الدكتورة داليا مجدى عبد الغنى تكتب:لا تدفع الحائط بيديك

الجمعة، 05 يونيو 2020 04:24 م
الدكتورة داليا مجدى عبد الغنى تكتب:لا تدفع الحائط بيديك د./ الدكتورة داليا مجدى عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا تُحاول دفع الحائط بيديك، فمهما كانت قوة إرادتك، وصلابة يديك، فلن تستطيع أن تدفع الحائط، فتكوينه يختلف كلية وتمامًا عن تكوين يديك، والحائط هنا كناية عن المستحيل، واليدين كناية عن المحاولة، حقًا كما قال "نابليون بونابرت": "لا مستحيل تحت الشمس"، ولكن هناك أمور تكاد تكون مُستعصية، ولا يرجع عصيانها لإرادة الإنسان، أو ذكائه وقدراته، وإنما يرجع إلى تكوينها وتكوينه.

فهناك علاقات يستحيل استمرارها، ليس لضعف أطرافها، أو أحدهم، وإنما لطبيعة تكوين كل منهم، فمن المستحيل أن يختلط الزيت بالماء، فهذه قاعدة علمية، لا يمكن إنكارها، أو الاختلاف عليها.

وأكبر دليل على ذلك أن هناك محاولات تثبت فشلها مع البعض، رغم كل ما يتم تقديمه من تنازلات وتضحيات؛ فالسبب هو محاولة البعض دفع الحائط بأيديهم، وهذا مستحيل على الإطلاق، فلو لم تجد من أمامك يفهمك، وفقدت شعورك بالكامل معه، فتأكد أنه سيتحول لحائط منيع، لن تستطيع دفعه بيديك، فالحياة بسيطة، رغم كل تعقيداتها، ولذا ليس من المنطقي أن نترك كل جمالها وبساطتها، ولا نرى سوى مشكلة واحدة ليس لها حل.

فالإنسان خلق لكي يبدع، وأهم إبداع في حياته هو الاندماج مع من يشابهه، والتشابه لا يعني التطابق، ولكنه يعني أن تجد من ترتاح له نفسك، ويشبع إنسانيتك، فتكون معه على طبيعتك، فيكون بلسمًا شافيًا في حياتك، وليس حائطًا صلبًا، صعب المراس.

فالصداقة تأتي من التشابه والارتياح، والحب يأتِ من التفاهم والاحتواء، والزواج يأتي من التكامل والاندماج، وكل العلاقات تأتِ من المرونة والبساطة، فالحرب استثناء، فلو تحولت إلى قاعدة، فبلاشك ستندثر البشرية، فالحياة لا تبنى على الحروب والهزائم والنصر، وإن كانت هذه جزء منها كدليل على الإرادة والنجاح، ولكنها في الأساس تبنى على السلام والأمان والرحمة، فما معنى أن تفني عمرك في سلسلة حروب متوالية في علاقاتك، فهنا ستنتهي الحياة، دون أن تجد المأوى والملاذ، فإن كان للحرب متعة التحدي، ونشوة النصر، فمما لاشك فيه أن للسلام متع، لا يمكن سردها على سبيل الحصر.

فابحث عن الحضن الدافئ، ودع برودة النزاع، واستسلم للأمان التام، واترك ساحة النزال، وإن كنت مصرًا على استعمال يديك، فلا ترهقهما بدفع الحائط، فالأولى بك أن تزرع بها الورود لتزين بها حياتك، وتنعم برائحة نسيمها، مع من يرى فيك كل الوجود.

بقلـــم

د./ الدكتورة داليا مجدى عبد الغنى

 

 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة