لملايين المستثمرين.. هل الأثار القانونية لفيروس كورونا تمتد إلى الالتزامات التعاقدية؟.. المشرع الدولى أجاز رفع المسئولية العقدية عن صاحبها حال وجود القوة القاهرة.. وقانونى يوضح متى يكون العقد شريعة المتعاقدين

الإثنين، 06 أبريل 2020 07:30 ص
لملايين المستثمرين.. هل الأثار القانونية لفيروس كورونا تمتد إلى الالتزامات التعاقدية؟.. المشرع الدولى أجاز رفع المسئولية العقدية عن صاحبها حال وجود القوة القاهرة.. وقانونى يوضح متى يكون العقد شريعة المتعاقدين
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أزمة فيروس كورونا لازالت تطل برأسها على كل الموضوعات التى تطرح فى الساحة الاعلامية نتيجة تصدر الأزمة المشهد ليس المصرى فقط ولكن العالمى أيضاَ ومنها مدى تأثير الفيرس على العلاقة أو الالتزامات التعاقدية، وضمن هذه الموضوعات التى تم طرحها فى السابق مدى جواز المستأجر - سواء للمحلات التجارية خاصة المطاعم والمقاهى - أن يطالب المؤجّر بانقاص الأجرة الشهرية طوال فترة الحظر بناء على قرار رئيس الوزراء.  

 

العلاقة التعاقدية بين المؤجر والمستأجر

 

فقد نصت المادة "574" من القانون المدني على أنه، إذا ترتب على عمل من جهة حكومية في حدود القانون نقص كبير في الانتفاع بالعين المؤجرة، جاز للمستأجر تبعاً للظروف أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة، وله أن يطالب المؤجّر بتعويضه إذا كان عمل الجهة الحكومية قد صدر لسبب يكون المؤجّر مسئولاً عنه، كل هذا ما لم يقض الاتفاق بغيره.

download

 

وكذلك تنص الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني على أنه: إذا طرات حوادث استثنائية عامة لم يكن فى الوسع توقعها وترتب على حدوثها ان تنفيذ الالتزام التعاقدى، وأن لم يصبح مستحيلا، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضى تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك. 

 

الاثار القانونية لتفشى فيروس كورونا ومدى امتدادها للعلاقة التعاقدية

 

فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية قانونية دولية فى غاية الخطورة عن الآثار القانونية لتفشى فيروس كورونا – كوفيد 19 – ومدى امتدادها للعلاقة التعاقدية ليس فى الداخل فقط ولكن فى الخارج أيضاَ بين الشركات وبعضها البعض وكذا الأفراد من – رجال الأعمال – بشأن بعض المعاملات التجارية والالتزامات الضريبية والمالية، وذلك بعد أن دفعت العديد من الشركات والمؤسسات العالمية وعلى رأسها الأمريكية والصينية منها المتخصصة في مجالات مختلفة مثل المواد البترولية والغازية والنقل الجوى وصناعة السيارات بوجود حالة - القوة القاهرة – وذلك من أجل التحلل من التزاماتها التعاقدية تجاه زبائنها وعدم أداء غرامات التأخير أو التعويض عن التأخير في التنفيذ أو عن استحالته – بحسب الخبير القانونى الدولى والمحامى بالنقض الدكتور أحمد اليوسفى.

images (2)

 

فى البداية - يجب أن نعلم أنه قد أثارت خلال العشرين سنة الماضية مخاطر الأوبئة والأمراض العديد والعديد من الإشكالات ذات الأبعاد القانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية أيضاَ كما حدث مع أزمة كورونا - في ارتباطها بالأمن الصحي العالمي وبالعوائق الناجمة عنها في مجال تبادل السلع والخدمات، مرورا بوباء سارس سنة 2003 ووباء انفلونزا الخنازير "H1N1" سنة 2009 أو فيروس الإيبولا سنة 2014 ليظهر هذه المرة فيروس يضرب بجذوره العالم بأكمله من شرق إلى غربه وهو فيروس "كورونا" – وفقا لـ"اليوسفى".

 

العالم يتكاتف لتخليص المستثمرين من الهلع الاقتصادى بسبب فيروس كورونا 

ومسألة ظهور جائحة "كورونا" جلعت عددا من الدول على مستوى العالم شرقاَ وغرباَ تبادر خلال الأيام القليلة الماضية إلى تبني هذا الموقف ودعمه، فعلى سبيل المثال أعلن وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي يوم 28 فبراير الماضي بعد اجتماعه مع الشركاء الاقتصاديين أن فيروس - كوفيد 19 - بمثابة قوة قاهرة بالنسبة للمقاولات، وأن الحكومة الفرنسية لن تطبق غرامات التأخير في التنفيذ على الشركات سواء المحلية أو الدولية المرتبطة بعقود مع الدولة، مع طرح إمكانية اللجوء بشكل مباشر إلى الخدمات الجزئية وإعطاء مهل لأداء الأعباء الضريبية والاجتماعية بالنسبة إلى المقاولات التي يثبت تضررها من آثار هذا الوباء، والتخلص من الهلع الاقتصادى القائم بين شركات واقتصاديات العالم. 

محكمة-مصرية

فيروس كورونا الذى تسبب فى طرح نظرية القوة القاهرة على المستويين القانونى والاقتصادى يعد من المواضيع المعقدة التي تحتمل فى حقيقة الأمر الكثير والكثير من التأويلات واختلاف وجهات النظر حول مدى توافر شروط هذه "القوة القاهرة" من عدمه، خاصة عندما نكون أمام وباء صحي عالمي تختلف آثاره بين السلبية والإيجابية باختلاف المواقع والمؤسسات، وباختلاف الظروف المحيطة بالتعاقدات المتنازع بشأنها، إذ إن بعض القطاعات على خلاف الباقي عرفت نموا كبيرا بسبب انتشار هذا الفيروس، خاصة تلك المتعلقة بالتجارة الإلكترونية.

 

ومن المؤكد أن العديد من الشركات المصرية في علاقاتها الاقتصادية ومبادلاتها التجارية والقانونية والدولية ستصطدم بكثير من هذه الاشكاليات التي يتعذر الخوض في تفاصيلها التقنية والمالية، والتي ستؤثر سلبا على عدد من خدماتها وإنتاجاتها والتزاماتها، وذلك بعد إلغاء وتأجيل عدد من الرحلات الجوية وتنفيذ بنود التعاقد للعكثير من السفريات منها سفريات العمرة - على سبيل المثال - والأنشطة واللقاءات، وهو ما تضرر معه الشركاء والمؤسسات المعنية بها، الأمر الذى سيثير معه الحديث بشكل أوسع حول تطبيق نظريتى الظروف الطارئة والقوة القاهرة ومدى إمكانية استفادة هذه المقاولات منها للتحلل من التزاماتها العقدية وتعديلها أو التخفيف منها - الكلام لـ"اليوسفى".

images

فيروس كورونا والقوة الملزمة للعقد

 

الواقع يؤكد أن فكرة "العقد شريعة المتعاقدين" تبنى على ثلاث أسس: أولها قانوني قوامه مبدأ سلطان الإرادة، وثانيها أخلاقي يتمثل في احترام العهود والمواثيق، وثالثها ذو طابع اجتماعي واقتصادي يترجمه وجوب استقرار المعاملات، وهي فكرة توجب احترام مضمون العقد سواء من طرف المتعاقدين أو من جانب القضاء، لكن الأوبئة الصحية كواقعة مادية صرفة تكون لها آثار سلبية واضحة يمكن رصد ملامحها على العلاقات القانونية بوجه عام والعلاقات التعاقدية على وجه الخصوص حيث تتصدع هذه الروابط نتيجة ركود يصيب بعض القطاعات الاستثمارية، مما يجعل من المستحيل أو على الأقل من الصعب تنفيذ بعض الالتزامات أو يؤخر تنفيذها.

 

وما ذكرناه بمثابة وضع قد يمس المؤسسات الصناعية والتجارية الخاصة والعامة، الصغيرة والكبيرة والمتوسطة على السواء، بالنظر للارتباط الكبير والوثيق بين أنشطتها حيث يكفي أن تصاب إحداها بأزمة اقتصادية لكي تهدد الأخريات بدورها - ومن هنا - تبنى الفكر القانوني والاجتهاد القضائي عبر العالم آليتين تعتبران من الوسائل الحمائية للمدينين الذين يصبحون مهددين بالإفلاس أو على الأقل أصبحت ذمتهم المالية مصابة بتصدع خطير، هاتان الآليتان هما نظريتا القوة القاهرة والظروف الطارئة التي ترميان إلى علاج الحالات التي يصير فيها الالتزام التعاقدي مستحيل التنفيذ - القوة القاهرة - أو صعب التنفيذ  - الظروف الطارئة - وهما في الأصل يعدان تطبيقا لمبدأ أخلاقي عام مفاده أنه لا تكليف بمستحيل أو لا تكليف بما يتجاوز الطاقة العادية للإنسان.

download (1)

ففى حقيقة الأمر - لكي يسأل المدين عقديا يجب أن يكون قد أخل بالتزامه العقدي، ومن صور ذلك الإخلال عدم التنفيذ في الوقت المتفق عليه وهو ما يتم وصفه بالتماطل، غير أن هذه المسؤولية العقدية قد ترتفع عن صاحبها إذا ما تمسك بأحد الأسباب الأجنبية عنه والتي تمثل في جوهرها كل الظروف والوقائع المادية أو القانونية التي يمكن للمدعى عليه في دعوى المسؤولية المدنية أن يستند إليها لكي يثبت أن الضرر لا ينسب إليه ولا دخل له فيه وإنما هو نتيجة حتمية لذلك السبب، وتمثل القوة القاهرة أهم صور هذا السبب الأجنبي.

 

هل يعد فيروس "كورونا" أحد تطبيقات القوة القاهرة؟

 

ما مفهوم وشروط القوة القاهرة؟ عرفت محكمة النقض المصرية القوة القاهرة بأنها:" القوة القاهرة بالمعنى الوارد في المادة 165 من القانون المدني تكون حربًا أو زلزالا أو حريقًا، كما قد تكون أمر إداريًا واجب التنفيذ، بشرط أن يتوافر فيها استحالة التوقع واستحالة الدفع".

 

أما شروطها التشريعية الرئيسية فهي ثلاث:

 

- أولا: عدم التوقع.

 

- ثانيا: استحالة الدفع.

 

- ثالثا: عدم صدور خطأ من المدين المتمسك بالقوة القاهرة.

 

ومما لا شك فيه أن كل شرط من هذه الشروط اختلفت بشأن تطبيقه النظريات التشريعات المقارنة والفقهية، لكن من الناحية المبدئية يمكن أن نستخلص منها أن انتشار وباء صحي - مثل فيروس كورونا - كواقعة مادية قد تكون قوة قاهرة، كلما كان لها تأثير مباشر على عدم تنفيذ الالتزام التعاقدي من طرف المدين إذا ما توفر لها شرطان أساسيان وهما عدم التوقع واستحالة الدفع بالكيفية التي سبق توضيحها أما الشرط الثالث المتمثل في خطأ المدين فيظل في هذه الحالة بالخصوص حالة فيروس "كورونا" عنصرا غير مطلوب منطقيا، بل إن الظروف المحيطة بانتشار الفيروس أو تلك المتولدة عنه بصفة مباشرة أو غير مباشرة قد تكون بدورها عبارة عن قوة قاهرة ومن ذلك مثلا وقف استراد بعض المواد الأولية أو رفع أسعار بعضها الآخر.

images (1)

فالقوة القاهرة فى حقيقة الأمر لم تعد محصورة على وقائع محددة دون غيرها فكل واقعة تحققت بشأنها الشروط وجعلت التنفيذ مستحيلا إلا وعدت حالة من حالات القوة القاهرة، ويبقى بطبيعة الحال المدين هو الملزم بإثبات توافر هذه الشروط، هذا الإثبات يكون على سبيل اليقين لا الشك والاحتمال وتتشدد عادة محكمة النقض في مراقبتها لقضاة الموضوع أثناء تعليلهم لسلطتهم التقديرية.

 

موقف القضاء من تأثير الأمراض والأوبئة على تنفيذ الالتزامات العقدية "إشكاليات الزمان والمكان"

 

أولاَ: إشكالية الزمن: السؤال الذى يطرح نفسه هو متى وكيف يتم تقدير شرط "عدم توقع الحدث"، أي فيروس "كورونا" من طرف القضاء؟

 

يتم ذلك بالنظر إلى تاريخ إبرام العقد وهو ما قررته محكمة النقض الفرنسية بجلسة 29 ديسمبر 2009 بمناسبة قضية تتعلق بوباء "شيكونغونيا" الذي ظهر شهر يناير 2006 معتبرة أن شرط "عدم التوقع" الذي يبرر فسخ العقد لم يتحقق ما دام أن الاتفاق تم شهر أغسطس سنة 2006 أي بعد ظهور الوباء بأشهر.

 

توجه قضائي نستشف منه أن هذا الإشكال لن يطرح الآن بمناسبة فيروس "كورونا" بالنسبة إلى العقود القديمة، لكن التساؤل سيطرح بالنسبة للعقود التي أبرمت بعد ظهور هذا الوباء، وهنا أيضا نتوقع حدوث نقاش جاد حول التاريخ الواجب اعتماده لإعلان ظهور فيروس "كورونا"، هل تاريخ إعلانه بالصين؟ أم بالبلد الذي توجد به الشركة التي تتمسك بالقوة القاهرة؟ أم التاريخ الذي حددته منظمة الصحة العالمية؟

 

إشكالية تحديد المناطق الجغرافية المصابة بجائحة فيروس كورونا

 

مسألة تحديد المناطق الجغرافية المصابة بجائحة فيروس كورونا ليست بالسهلة أو اليسيرة لاختلاف المعايير، وقد أثير هذا الإشكال سابقا في نزاعات تتعلق بقضايا الأسفار حيث تم رفض السفر إلى مناطق قريبة، ومحاذية لأماكن وصفت بالخطيرة لانتشار وباء صحي بها، حيث اعتبرت محكمة باريس أن الخطر الصحي لم يكن قاهرا وموجودا بدولة التايلاند وأنه لم يكن مقبولا اعتبار السفر إلى هذا البلد مستحيلا، وفي حكم آخر بتاريخ 25/7/1998 أكدت نفس محكمة باريس أن توقف الطائرة ببلد مجاور لمنطقة تعرف انتشار وباء الطاعون لا يشكل خطرا يفسر أنه قوة قاهرة.

 

 








الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة