رب ضارة نافعة فلا أحد يعرف مراد الله في كونه وشؤونه في خلقة، فلكل شيء حكمة والله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فالله يريد أن يذكرنا أنه موجود وأنه قادر ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو ما يفسر لنا أن فيروس الكورونا الضعيف الذي لا يري بالعين المجرده قتل بلا هواده آلاف البشر في كل مكان وما زال يهدد حياة الناس في كل مكان، ووقفت الدول المتقدمة التي ظنت أنها ملكت مقادير الدنيا وبيدها مستقبل البشرية وقفت عاجزة بكل أسلحتها المتنوعة بداية من أسلحة الدمار الشامل والمعجزات العلمية التي حققتها علي مدي قرون طويلة من الإبداع والاختراع والبحث وانتهاء بالأدوية والطب وحتي أعمال السحر والدجل والتعاويز والترانيم وكل ما يخطر علي البال، وقفت عاجزة أمام هذا الفيروس المميت فلا علاج له ولا فكاك منه إلا بالموت الا من اراد الله له الحياة والبقاء، وقد شاهدنا خروج حالات من غرف الإنعاش لكبار السن تم شفائهم بينما مات أشخاص آخرون وهما فى عدد الشباب.
إنها حكمة الله التي تقول لنا جميعا الأمر ليس بيدكم ولا بحساباتكم الأمر فقط بيد الخالق الأعظم "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ"، حتي الملحدون الذين كانوا يتجرؤون علي الله ويقولون اين الله أراد الله أن ينذرهم ويبعث لهم بجند من جنوده إنها آية من آيات الله، فتظل أعناقهم لها خاضعين، كانوا يقولون نحن لا نري الله فأين هو ونحن نقول لهم أن هذا الفيروس الذي يميتكم وتهربون منه وتخافونه هل ترونه أين هو؟، والذي يتأمل في كورونا يلحظ شيئا غريبا وعجيبا، إنه ينتشر ويستفحل في الدول الكبيرة المتقدمة وبعضها ملحدة وكثير منها يحارب الإسلام ويقتل المسلمين هل هذا مجرد صدفة أم هو تحدي الهي لهولاء الجبابرة المتكبرون أراد الله أن يرسل لهم آية صغيرة من آياته لعلهم يعقلون أو يفقهون أو يتفكرون، ويرسل الله بعض آياته تذكيرا وتخويفا للظالمين، ونحن وليس الامر بمعزل عنا ولا بعيد منا ولنتأمل في اننا حتي حرمنا من الصلاة في المساجد فأصبحنا لا نصلي الجماعات ولا حتي صلاة الجمعة، بل وصل الأمر الي وقف العمرة وتوقف الطواف حول الكعبة المشرفة، هذا الأمر الذي لم يحدث علي مر الزمان والتاريخ لماذا الآن ولماذا هذا العقاب؟ فلنتدبر الأمر ولناخذ الأمر مأخذ الجد لا مأخذ عدم المبالاة والاستخفاف والضحك والتهريج، فالأمر للذكري "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ".
فالدين والايمان ليس مجرد صلاة ولا صيام ولا طواف حول الكعبة، ربما أراد الخالق الأعظم أن يقول لنا اننا نظلم بعضنا البعض ولا نرعي حرمة الناس ولا يشعر غنينا بفقيرنا ولا قوينا بضعيفنا ولا كبيرنا بصغيرنا، وكان البعض يتصور انه سيعيش ألف عام وأن نعم الله عليه هو الذي حققها لنفسة كما قال قارون "قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ" ، بعض الناس يحجوون ويعتمرون كل عام وهم يرون الناس يبحثوون عن طعامهم في صناديق القمامة وهم يتجاهلون أن الحج كتب علينا مرة واحدة في العمر وأن الصدقة للمحتاجين يفوق ثوابها حج التطوع وعمرة التطوع.
متي نعود الي الله ونعرف قدره ومراده، الله لايريد عبادتنا ولا إسلامنا ما لم نرفع الظلم عن بعضنا ما لم نتعاون علي البر والتقوي ونرفع من قلوبنا حب الدنيا وأكل أموال الناس بالباطل، هل يحب كل واحد منا لأخيه أو جاره أو زميله ما يحبه لنفسه، وعن أَبي هريرة رضى الله عنه أَن النَّبيَّ ﷺ قَالَ: واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ"، حب لأخيك ما تحبه لنفسك وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، فالكلام كثير والعمل قليل وكما يقول رسولنا صل الله عليه وسلم "الناس في غفلة فإذا ماتوا انتبهو" فاذا مات الانسان قامت قيامته ولا يمكنه العودة للدنيا لاصلاح ما افسده.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة