القارئ رحمن الفياض يكتب: تأملات فى زمن كورنا "قبلة الموت"

الأحد، 21 يونيو 2020 10:00 ص
القارئ رحمن الفياض يكتب: تأملات فى زمن كورنا "قبلة الموت" أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ليس هناك شعب يتفنن ويتقن فنا من فنون الحياة أكثر من الشعب العراقي الذي بات خبيرا في فن المصافحة والتقبيل، فلا نجد تجمعا أو مكانا عاما أو خاصا في الأسواق وفي الشوراع وفي مجالس العزاء إلا وتجد أصوات القبل تصدح في أذنيك، وأما المصافحة فإنها من المسلمات التي لا يمكن الاستغناء عنها.

لكل محافظة طقوسها الخاصة في التقبيل والتحية، فهناك المفرد وهناك المثنى والثلاث والرباع ومابين هز الأكتاف والمصافحة والتقبيل "ضاعت لحانا".

أعرف صديقا لي يخرج من منزله ليتبضع حاجيات من الأسواق القريبة منا، وبعد فترة لا تتجاوز الـ10 دقائق حضر أحد أخوته ليشتري علبة سجائر فإذا به يأخذه بسيل من القبل يمينا ويسارا مع عناق وحضن دافئ، وأنا أنظر بلهفة لهذا الحنان بين الأخوة سألتة: هل كان أخوك مسافرا ولم تره من فترة طويلة، فضحك ضحكة بلهاء وقال كنا قبل عشرة دقائق نتعشى سويا، فتيقنت أن لا حياة لنا بدون القبل والعناق فنحن شعب ينقصه الحنان.

في أحد شوارع العاصمة بغداد انقطع السير لدقائق، وإذا بشخصين تركا سيارتهما في وسط الشارع العام وانهلا على بعضهما بالقبل والعناق والناس تنتظر الفرج بأنهاء تلك الترنيمة الجميلة والمقطوعة الموسيقية"، انت شلونك بعد شلونك والتي يتم تكررها مع القبلة عشرات المرات".

في ظل جائحة كورنا أصبحت القبلة قنبلة موقتة، فأنا وضعت قطعا في مكتبي ممنوع المصافحة والتقبيل، ولكني مرغما في كل يوم أصافح وأقبل القادمين كونه قبل مقدمة المبارك يقف مبتسما وتعلوه ضحكة "ولو هي كورنا بس خلي أبوسك"، وانا أرضخ صاغرا أمام تلك القبل بل أني لا أجرأ على تعقيم يدي أمامه، كوني قد قمت بإهانة إذا فعلت هذا وقد تنالني عقوبة القطيعة في أقل تقدير هذا اذا كان حظي حسن ولم تصلني" الگوامه".

صحيح نحن شعب اجتماعي له تقاليد وأعراف وطقوس خاصة، لدينا راوبط اجتماعية كبيرة نحب التواصل والتزاور فيما بيننا، لكن في ظل هذه الظروف الطارئة بات لزاما علينا الابتعاد عن المصافحة والتقبيل، كي نجب أنفسنا واهلينا شر هذا الوباء، كون أسهل طريقة لنقله هي الملامسة فالنجرب التباعد عسى أن نقترب من بعضنا أكثر.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة