القبلات فى زمن الكورونا.. مدى قانونية عدم الالتزام التعاقدى بمشاهد التجمعات والأحضان للفنانين.. المشرع أجاز فسخ العقود وتعديلها نظراَ للظروف الطارئة.. والدستور والميثاق الدولى يضمنان حماية صحة الأشخاص

الإثنين، 13 أبريل 2020 06:00 ص
القبلات فى زمن الكورونا.. مدى قانونية عدم الالتزام التعاقدى بمشاهد التجمعات والأحضان للفنانين.. المشرع أجاز فسخ العقود وتعديلها نظراَ للظروف الطارئة.. والدستور والميثاق الدولى يضمنان حماية صحة الأشخاص
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على ما يبدو أن الأزمات التى تسبب فيها فيروس كورونا – كوفيد 19 – لن تتوقف عند إصابة المجال الثقافى والاجتماعى والسياسى والقانونى وغيرها من المجالات فى عدم الالتزامات التعاقدية بين المالك والمستأجر أو البائع والمشترى وبين الأطراف وبعضها البعض، فقد وصل الأمر خلال الساعات الماضية لتأثر المجال الفنى بأزمة كورونا كغيره من المجالات. 

 

الفن جزء لا يتجزأ من العالم

الفن فى حقيقة الأمر جزأ لا يتجزأ فى العالم الذى نعيش فيه، فلا يمكن أن يكون بمعزل عن الواقع الذى نحن فيه، وفى الوقت الراهن لا صوت يعلو فوق صوت "كورونا" الفيروس القاتل، فيزداد الرعب منه حول العالم مع تزايد عدد المصابين وأعداد الوفيات فى دول كثيرة، حول العالم فيما تعانى الدول من انهيار الأنظمة الصحية. 

vzdsdm

ولأجل ذلك ينفذ الفنانون والمنتجون والمخرجون خلال هذه الأيام قرار نقابة الممثلين بوقف تصوير مسلسلات رمضان وعدد من الأفلام التى من المفترض أن تعرض فى عيد الفطر المبارك كإجراء احترازى للوقاية من الإصابة من فيروس كورونا، الأمر الذى يهدد معه مسألة الالتزام التعاقدى بين الأطراف وبعضها البعض، حيث إن كثيراَ من هذه المشاهد تتضمن تجمعات واختلاط الفنانين وبعضهم البعض، وكذا مشاهد من الأحضان والقبلات، ما يهدد معه سلامة وصحة العالم الفنى والقائمين عليه. 

 

مدى قانونية عدم الالتزام التعاقدى بمشاهد القبلات والأحضان للفنانين 

فى التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية طرحت داخل الساحة الفنية خلال الأيام الماضية تدور حول مدى قانونية عدم الالتزام التعاقدي بمشاهد التجمعات والقبلات والأحضان للفنانين بسبب تفشى وباء كورونا، وبالأخص حال استمرار الوضع لفترة طويلة من الزمن قد تستمر أسابيع أو أشهر، فما هو الرأي القانوني حول تلك المسألة الشائكة وما مصير تعاقدات الممثلين والمنتجين حال عدم تنفيذ بنود العقود المتفق عليها؟ وماذا عن طبيعة العقود بين الطرفين هل هي تخضع لقواعد القانون المدنى أم القانون التجارى؟

download (1)

فى هذا الشأن يقول الخبير القانونى والمحامى سامى البوادى من المعروف أنه فى التعاقد بين المنتج للعمل الفنى والممثل يلتزم الطرف الثانى ألا وهو الممثل أو الممثلة بأداء الدور المعهود إليه وفق النص المكتوب والسيناريو، وعليه أن يلتزم بالملابس والماكياج وطريقة الأداء التى يتطلبها الدور والذى سيقوم به تحت إشراف مخرج الفيلم وحسب توجيهاته وأوامره، وعليه إطاعة هذه التعليمات وأى مخالفة لها يترتب عليها فسخ العقد، حيث إنه قد اطلع على نسخة قصة العمل المقدمة من المؤلف واطلع أيضاً على السيناريو الخاص به واقتنع كامل الاقتناع بالدور الوارد له فيه وقبل ما ورد فى النص المكتوب والسيناريو، وهذا ما يتم النص عليه فى التعاقد.

 

عقود الفنانين تخضع للقانون المدنى وليس التجارى

ووفقا لـ"البوادى"، فى تصريح لـ"اليوم السابع"، وبطبيعة هذا التعاقد نجده يخضع لقواعد القانون المدنى إذ أنه يشبه المهن الحرة فهو عمل يعتمد على القدرات والمواهب والميزات الشخصية ولا يسبقه الشراء وتنعدم فيه فكرة المضاربة بل بالتحديد نجده  يمثل عقد المقاولة هو - وفقا للخاصية الأساسية لعقد المقاولة - هو العقد الذى يكلف أحد الأشخاص بناء عليه - المقاول - بأن يصنع شيئا أو عمل لشخص آخر على أن يكون هذا المقاول مستقل فى عمله عن صاحب العمل ومقابل الحصول على أجر معين أو القيام  بخدمات ما أو تقديم عمل ابداعي ما كالخدمات التى يقوم بها الطبيب والمحامى، فتعتبر مقاولة بالرغم من أنهما من أصحاب المهن الحرة ـ فعقود المقاولة قد تكون فى الأشياء المادية -  كما أنها قد تكون أعمال ذهنية.  

download (2)

 

عقود المقاولة وفيروس كورونا

وبحسب "البوادى" وعلى ذلك ينطبق عليه كل القواعد التى تحكم تنفيذ عقود المقاولة فى القانون المدنى ومنها أنه إذا حال أمر ما بين المدين وبين تنفيذ التزامه لسبب أجنبى عنه أو يشكل مضرة وهلاك محتمل جاز له التحلل من تنفيذ هذا الالتزام أو تأخيره أو إنقاصه بما يتناسب مع طبيعة أدائه حتى يزول هذا السبب أو يخف أثره، ومن خبراء القانون من يرى أن الوضع الحالي الذي يفرضه انتشار فيروس كورونا المستجد على المعطيات الاقتصادية ليس فقط فى مصر وإنما على مستوى العالم كله، يتطابق وشرط "القوة القاهرة" التي تحل المتعاقدين من شروط التعاقد لاستحالة تنفيذها. 

فهذه الأوضاع الناتجة عن فيروس كورونا يحكمها حالتان فى القانون المصرى أحدهما تسمى الأحداث الطارئة والأخرى تسمى القوة القاهرة ولكل منهما ضوابط وآثار قانونية وحقوقية، ويستند القانونيون دائما فى الحديث عن العلاقات التعاقدية إلى قاعدة قانونية مشهورة تسمى - العقد شريعة المتعاقدين - والتى تستند بالأساس على المادة 147 من القانون المدني، إلا أنه وخروجا على هذا الأصل، أجازت المادة 147 في فقرتها الثانية للقاضي إجراء تعديل العقد برد التزامه إلى الحد المعقول، وذلك في حالة وقوع حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها،  وهو ما يعرف اصطلاحا بنظرية الظروف أو الحوادث الطارئة.  

download

 

نظريتا الحوادث الطارئة والقوة القاهرة

ولابد أن نأخذ فى الحسبان دوما أن نظرية الحوادث الطارئة محكومة بضوابط موضوعية أربعة، أولها وجود عقد، وثانيها وقوع الحادثة الاستثنائية الهامة بعد ابرام العقد، ثالثها أن تكون الحوادث غير متوقعة، ورابعها أن تجعل هذه الحوادث تنفيذ الالتزام مرهقا - أي صعبا وليس مستحيلا -أن الجزء الأول من المادة "147" وضع معيارا موضوعيا وليس شخصيا لتحديد ما إذا كانت الأحداث طارئة أم لا، وذلك بتحديدها  كلمة "الأحداث الطارئة"  بتلك لتى لا يمكن للشخص الطبيعى التنبوء بها، وعلى هذا فإذا كان الحادث الاستثنائي يمكن توقعه فلا سبيل لإعمال هذه النظرية، وذلك مثل الفيضان أو اختلاف سعر صرف العملات على سبيل المثال – الحديث "البوادى".

أما بالنسبة للجزء الثاني من المادة والتى تتعلق "بأن يكون تنفيذ الالتزام مرهقا للمدين"، فمعناه أن يلحق المدين خسارة فادحة لم تكن لتلحق به إلا لوقوع الحادث الاستثنائي، ولدينا في  مصر على هذا المستوى شقين، الأول هو موضوع القوة القاهرة، ونظرية الظروف الطارئة، وهناك في الدولة نصوص قانونية تعالج الأمرين، والوضع في هذه المرة مختلف، مع وجود تحديات قانونية تفرض التساؤل عما إذا كان فيروس كورونا يمثل قوة قاهرة، ما يعني عقود قابلة للفسخ والتزامات قابلة للتحلل منها، فيما يخص أن يصاب الممثل جراء ما يطلب منه بالفيروس مع كل التنبيهات والتعليمات بمنع الاختلاط والعناق والاحضان والقبلات خشية انتقال الفيروس. 

images

 

المشرع أجاز التحلل من تنفيذ العقد إذا تعارض مع صحة الأشخاص

ففي ظل كورونا، توجد حالات تنطبق عليها نظرية الظروف الطارئة، لكون الظروف واضحة، وتبين استحالة تنفيذ بنود التعاقد في ظل الوضع الراهن الذي تفرضه مخاوف انتشار الفيروس، والمسألة ستتطلب اجتهاداً من المحاكم لتطبيق النصوص القانونية المعمول بها في هذا الصدد.اما الشق الثاني فإنه يمثل في الحالات التي لتنطبق عليها شروط القوة القاهرة، ونضرب مثل إلغاء حفلات الغناء والزفاف بقرارات الدولة فهذا هو القوة القاهرة التي ستفرض على الفنادق على سبيل المثال، رد قيمة الحجز، والغاء التعاقد مغ المطربين والفرق الموسيقية.

خلاصة القول إن وباء كورونا تتوافر فيه الشروط اللازمة لتكييفه حدثا طارئا، فالوباء بطبيعته استثنائيا لا يحدث على سبيل العادة، ولا يمكن للشخص الطبيعى توقعه كما لا يستطيع دفعه، وهو ما يجعله مستوفى لشروط الحدث الطارئ، فلا يكفى المتعاقد التمسك باعتبار كورونا حدثا طارئا لتخفيف التزامه تجاه الأطراف المتعاقدة ،بل يلزمه إثبات الضرر الذى يجعل تنفيذه للعقد عسيرا، أما في حال أثبت المدين استحالة تنفيذ الالتزام تماما  بسبب تداعيات انتشار الفيروس، ففي هذه الحالة يمكن تطبيق نظرية القوة القاهرة التى تعفى المدين من الالتزام كليا، وذلك كله متروك لتقدير المحكمة، وفقا لـ"البوادى". 

download (3)

 

الدستور والميثاق العالمى لحقوق الإنسان ضمنا سلامة صحة الاشخاص

فى سياق آخر يقول المخرج الفنى والمحامى محمد كارم من المنطقي تماما هو أنه لا توجد قوة على هذه الأرض إجبار الفنان على القيام بأي أداء ما يجبره على إيذاء جسده خاصة وأن سلامة الجسد مبدأ عام قديم أقرته كافة القوانين العالمية والمحلية على رأسها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية مناهضة التعذيب التي تحدثت عن السلوك الغير مهني وهو ما يندرج معه إجبار الفنانون على أي  أداء قد يساهم أو يستبب في الإيذاء الجسدي للفنان .

ويُضيف "كارم" فى تصريح خاص - يصل الأمر معنا إلى الدستور المصري الذي أقر بالسلامة الشخصية للجسد وعدم إيذائه أو التعرض له كما نصت بعض المواد في القانون المدني على التعويض المدني لكل من حاول الإيذاء أو التعذيب فيما يدخل لسلامة الجسد، وبناءً عليه وفي شأن الإطار العام للعدوى وفي حدود ما حددته الدولة من إجراءات للحجر لا يستطيع مخرج مثلا الادعاء بعدم التفهم لما هو خطر وما هو أقل خطورة في تأدية المشاهد خاصة وأن طبيعة العمل الفني تخضع للتأويل ويستطيع أي مخرج ومصور الترميز في أي مشهد ولا يستطيع الادعاء أنه فشل في الترميز وانه مصر على أداء المشهد كما هو، وبالتالي يخضع هنا الأمر كله للتقدير الشخصي في الرفض وحرية قبوله لأداء المشهد ويتم الفصل في الأمر برمته أمام القاضي الطبيعي والآمر برمته يتعلق بالنظام العالم فلا يستطيع شخص نكرانه أو التذرع بعدم معرفته وعدم فهمه.  









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة