أكرم القصاص - علا الشافعي

قصة مجزرة راح ضحيتها أكثر من 100 شاب سودانى دفنوا فى مقبرة جماعية قبل 22 عام

الثلاثاء، 16 يونيو 2020 12:00 م
قصة مجزرة راح ضحيتها أكثر من 100 شاب سودانى دفنوا فى مقبرة جماعية قبل 22 عام المقبرة الجماعية فى السودان
وكالات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعلن النائب العام السودانى أن بلاده ماضية بكل جدية في معاقبة المسئولين والمتورطين عن ما خلفته أحداث راح ضيحتها أكثر من 100 شاب مجند فيل 22 عام وتحديدا في 1998 ، بقرية العيلفون شرق الخرطوم ، وأن السلطات عثرت على مقبرة جماعية دفن فيها ضحايا الحادثة.
 
هذه الحادثة التى بدأت السلطات السودانية التحقيق فيها ، تعد واحدة من أكبر الجرائم في التاريخ السوداني، حيث قتل فيها  أكثر من 100 مجند أثناء محاولتهم الهرب من معسكر للتدريب، على أمل حضور عيد الأضحى مع أهلهم.

فما قصة هذا المعسكر ؟ وما قصة المقبرة التى عُثر عليها؟ ولماذا الآن؟ 

 

فى عام 1998، في قرية العيلفون، شرق العاصمة السودانية الخرطوم، قالت السلطات السودانية، كان معسكر العيلفون واحدا من أكثر من 10معسكرات تجنيد رئيسية تنتشر في مختلف أنحاء السودان، وكانت تأخذ الشباب إجباريا ، وحتى من هم مازالوا فى سن التعليم الأساسى ، وليس اخياريا لتدريب الآلاف من الصبية بينهم من أكملوا لتوهم امتحانات الدخول إلى الجامعة، وبعضهم يعمل في مهن هامشية، ليتم إلحاقهم بوحدات القتال في مناطق الحروب بالجنوب والنيل الأزرق.
1-1353089
 
مقبرة بعض ضحايا المجزرة في معسكر التدريب
 
وكشف تقرير خاص لموقع سكاي نيوز عربية، أنه لم يكن معظم أولئك المجندين يلتحقون بمعسكرات التدريب برغبتهم أو إرادتهم إنما كان يتم اصطيادهم من الطرقات في حملات منظمة تجوب شوارع الخرطوم والمدن الأخرى في وضح النهار، ويتم أخذهم عنوة للمعسكرات، وكان من الطبيعي أن يخرج الشاب أو الصبي في تلك الأيام لشراء خبز أو أغراض لأسرته ولا يعود، ولا تعرف أسرته عن مكانه إلا بعد أيام من البحث المضني.
 
وعلى الرغم من قصص الإهانات المفرطة التي يرويها من وقعوا في قبضة معسكرات الخدمة الإلزامية في تلك الأيام، إلا أن ما حدث في معسكر العيلفون في ليلة الثاني من أبريل 1998 ظلّ جزءا من الذاكرة السودانية الحزينة، وهو ما دفع بعدد من الناشطين للمطالبة بوضع الملف في مقدمة أولويات العدالة في المرحلة الانتقالية.
 
وتعود القصة الحزينة إلى الحادي والثلاثين من مارس 1998 أي قبل ثلاثة أيام من الحادثة، عندما طلب المجندون من قادة المعسكر إجازة للاحتفال مع أهاليهم بعيد الأضحى الذي كان يصادف اليوم التالي من الحادثة، لكن إدارة المعسكر رفضت طلبهم واتهمتهم بالتمرد على القوانين العسكرية، وحاول البعض النجاة قافزين إلى النهر القريب من سور المعسكر، فقضى الكثير منهم غرقا، وتمكنّ البعض من النجاة. 
 
1-1351516
 
عناصر الدفاع الشعبى السودانى السابق
 
روى الشاهد "م.أ"، الذي كان متواجدا وقت الحادثة داخل المعسكر في دورة تدريبية، وكان حينها ضابطا برتبة الملازم، بعضا من تفاصيل ذلك اليوم حيث أبلغ ضباط الاستخبارات إدارة المعسكر بأن عدد من المجندين يخططون للهروب عند العاشرة ليلا، لكنهم تفاجأوا عند صلاة المغرب بأصوات طلق ناري من ناحية البوابة الرئيسية، ليكتشفوا أن المجندين غيروا توقيت الخطة وقرروا التسلل في ذلك الوقت، مما دفع الوحدة المكلفة بحراسة البوابة لإطلاق النار.
 
وأضاف الشاهد أن الضباط وجنود المعسكر بدأوا في التحرك نحو السور المتاخم للنيل، وكانت أصوات بعض الفارين تسمع عند ضفة النهر، مشيرا إلى أنه شاهد مجموعة تتكون من نحو 50 مجندا استقلت مركبا حديديا تعرض للغرق في منتصف النهر.
 
وحول السبب الذي جعل الدولة أو إدارة المعسكر لا تهتم طوال هذه المدة حتى بتقديم المواساة لأهالي الضحايا، قال الشاهد إن الوضع كان مختلفا فكل شيء كان مسيطرا عليه من القيادة العليا، فذهاب ضباط المعسكر لأهالي الضحايا أو مجرد الحديث عن الواقعة كان سيورطهم في مشاكل كبيرة.
 
ووفقا للخبير القانوني والقاضي السابق محمد الحافظ ، فإن فتح هذه القضية بعد مرور 22 عاما يأتي نظرا لفظاعة الجرم الذي ارتكب، وتفاصيلها المرعبة، فهي من نوع القضايا التي لا تنتهي بالتقادم، حسبما نصت عليه صراحة الوثيقة الدستورية، إضافة إلى القانون الدولي.
 
واعتبر الحافظ في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن هذه الجريمة التي راح ضحيتها أكثر من مئة شاب والطريقة التي ارتكبت بها تمثل جريمة ضد الإنسانية والدولة السودانية، لذلك فإن تداعياتها لا تنحصر على حقوق أولياء الدم فقط.
 
وبيّن الخبير القانوني أن رأس الدولة آنذاك، سيكون على رأس المطلوبين في القضية، والتي تشمل ظروفها اختطافا وحجزا غير مشروع، وارتكاب عمليات قتل مع سبق الإصرار والترصد.
 
وتوقع الحافظ أن تجري محاكمة المتهمين في "الجريمة" تحت المادة 130، حيث لم يكن هناك أي مبرر لاستخدام السلاح في ذلك الوقت، وقد تتضمن قائمة المتهمين في القضية من تنطبق عليهم شروط المساهمة الجنائية سواء من خلال المساعدة أو التحريض أو الأمر أو التنفيذ.
 
ومن جانبه، اعتبر المحامي محمد الأمين أن نبش قبور ضحايا الحادثة يأتي وفق قانون الصحة العامة الذي يتيح لأجهزة التحقيق استخدام كافة الوسائل القانونية الممكنة لإثبات الجريمة، وتدعيمها بالبيانات والأدلة، مشيرا إلى أن لجنة النائب العام التي تتولى التحقيق في هذه الجريمة تعمل على تحديد الجهة التي أعطت الأوامر بالقتل، والأطراف المشتركة في الواقعة.
 
وقالت الصحفية رجاء نمر، إن فتح هذا الملف بعد هذه المدة الطويلة جاء كجزء من عملية سياسية اجتماعية متكاملة لم تكن ممكنة قبل الثورة نظرا لأسلوب البطش والترهيب الذي كان يمارسه النظام السابق.
 
ولفتت نمر إلى وجود العديد من الجرائم التي ارتكبت ضد أفراد الشعب السوداني خلال فترة حكم نظام "الإخوان" البائد، لكن الكثير منها لم يتم الكشف عنها، ولم ينال مرتكبيها العقاب، وظل الضحايا وأسرهم مغلوبين على أمرهم.
 
واضافت نمر قائلة، إنه بعد نجاح الثورة بات من الممكن لكل سوداني تعرض لظلم ما أن يطالب بحقوقه القانونية مهما طال عليها الزمن لان الجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان لا تسقط بالتقادم، مشددة على ضرورة قيام وسائل الإعلام بدورها كاملا من أجل فضح الفظائع والانتهاكات التي ارتكبت ضد المواطنين السودانيين.
 
هذه الجريمة التى تعد أحد جرائم كثيرة قد تشكف عنها التحقيقات الفترة المقبلة قد تطول فيها المحاكمات والإدانات الرسمية العشرات من رموز وقادة نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، حسب مواد قانونية تتعلق بالقتل العمد، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
 
1-1352918









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة