قرأت لك .. "تأمل يوما بعد يوم" كيف تصبح رؤيتك أكثر وضوحا

الخميس، 30 يوليو 2020 07:00 ص
قرأت لك .. "تأمل يوما بعد يوم" كيف تصبح رؤيتك أكثر وضوحا غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقرأ مع كتاب "تأمل يوما بعد يوم.. 25 درسًا للعيش بوعى كامل" تأليف كريستوف أندريه، ترجمة سامح عبد الكريم صالح.
 
يقول الكتاب:
أن نتأمل هذا يعنى أن نتوقف عن الفعل، عن الحركة، عن البلبلة، ننسحِب قليلًا، نبتعِد منفردين عن العالم، فى البداية سيبدو لنا الأمر غريبًا، هناك فراغ (فراغ الحركة والفعل)، وانشغال (اضطراب الأفكار والأحاسيس التى نعى فجأة وجودها)، هناك شيء ما ينقصنا؛ معاييرنا، و"الأشياء التى يجِب القيام بها" لكن، فيما بعد، يظهر ارتياح آت من هذا الفراغ، هنا لا تجرى الأمور كما فى "الخارج" حيث تتمسَّك رُوحنا بعدد من الأشياء أو المشاريع، أو ربما القيام بفعل ما، أو التفكير بموضوع مُعيَّن، حيث يبقى انتباهُنا مُنشغِلًا بمسألة ما. 
 
تأمل يوما بعد يوم
 
فى هذه التجربة التأمُّلية الخالية من الفعل الظاهري، نحتاج إلى وقتٍ كى نعتادَها، لتكون رؤيتُنا أكثر وضوحًا؛ كما هى الحال فى اللوحة، عند مرورنا من الضوء إلى العتمة، نكون حينها قد وصلْنا إلى دواخِلنا الحقيقية بالفعل. لقد كانت قريبة جدًّا منَّا، لكنَّنا لم نُجرِّب الذهاب إليها. كنا نتسكَّع فى الخارج؛ فى زمن الضغوط الحثيثة والتنبيهات المُتعِبة، حيث يبقى التواصل بذواتنا بورًا، ودواخلنا مهجورة، بينما كلُّ ما هو خارجنا كان أسهلَ فى الوصول إليه وأكثرَ وضوحًا. فى التجربة التأمُّلية، سنجِد فى دواخلنا غالبًا أرضًا بلا طُرق مُعبَّدة. فى البهو الذى يتأمَّل فيه الفيلسوف نجد قليلًا من الضوء، علينا إذن أن نفتح عيونَنا أكثر. فى دواخِلِنا أيضًا، يُوجد قليل من الوضوح والطمأنينة، علينا إذن أن نفتح عيونَ رُوحِنا على اتِّساعها. 
 
إننا نتوقع أو نأمُل أن نجد هدوءً وفراغًا، لكننا نجد أنفسنا فى سوقٍ كبيرة، صخَب، وفوضى. نتُوق إلى الوضوح، لكننا نجد الارتباك. وأحيانًا يُعرِّضنا التأمُّل للقلق والمعاناة؛ إنه يُعرِّضنا لما يجعلنا نتألم ونُحاوِل تجاهُله بالتفكير بشيءٍ آخر، بالانشغال بمكان آخَر. 
 
وقال الكتاب عن "تهيئة الاضطراب":
يبدو الأمر يسيرًا ظاهريًّا، نظنُّ أنه يكفينا أن نجلس ونُغلِق عيوننا، لكن الأمر ليس كذلك. إنها البداية فقط. بداية لا بدَّ منها، لكنها ليست كافية. 
إذن؟ … إذن يجِب البَدء بالعمل، أن نتعلم كيف ننظر، وكيف نبقى حاضرين هنا، لكن على بُعد خطوةٍ من العالم. هكذا، ونحن جالسون، وعيوننا مُغمَضة، نتعلَّم كيف نُصفِّى اختلاجاتنا. 
 
إنها أول خطوة علينا تجاوُزها؛ أن نبقى صامِتِين، دون حركةٍ ما يكفى من الوقت إلى أن يأتى نوع من الهدوء يُغطِّى ثرثرة روحنا الداخلية، ما يكفى كى نرى بوضوحٍ أكثر، دون إصرار، أو رغبة بأن يتحقَّق الأمر فورًا؛ لأن ذلك قد يدفعنا إلى الفوضى. إذن؛ علينا ترْك كل شيء كى يأتى تلقائيًّا من دواخلنا. 
 
أحيانًا يجب الانتظار طويلًا؛ لأنَّنا لا نستطيع استعجال هذه العملية. نودُّ ذلك، لكن لا نستطيع. فالتأمُّل يأخذ وقتَه، وقد تمضى أيام لا يتراءى لنا فيها شيء. هذا فظيع، أليس كذلك؟! خصوصًا فى زمننا هذا المليء بالوعود الآنية، والنتائج المضمونة. يروى لنا حكماء فلسفة الزن قصصًا بهذا الشأن. ومثال على ذلك هذه القصة التى يسأل فيها تلميذ مُعلِّمه: «سيدي، كم من الوقت يلزمنى كى أصِل إلى حالة صفاء الرُّوح؟» بعد فترة صمت، يُجيبه الفيلسوف: «"ثلاثون سنة" يقول التلميذ: "أوه … هذا وقتٌ طويل. ماذا إذا ضاعفتُ جهودي، إذا عملتُ بجهدٍ أكثر، نهارًا وليلًا، إذا لم أفعل شيئًا آخر؟" بقى الحكيم فترة طويلةً صامتًا، وقال فى النهاية: "إذن، خمسون سنة ".
 
نكون حينها قد وصلْنا إلى دواخلنا الحقيقية بالفعل. لقد كانت قريبة جدًّا منَّا، لكننا لم نُجرِّب الذهاب إليها.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة