خطة عاجلة لتطوير الأسواق العشوائية

1105 أسواق عشوائية موجودة فى مصر طبقا لتقديرات المهندس خالد صديق المدير التنفيذى لصندوق تطوير العشوائيات، وهو ما يخلق مشكلة كبيرة تتطلب تحركا عاجلا من أجل وضع تصور لضبط الأمر، خاصة أن هذه النوعية من الأسواق تمثل مصدرا كبيرا للعدوى وانتشار فيروس كورونا.

تبدو التجربة الصينية فى مواجهة الوباء ملهمة فى هذا الصدد، حيث تم فى البداية تطهير الأسواق بصورة كاملة والحيلولة دون انتشار العدوى، خاصة أن بداية ظهور الفيروس كانت فى سوق ووهان.

تدرك الحكومة وصناع القرار جيدا أن هذه النوعية من الأسواق تمثل مصدرا لدخل عدد كبير من الأسر، وهو الأمر الذى يجب أن يتم أخذه فى الحسبان جيدا عند اتخاذ أى قرار على أرض الواقع فيما يتصل بهذه الأسواق .

فى 20 سوقا جرى تطويرها خلال الفترة الماضية، كان القرار الأول للجهات المختصة بعد تجهيز المقار الحضارية للأسواق هو نقل البائعين بعد حصرهم جيدا لمكان أكثر تنظيما وإحكاما بما يعنى توفير أكبر قدر من الحماية والتأمين لهم وللبائعين.

وجود قاعدة بيانات شاملة خاصة بالبائعين فى كل سوق أمر بالغ الأهمية من جميع النواحى، كما أنه يضمن توفير مظلة لرعاية هؤلاء البائعين فى حالة الإصابة أو المرض، كما يضمن أيضا عدم وجود أى قدر من المغالاة أو التلاعب فى الأسعار فإدراك الجميع أن هناك جهة رسمية تراقب وتدير يعد ضمانا كبيرا للعملية برمتها.

لست فى حاجة إلى التذكير بأن خطورة الأسواق العشوائية تم إدراكها ورصدها قبل سنوات طويلة من ظهور فيروس كورونا، حيث تم الكشف عن أطنان من السلع المجهولة المصدر أو منتهية الصلاحية والتى تقوم مافيا الثراء السريع بطرحها للأسف فى هذه الأسواق مستغلة ضعف الرقابة عليها، وهو ما يتسبب فى كوارث عدة.

لا يجب أن تغيب الرقابة عن أى حلقة من حلقات تداول السلع خاصة الغذائية منها، وذلك حرصا على مصلحة الجميع تجار ومشترين، تطوير الأسواق العشوائية أظن أنه يتواكب مع دعوات الدولة لدمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى، وهو الأمر الذى يعد اعترافا واضحا بمشاكل الملايين مع العاملين فى هذا القطاع وضرورة أن يكون ضمن مظلة عناية الدولة باعتبارهم منتجين وبائعين ومشترين.

لسنا مع طرف اليوم ضد آخر، فلا نناصر المشترى على حساب التاجر أو العكس، ولكن نحن مع ضرورة أن يكون هناك نظام عام يضمن لكل شخص أن يحصل على حقه كاملا.

من حق البائع أو التاجر البسيط أن يحصل على هامش ربح يضمن له الوفاء باحتياجات أسرته كاملة دون أى مطاردة أو مصادرة لبضائعه من قبل المحليات، كما أن من حق المشترى أن يحصل على أجود سلعه بأرخص سعر طبقا لحالة العرض والطلب وهذا كله لن يحدث إلا فى أسواق حضارية تشرف عليها الدولة بأجهزتها المختلفة وتحدد لها أماكن معينة بعيدا عن الزحام وقطع حركة الطرق الذى يحدث فى بعض الأيام بسبب الأسواق العشوائية اليوم.

وضع خطة شاملة لتطوير الأسواق العشوائية يبدو أمرا ملحا اليوم أكثر من أى وقت مضى، خاصة بعد درس كورونا الذى تعلمنا منه جيدا أن الرصد القائم على المعلومات يبدو جوهريا فى المواجهة المبكرة لأى فيروس أو وباء.

حفظ الله مصر من كل سوء.