عادل السنهورى

صاحب موال مسلسل "الاختيار" الذى بكى أمامه به عبد الناصر

السبت، 02 مايو 2020 11:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الحلقة الأولى من مسلسل "الاختيار" ظهر جندى الصاعقة "سعد"- الصعيدى الجدع- الذى أدى دوره الفنان محمود حافظ باقتدار وهو يغنى موال شعبى بديع ورائع ولكنه حزين ومؤثر للغاية وراح يستمع اليه البطل أحمد منسى خلال أحداث الحلقة.
 
غنى سعد بصوته .."أنا اللي دمعي بل إيدي من الدنيا اللي شاغلة بالي دي أنا وحشاني بلدي أنا اللي الغربة طالت علي" . ولا بد أن يكون قد تأثر به المشاهدون خاصة من هم فى الغربة بعيدا عن الوطن أو من له حكايات خارج مصر.
 
بحثت عن الموال وصاحبه وكانت المفاجآة..أنه الريس حفنى صاحب الصوت الصعيدى المميز والممزوج بالحزن النبيل الدائم فى صوته وأشهر من غنى سيرة " شفيقة ومتولى" التى كانت الاذاعة تحتفى به دائما منذ الستينات وحتى نهاية السبعينات تقريبا فى برنامج اذاعى شهير يذاع عقب صلاه الجمعة اسمه" أنغام من بلدنا" والذى كان يقدم مجموعة من الأغانى الشعبية لمشاهير هذا الفن مثل خضرة محمد خضر وجمالات شيحة ومحمد طه والريس حفنى وغيرهم وكان يقدمه الاذاعى القدير سيد على السيد وكانت له مقدمة موسيقية رائعة لحنها الموسيقار الفذ بليغ حمدى واسمها "دندش". البرنامج اختفى بعد ذلك ولكن بقيت الأغانى الشعبية الجميلة ساكنة فى الذاكرة مثل "شفيقة ومتولى" التى ظل يغنيها الريس حفنى ويطلبها منه الجمهور كلما ظهر فى حفل أو مناسبة بصوت الربابة المميز.
 
والريس حفنى من بين الكبار الذين ادوا الموال الشعبى ولا أدرى اذا كان تراثه تحتفظ به الاذاعة أم انه ذهب مع ذاكرة النسيان مثلما اختفى كثير من التراث الغنائي.
 
اسمه بالكامل حفنى أحمد حسن ..ولد فى قرية بنى مر – قرية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر – بمحافظة اسيوط عام 1920 وتلقى تعليما محدودا ثم انضم إلى مغني الربابة في أسيوط، حتى رحل إلى البلينا في سوهاج وهناك تلقى فنون الموال حيث كانت البلينا في زمن الأربعينيات تتميز بانتشار المواويل الصعيدية، لكن كان ما يعانيه هو أنه لا يفهم شيئا من المقامات الموسيقية، وهو ما ساعده فيه الشيخ عبده عبدالراضي. قارئ القرآن..!
 
بدأ الريس حفني طريق شهرته عن طريق سرادق الثقافة الجماهيرية –أين هى الآن-الذي كان يقام كل عام في حديقة الخالدين بالدراسة بالقاهرة، وهو الذي دفعه إلى السفر للأسكندرية وبدا مشواره الغنائى فى اذاعتها المحلية الشهيرة فى ذلك الوقت. 
 
وفى عروس البحر الابيض المتوسط تعرف الريس حفنى على المطربة السكندرية الشهيرة روح الفؤاد صاحبة أغنية "سوق بينا يا أسطى على الكورنيش" وكانت تشبه الفنانة السكندرية الآخرى بدرية السيد فى أداءها. 
 
زاعت شهرة الريس حفنى في المواويل الصعيدية التراثية  وتبسيط لهجتها حتى استمع لها كل أصحاب اللهجات.
 
لم تتوقف شهرة "الريس" حفنى فقط عند حدود المستمعين من المعجبين به بل بلغته شهرته ووصلت الى مسامع "الريس الكبير" جمال عبد الناصر بعد أن غنى له موال كامل بعنوان "بيحكي التاريخ عنه"، ويقول في مطلعه: "من أصدقاء جمال ياما جانا سلاح وجا مال كله حلاوة وجمال عمره ما اعتدى بالشر دائما بالخير يبشر يخاف على كل البشر وفي سنين بسيطة قَدَّمْنَا وعالكنال ثبت قدمنا ورسملنا السكة قدامنا".. وأظن أنه الموال الوحيد الذى سجله للتليفزيون فى حفلة لاضواء المدينة ان لم تخوننى الذاكرة وقدمه فيها الفنان عماد حمدى.
 
اعجاب الرئيس عبدالناصر بالريس حفنى ليس بسبب الموال الذى غناه له أو لأن كلا الرجلين من نفس القرية، بل لإعجاب قديم من عبدالناصر بموال حفنى "طالت الغربة"، الذي ظهر في أولى حلقات مسلسل "الاختيار"، حيث رأى عبدالناصر أن هذا الموال هو أصدق تعبير عن غربته في فلسطين. 
 
ففي فترة الخمسينيات فوجئ ذات صباح بمن يخبره بأن الرئيس عبد الناصر موجود في استراحته بالإسكندرية ويريد أن يراه واعتقد "حفنى" أنها مداعبة من شخص ما لكنه في اليوم التالى وجد نفسه وجها لوجه أمام الرئيس وقام بإلقاء مقطع من أغنية " طالت الغربة" وفوجئ بأن ناصر يبكي ويخبره بأن هذه الأغنية كانت ونيسه في الفالوجا لحرب فلسطين، وأنه يحب صوته وطلب منه أن يسجل أغنياته على أسطوانات، ومن هنا بدأت أغنية في الانتشار في أنحاء مصر.
 
 المفارقة هنا أن الريس حفنى اختفى فجآه فى السبعينات مع تولى الرئيس السادات الحكم رغم الشهرة الكبيرة التى حققها والسبب غير معروف حتى الآن ..هل كانت لأسباب شخصية أم لأسباب أخرى فقد كان فى أوج شهرته ولم يبلغ وقتها الخمسين من عمره ..وربما تفسر آخر اغنية أو موال كتبه قبل اختفاءه فى بداية السبعينات سر غيابه عندما كتب موال يقول فيه :" أنا مظلوم.. أنا مظلوم عاتبني ويمكن.. أنا مظلوم.. حلو ياللي عجبك بعدنا سايبنا ولايف على أعادينا.. تعالى نعاتب بعضينا.. عاتبني ف يمكن.. أنا مظلوم". وقد أعاد المطرب محمد محيى غناءها منذ عدة سنوات
عموما شكرا  مسلسل "الاختيار" الذى أعاد للذاكرة المصرية والوعى المصرى واحد من أهم أعمدة التراث الغنائي الشعبى فى مصر ..الريس حفنى ..وهو الدور الوطنى الذى يؤديه المسلسل الآن فى ايقاظ الوعى فى كل اتجاه.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة