إن المصائب لا تحدث سُدى، هذا ما أؤمن به، إذا اعتبرنا أن جائحة كورونا هي مصيبة للإنسان فربما هي هدية للمخلوقات الأخرى أو عطية للأجيال الآتية ستُصلح حال الكوكب قبل وصولهم.!
إن الإنسان لا يستفيق إلا حال المصيبة حتى إذا كُشفت عنه تلك المصيبة نسي ما كان قد عاهد عليه نفسه وغيره، إنها طبيعة الإنسان الذي ينسى دائما، لذا إذا تأملنا أن يتعهد الإنسان تعهدات جديدة لصالح البيئة ولصالح أخيه الإنسان أولا، على الأغلب سينسى ما إن يمضي وقت بعد ان تنقضي الجائحة، إلا أن الزمن لم يعد في صالحنا.
لقد كان المتوقع للعام 2020 – عالمياً- أن يكون عام التحولات العلمية العظيمة في تكنولوجيا المعلومات التي تتيح للإنسان أن يعمل كل شيء بمفردة من حجوزات الطيران إلى تلقي أوامر العلاج إلى الحضور السريع في معالجة الازمات وإدارة الكوارث والحساسية التقنية العالية في استقراء مؤشرات الخطر على المستويين البعيد والقريب، ولكننا وجدنا أن (اغسل يدك جيدا) التي كانت تُعد لتعليم الإنسان البدائي أصبح يتلقاها إنسان عصر التكنولوجيا بكثير من (الهلع والانضباط، والجهل أحيانا!) لتظهر هذه الأزمة العالمية أن أذكى التوقعات بعيدة النظر قد يغيرها فيروس لايدُرك بالنظر!، وكأن هذا الفيروس يتحدى البشرية ويذكر الإنسان بالرباط الإنساني الذي أسقطته البراجماتية والعولمة والمنافسة والميكافيلية السياسية والليبرالية الاقتصادية الجديدة التي تخلق المأساة لتخلق منها مصلحة وتنعش المصلحة بخلق كثير من المآسي ويتحكم القوي بمصائر الضعفاء وأحلامهم وآمالهم ودمائهم وأوطانهم ، جاء هذا الفيروس ليرينا فصلاً جديداً من القدرة الإلهية التي كان أضعف وأوهن المخلوقات يدمر ويعاقب أكثر الناس قوة وبطراً وجبروتاً.
فالعقود الأخيرة من حياة الأرض شهدت انفجارات نووية وتسربات لمواد بترولية في مياه المحيطات والبحار، وارتفاعات في المركبات الضارة في الهواء حولنا، هذا كله بخلاف الظلم القهر الذي تمارسه السلطات والنظام الرأسمالي الذي يقدس المادة ولا شيء غيرها!
إن الولايات المتحدة طوال سنوات مضت كانت تقذف فائض القمح في المياه لتحافظ على سعره في السوق، وكذا تفعل دول أخرى في مواد غذائية، الآن يبكي الإنسان ويتأثر وهو يرى المحاصيل الزراعية تعدم لضعف الإستهلاك إثر الأزمة، فهل يعي العالم بعد ذلك قيمة النعم ويكف عن هدرها لأجل المادة.
العالم العربي لديه الفرصة الآن في استغلال موقعه وثرواته ليصنع حضارته بالطريقة التي تتناسب موروثه الثقافي والديني والتاريخي، ولكن الفرصة لا تعني القدرة، لذا قد يتسنى له ذلك بعد أن يعيد ترتيب مفهوم المركز والأقليم والأمة، قد يكون ذلك بعد أن تكمل دورة الأيام تداولها.!
كيف نتعامل مع عدو لا نراه كيف نستعد للمواجهة إذا هاجم علينا هذا الفيروس اللعين الذي لا يري بالعين المجردة؟!!
أصبحنا مُصابون بالهلع والخوف وبدأنا نفرط في استخدام المنظفات والكحول مما تسبب في أضرار لبعضنا في تأثر الجلد أو تأثر النفس من جراء الافراط في الإستخدام!!!
وفي ظل هذا الهلع والخوف أصبح معظمنا يملك وقتا للتأمل والتفكير في العلاقات الأسرية والاجتماعية، أصبحنا في يوم وليلة في المنازل نفكر ونواجه مهام ومسئوليات منزلية واسرية قد نكون نجهلها، ليس بشكل كبير ولكن اكتشفا أننا مقصرون!!
حقاً إننا مقصرون في حقنا أولاً وفي حق من حولنا ثانياً، مقصرون إيضاً مع الله خالقنا وهذا أمر عظيم!!
الوباء سينتهي، لكن إن ينتبه البشر ربما لا ينجو حي على هذا الكوكب من كوارث لاحقة سيكون الإنسان هو المتسبب فيها على الأرجح..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة