التكفير والهجرة» بالفسق والضلال والعمالة لجهات أجنبية، وذلك فى «أخبار اليوم» 31 مايو 1972، وقامت وزارة الأوقاف فى عهده بالاشتراك مع رجال الأزهر بوضع كتاب ضد الجماعة من سلسلة «مكتبة الإمام» وزعت منه مائتى ألف نسخة، وأطلق عليها الكُتاب، أى جماعة المسلمين أوالتكفير والهجرة- اسم «الخوارج».
يضيف «نوح»، أن الصحافة كانت من المؤسسات التى تعرض لها البيان، لأنها اتهمت الجماعة بمحاولة قلب نظام الحكم بالقوة، والتحريض على أعمال مخلة بالآداب وبإغراء الشباب على الانحراف حتى وصل الاتهام إلى تبادل الزوجات.واشتمل «البيان» أيضا على مواجهة النيابة والقضاء ومباحث أمن الدولة إلى أن ورد فى البيان ما نصه: لذلك فقد بدأنا شروطنا، واخترنا طريقنا لتأديب عصاة الله، وتأديب مستحلى الضلالة، مبتدئين بـ»محمد حسين الذهبى»، وزير الأوقاف السابق، وصاحب الكذبات البلقاء على الله وجنده، أخذينه كرهينة حتى تتحقق مطالبنا وفى مواعيدها المحددة وهى، الإفراج عن المعتقلين والمسجونين الواردة أسماؤهم فى كشف مرفق فى أجل غايته الثانية عشرة ظهر الاثنين 4 يوليو، مثل هذا اليوم، 1977، وإصدار قرار بالعفو عمن صدر ضدهم أحكام منهم مع الإعلان عن ذلك فى صحف الاثنين 4 يوليو 1977.
أضاف البيان فى شروطه: تسلم الطفلة فاطمة رجب مختار فى العنوان الموضح فى الكشف المرفق، ذلك أن هذه الطفلة أمرت نيابة المنصورة بتسليمها لأحد المنشقين عن الجماعة، وهو ليس والدها بدلا من ابنته التى أخذتها أمها فى أحضانها عندما انفصلت عنه بسبب انشقاقها عن الجماعة، وتحدد أجل التسليم فى الثامنة مساء الأحد «نفس يوم صدور البيان، 3 يوليو 1977.
وأضافت: «دفع التعويض المبدئى ومقداره مائتا ألف جنيه من أوراق النقد المصرية غير المُعلمة والمتسلسلة على دفعتين.. أولاهما مع تسليم الطفلة، والثانية مع 6 من الأفراد المطلوب الإفراج عنهم تحددت أسماؤهم»، أما رابع الشروط: «اعتذار جرائد الأخبار والأهرام والجمهورية ومجلات آخر ساعة وأكتوبر والأزهر»، خامسا: «السماح بنشر كتاب عنوانه «الخلافة» من تأليف شكرى مصطفى، سادسا: «تشكيل لجنة تشتمل على أعضاء من البلاد العربية وخاصة السعودية لمحاسبة رجال نيابة أمن الدولة ونيابة المنصورة ورجال القضاء ومباحث أمن الدولة، وإصدار وعد من رئيس الجمهورية بتشكيل هذه اللجنة يتم نشره فى الصحف».. واختتمت «الجماعة» البيان بقولها: «فى حالة عدم تنفيذ المطالب فى مواعيدها أو تفقد الجماعة أو مطاردتها فإنها سوف تقوم بقتل الشيخ الذهبى».. وقالت: «وقد اكتفينا الآن بما ارتأيتم، وإن عدتم عدنا». كانت البيانات الموزعة مكتوبة بخط اليد، وطبقا لما قرره الطب الشرعى كانت مكتوبة بخط يد شكرى مصطفى، وماهر عبد العزيز بكرى، وأنور مأمون صقر، فماذا حدث بعد صدوره؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة