حدث فى يومين متتاليين أن أعلنت زوجة ويل سميث خيانتها له ومن ثم صرحت عارضة أزياء كويتية تعرضها للخيانة من قبل زوجها... وهذا يحدث كل يوم - بكل أسف - فالخيانة بأشكالها المتعددة تحدث فى جميع العلاقات ومن كل الأطراف سواء أكانت صداقة أو زواج وحتى فى العلاقات الأسرية ذاتها فعدم الوفاء بأى عهد خيانة.
وإن كانت الخيانة درجات وألوان وأشكال، وأبشعها تلك التى تضرب الميثاق الغليظ وتهدم كيان الأسرة شكلا أو مضمونا وغالبا كليهما.
وبما أن العديد حول العالم يجعل من أخبار المشاهير قبلة اهتماماته المعرفية وربما يتم الاهتمام بها أكثر من الشخص المنوط بالأمر ذاته؛ لذا كان متوقع أن يعلق الجميع على ويل سميث وعارضة الأزياء، وهذا ليس غريبا على الإطلاق، ربما الغريب هو الاهتمام المبالغ فيه، لكن الأغرب على الإطلاق هى الزوايا التى تناولها الأغلب لإبداء آرائهم.
لم أر من يناقش الخيانة كقضية منفصلة بعيدة كل البعد عن التشخيص والإسقاط والتلميح، وإنما انهالت الآراء من الرجال حول كيف لها أن تترك زوجا قدرت ثروته بمبلغ كذا؟ بينما تناولت الفتيات وسامته وشهرته وكيف كان يدللها فكيف تخطت هى ذلك؟!
وفى اليوم التالى تم تبديل الأدوار فتغزل الرجال بجمالها وحسنها ومالها وذكر كل منهم لو كانت هذه زوجتى لأخلصت لها أبدا، وتناولت الفتيات كيف له أن يطعن بجرح غائر فى جسد كبريائها وهى مشهورة وتمتلك المال والجمال الفائق.
قرأت فى المشهد اعوجاجا فى منظومة المعايير فليست القضية كيف يُخان ويل سميث وكأنه إذا كان رجلا عاديا أو فقيرا وربما لا يتمتع بقدر كاف من الوسامة فلا بأس بذلك والعكس صحيح، وإن كانت تلك المرأة لا تمتلك ذلك القدر الصارخ من الجمال فمن المتوقع أو البديهى أن يتركها بحثا عن الجمال ولذهبت الآراء إلى خانة "عنده حق، عندها حق".
إن محاولة إدراك تلك المنظومة المشوهة لتلك المعايير المشخصنة تصيب المرء بقدر كاف من الخوف، الخوف الذى يحول بين المرء ونفسه فيظن يقينا أنه لا بأس من تقبل الخيانة بل وأنه قد يستحق فهو أقل من أن يصان عهده وأن تحفظ كرامته، الخوف الذى يبدل المعايير ويجعل قيمة الفرد فى ماله ويلخص جماله فى ملامحه، فيكتسب ثقته من ذلك وينزف طاقته كى يحصل على الشكل الذى أراده المجتمع له، فلا يجد ما أراد ولا ما أرادوا فيغرق تائها باحثا عن ذاته التى فاتته.
من المروع أن نخلق نموذجا يستحق الحياة وآخر يعتقد أنه لا يستحق سوى الموت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة