انتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من قضايا التحرش، ففي كل صباح كثيرا ما نصحو علي أن هناك شخصا قد قام بالتحرش لإحداهن سواء كان تحرشا لفظيا حيا أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. أخشي أن هذه الظاهرة لم تعد غريبة علي المجتمع، ففي كل مرة يحدث مثل تلك الظاهرة نجد اختلافا كبيرا بين المجتمع، فمنهم من يتعاطف مع المتحرش وينظر للموضوع من ناحية الكبت، وأن هناك شحنة لابد من خروجها ويلقي باللوم علي الفتاة وملبسها وتربيتها مع إدانته قولا لفعل التحرش، فبالرغم من أن ذلك الرأي لا يلقي لوما أبدا علي المتحرش أو حتي فعلة التحرش، إلا أنهم يقولون إنهم ينبذونه، وعلي الصعيد الآخر فإن هناك من يري أن ملبس الفتيات حرية شخصية فكل شخص حر فيما يأكل ويشرب ويلبس في مجتمع يفسر جميع المفاهيم فيما يحبه وينفذها فيما يرضيه إن استطاع، وبذلك ينقسم المجتمع في كل مرة بين مدين المتحرش ومدين متعاطف أيضا.
ولكني هنا اليوم لأوضح حقيقة ليست غائبة عن أحد، وأنه بالرغم من حديث كل الجهات الدينية والمجتمعية المهنية بذات الشأن عن هذا الموضوع، إلا أن الحديث والتوضيح فقط لم يعودا ينفعان بدرجة تذكر، فالتحرش في مجتمعنا لم يصبح فقط حكرا علي الأنثي بل امتد ليطال الرجال كبيرا منهم أو صغيرا، عجوزا كهلا كان أو شابا يافعا، وهنا سأتناول وجهة النظر التي تقول إن ملبس المرأة حرية شخصية وأن لا أحد يحق له أن يلقي باللوم عليها لمجرد لبسها أو أنها تصبح فريسة لأحدهم، ومن باب الحريات الشخصية أيضا والحفاظ علي حقوق الغير وهو حق المراعاة، ألا يجب أن تراعي الفتيات مشاعر الرجال بأعمارهم المختلفة، أليست تلك غرائز موجودة بداخل كل شخص منا لا يقدر أن يتحكم فيها البعض، ألا تعد تلك الملابس التي لا يجب أن تخرج بها سيدة من شباك بيتها أداة لتحريك الغرائز، بل يمكن أن أتشجع وأقول أليس ذلك تحرشا بالرجال؟، أي عاقل يأتي ببنزين بجانب نار ويقول إن ذلك لن يشتعل؟ أي عقل وأي منطق؟، يجب أن يتوقف كل هذا الهراء.
التحرش مشكلة خطيرة أصبحت تهدد البنيان المجتمعي الأسري وليس مجرد فعلة فاضحة يفعلها بعض المكبوتين أو حتي المعتوهين، إنما هي فعلة تنم عن خلل جسيم في البناء الأسري، الأسرة هي المعنية الأولي بالتربية حتي وإن فسد المجتمع كله، وإن كان أكثر من يعاني من التحرش هم السيدات فكل أم قامت بالتقصير في تربية أبنائها تحصد تربيتها الآن، وكل أب تناسي القيم التي تربي عليها ولم يغرسها في أبنائه لاستقواء الحياة والمعيشة عليه فهو يحصد حصاده الآن، الأفعال المشينة والمكبوتون موجودون دائما وفي كل العصور ولن ينتهوا ولكن التربية وغرس القيم التي من شأنها بناء الأسر والحفاظ علي المجتمعات وخصوصيات الآخرين أيضا يجب التمسك بها حتي لا تنتهي وينتهي معها كل شىء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة