حكم يهم ملايين المتعاملين إلكترونياَ.. النقض ترسى مبدأ جديدا باعتماد الرسائل الرقمية وتؤكد: لا يجوز جحدها قانوناَ.. ولا يجوز طلب تقديم أصولها.. والحيثيات: الرسائل يُطعن عليها بادعاء تزويرها فقط

الأربعاء، 01 أبريل 2020 06:30 ص
حكم يهم ملايين المتعاملين إلكترونياَ.. النقض ترسى مبدأ جديدا باعتماد الرسائل الرقمية وتؤكد: لا يجوز جحدها قانوناَ.. ولا يجوز طلب تقديم أصولها.. والحيثيات: الرسائل يُطعن عليها بادعاء تزويرها فقط النقض ترسى مبدأ جديدا باعتماد الرسائل الإلكترونية
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أرست محكمة النقض المصرية، مبدأ قضائياَ جديدا بشأن الرسائل الإلكترونية قالت فيه: "الرسائل الإلكترونية لها حجية فى الإثبات لا يجوز جحدها من الناحية القانونية، ولا يجوز أيضاَ طلب تقديم أصولها ولكن يطعن عليها بالإدعاء بالتزوير فقط ".

المحرر لم يكن في أي وقت مقصورًا على ما هو مكتوب على ورق وحده

محكمة النقض قالت فى حيثيات الطعن المقيد برقم 17689 لسنة 89 قضائية  - ولئن كانت الكتابة على الورق هي الأصل الغالب، إلا أن المحرر لم يكن في أي وقت مقصورًا على ما هو مكتوب على ورق وحده، وكل ما يتطلبه المشرع للإثبات هو ثبوت نسبة المحرر إلى صاحبه، فلا ارتباط قانونًا بين فكرة الكتابة والورق، ولذلك لا يُشترط أن تكون الكتابة على ورق بالمفهوم التقليدي ومذيلة بتوقيع بخط اليد، وهو ما يوجب قبول كل الدعامات الأخرى – ورقية كانت أو إلكترونية أو أيًا كانت مادة صنعها في الإثبات. 

download (1)

وعرفت محكمة النقض البريد الإلكتروني "e – mail"  بأنه وسيلة لتبادل الرسائل الإلكترونية بين الأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة الإلكترونية من أجهزة كمبيوتر أو هواتف محمولة أو غيرها، تتميز بوصول الرسائل إلى المرسل إليهم في وقت معاصر لإرسالها من مُرسِلها أو بعد برهة وجيزة، عن طريق شبكة المعلومات الدولية – الإنترنت - أيًا كانت وسيلة طباعة مستخرج منها في مكان تلقى الرسالة، وسواء اشتملت هذه الرسائل على مستندات أو ملفات مرفقة Attachments    أم لا.  

 

ولقد أجازت القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية للقاضي استخلاص واقعتى الإيجاب والقبول - في حالة التعاقد الإلكتروني - من واقع تلك الرسائل الإلكترونية دون حاجة لأن تكون مفرغة كتابيًا في ورقة موقعة من طرفيها، ذلك أن هذه الرسائل يتم تبادلها عن طريق شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت"، ولذلك فإن أصول تلك الرسائل - مفهومة على أنها بيانات المستند أو المحرر الإلكتروني - تظل محفوظة لدى أطرافها - مهما تعددوا - المُرسِل والمُرسَل إليهم داخل الجهاز الإلكتروني لكل منهم، فضلًا عن وجودها بمخزنها الرئيسي داخل شبكة الإنترنت في خادمات الحواسب Servers للشركات مزودة خدمة البريد الإلكتروني للجمهور – وفقا لـ"المحكمة". 

images (1)

ما هى الحلول إذا تم جحد الصور الضوئية؟

وفى كل الأحوال، فإنه في حالة جحد الصور الضوئية، فلا يملك مُرسِل رسالة البريد الإلكتروني أن يقدم أصل المستند أو المحرر الإلكتروني، ذلك أن كل مستخرجات الأجهزة الإلكترونية، لا تعدو أن تكون نسخًا ورقية مطبوعة خالية من توقيع طرفيها، ومن ثم فإن المشرع وحرصًا منه على عدم إهدار حقوق المتعاملين من خلال تلك الوسائل الإلكترونية الحديثة حال عدم امتلاكهم لإثباتات مادية على تلك المعاملات، قد وضع بقانون تنظيم التوقيع الإلكتروني ولائحته التنفيذية الضوابط التي تستهدف التيقن من جهة إنشاء أو إرسال المستندات والمحررات الإلكترونية وجهة أو جهات استلامها وعدم التدخل البشرى والتلاعب بها للإيهام بصحتها، ولا يحول دون قبول الرسالة الإلكترونية كدليل إثبات مجرد أنها جاءت في شكل إلكتروني، ولهذا فإنها تكون عصية على مجرد جحد الخصم لمستخرجاتها وتمسكه بتقديم أصلها؛ إذ إن ذلك المستخرج ما هو إلا تفريغ لما احتواه البريد الإلكتروني، أو الوسيلة الإلكترونية محل التعامل، ولا يبقى أمام من ينكرها من سبيل إلا طريق وحيد هو المبادرة إلى الادعاء بالتزوير وفق الإجراءات المقررة قانونًا تمهيدًا للاستعانة بالخبرة الفنية في هذا الخصوص.  

 

وقالت المحكمة وحيث إن الشركة الطاعنة تنعَى بالوجه الثانى من السبب الأول وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك تقول إنها قد تمسكت أمام لجنة الخبراء ومحكمة الموضوع بجحد جميع الصور الضوئية للرسائل المرسلة عبر البريد الإلكترونى المقدمة من الشركة المطعون ضدها وأن الشركة الأخيرة لم ترسل لها أية رسائل على البريد الإلكترونى الخاص بالشركة، ومع ذلك فقد التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع وعول على تقرير لجنة الخبراء المنتدبة في قضائه رغم ابتنائه على صور ضوئية لرسائل بريد إلكترونى مجحودة منها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه

images (3)

مواد تنظيم التوقيع الإلكترونى

هذا النعى في غير محله – بحسب "المحكمة" - ذلك أن المشرع في المواد 1، 15، 18 من القانون رقم 15 لسنة 2004 بشأن تنظيم التوقيع الإلكترونى وبإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، وفى المادة 8 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، كان حريصًا على أن تتحقق حجية الإثبات المقررة للكتابة الإلكترونية والمحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية لمنشئها، إذا توافرت الضوابط الفنية والتقنية من حيث ‌أن يكون متاحًا فنيًا تحديد وقت وتاريخ إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية، من خلال نظام حفظ إلكترونى مستقل وغير خاضع لسيطرة منشئ هذه الكتابة أو تلك المحررات، أو لسيطرة المعنى بها، وأن يكون متاحًا فنيًا تحديد مصدر إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية ودرجة سيطرة مُنشئها على هذا المصدر وعلى الوسائط المستخدمة في إنشائها.  

مواكبة التطور التكنولوجى العالمى في المعاملات المدنية والتجارية والإدارية

وهو ما يدل على أن المشرع ارتأى مواكبة التطور التكنولوجي العالمي في المعاملات المدنية والتجارية والإدارية عن طريق تنظيمها ووضع ضوابط لها من أجل ترتيب آثارها القانونية، مدركًا المفهوم الحقيقى للمحرر وأنه لا يوجد في الأصل ما يقصر معناه على ما هو مكتوب على نوع معين من الدعامات Support سواء كانت ورقًا أم غير ذلك، وأنه ولئن كانت الكتابة على الورق هى الأصل الغالب، إلا أن المحرر لم يكن في أى وقت مقصورًا على ما هو مكتوب على ورق وحده، وكل ما يتطلبه المشرع للإثبات هو ثبوت نسبة المحرر إلى صاحبه، فلا ارتباط قانونًا بين فكرة الكتابة والورق، ولذلك لا يُشترط أن تكون الكتابة على ورق بالمفهوم التقليدى ومذيلة بتوقيع بخط اليد، وهو ما يوجب قبول كل الدعامات الأخرى – ورقية كانت أو إلكترونية أو أيًا كانت مادة صنعها – في الإثبات. 

images (2)

 اتفاقية مدة التقادم في البيع الدولي للبضائع

ومن ذلك ما نصت عليه المادة الأولى "ز" من اتفاقية مدة التقادم في البيع الدولى للبضائع "نيويورك، 1974" بصيغتها المعدلة بالبروتوكول المعدِل للاتفاقية "بروتوكول عام 1980" على أنه: "في هذه الاتفاقية:... (ز) تشمل "الكتابة" البرقية والتلكس"، وما نصت عليه المادة 13 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع "فيينا،1980" من أنه: " يشمل مصطلح "كتابة"، في حكم هذه الاتفاقية، الرسائل البرقية والتلكس"، وما نصت عليه المادة الرابعة من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن استخدام الخطابات الإلكترونية "نيويورك، 2005" من أنه:

أ - يقصد بتعبير الخطاب: أي بيان أو إعلان أو مطلب أو إشعار أو طلب، بما في ذلك أى عرض وقبول عرض يتعين على الأطراف توجيهه، أو تختار توجيهه في سياق تكوين العقد أو تنفيذه.  

ب - يقصد بتعبير الخطاب الإلكتروني: أى خطاب توجهه الأطراف بواسطة رسائل بيانات.

 ج– يقصد بتعبير رسالة البيانات: المعلومات المنشأة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسائل إلكترونية أو مغناطيسية أو بصرية أو بوسائل مشابهة تشمل –على سبيل المثال لا الحصر– التبادل الإلكتروني للبيانات أو البريد الإلكتروني أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقي".   

اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولى للبضائع عن طريق البحر

وأنه وفق التعريف الذي أوردته الفِقرة "17" من المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولى للبضائع عن طريق البحر كليًا أو جزئيًا "نيويورك 2008" - قواعد روتردام -  فإن مصطلح الخطاب أو الرسالة الإلكترونية Electronic Communication " يعنى المعلومات المعدة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسيلة إلكترونية أو بصرية أو رقمية أو بوسيلة مشابهة، بما يؤدى إلى جعل المعلومات الواردة في الخطاب ميسورة المنال بحيث يمكن الرجوع إليها لاحقًا".   

download

وبهذه المثابة فإن البريد الإلكتروني Electronic Mail (e - mail) هو وسيلة لتبادل الرسائل الإلكترونية بين الأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة الإلكترونية من أجهزة كمبيوتر أو هواتف محمولة أو غيرها، تتميز بوصول الرسائل إلى المرسل إليهم في وقت معاصر لإرسالها من مُرسِلها أو بعد برهة وجيزة، عن طريق شبكة المعلومات الدولية – الإنترنت - أيًا كانت وسيلة طباعة مستخرج منها في مكان تلقى الرسالة، وسواء اشتملت هذه الرسائل على مستندات أو ملفات مرفقة Attachments أم لا.  

للقاضى استخلاص واقعتي الإيجاب والقبول فى حالة التعاقد الإلكترونى

ولقد أجازت القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية للقاضي استخلاص واقعتي الإيجاب والقبول - فى حالة التعاقد الإلكترونى - من واقع تلك الرسائل الإلكترونية دون حاجة لأن تكون مفرغة كتابيًا في ورقة موقعة من طرفيها، ذلك أن هذه الرسائل يتم تبادلها عن طريق شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت"، ولذلك فإن أصول تلك الرسائل - مفهومة على أنها بيانات المستند أو المحرر الإلكترونى - تظل محفوظة لدى أطرافها - مهما تعددوا - المُرسِل والمُرسَل إليهم داخل الجهاز الإلكترونى لكل منهم، فضلًا عن وجودها بمخزنها الرئيسى داخل شبكة الإنترنت في خادمات الحواسب Servers للشركات مزودة خدمة البريد الإلكترونى للجمهور.   

download (2)

وفى كل الأحوال، فإنه في حالة جحد الصور الضوئية، فلا يملك مُرسِل رسالة البريد الإلكترونى أن يقدم أصل المستند أو المحرر الإلكترونى، ذلك أن كل مستخرجات الأجهزة الإلكترونية، لا تعدو أن تكون نسخًا ورقية مطبوعة خالية من توقيع طرفيها، ومن ثم فإن المشرع وحرصًا منه على عدم إهدار حقوق المتعاملين من خلال تلك الوسائل الإلكترونية الحديثة حال عدم امتلاكهم لإثباتات مادية على تلك المعاملات، قد وضع بقانون تنظيم التوقيع الإلكترونى ولائحته التنفيذية الضوابط التى تستهدف التيقن من جهة إنشاء أو إرسال المستندات والمحررات الإلكترونية وجهة أو جهات استلامها وعدم التدخل البشري والتلاعب بها للإيهام بصحتها، وهو ما قد يستلزم في بعض الحالات الاستعانة بالخبرات الفنية المتخصصة في هذا المجال.

متى تكتسب الرسائل حجية الإثبات وتتساوى مع الورقة المفرغة؟

وفى حال إذا ما توافرت هذه الشروط والضوابط فإن الرسائل المتبادلة بطريق البريد الإلكترونى، تكتسب حجية في الإثبات تتساوى مع تلك المفرغة ورقيًا والمذيلة بتوقيع كتابي، فلا يحول دون قبول الرسالة الإلكترونية كدليل إثبات مجرد أنها جاءت في شكل إلكتروني، ولهذا فإنها تكون عصية على مجرد جحد الخصم لمستخرجاتها وتمسكه بتقديم أصلها؛ إذ إن ذلك المستخرج ما هو إلا تفريغ لما احتواه البريد الإلكترونى، أو الوسيلة الإلكترونية محل التعامل، ولا يبقى أمام من ينكرها من سبيل إلا طريق وحيد هو المبادرة إلى الادعاء بالتزوير وفق الإجراءات المقررة قانونًا تمهيدًا للاستعانة بالخبرة الفنية في هذا الخصوص

images (4)

الرسائل الإلكترونية لا يجوز جحدها

وكان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بلفت نظر الخصوم إلى مقتضيات دفاعهم أو تكليفهم بإثباته أو تقديم المستندات الدالة عليه، إذ إن الأمر في ذلك كله موكول إليهم، وأنه لا يعيب الحكم الالتفات عن دفاع لا يستند إلى أساس قانونى سليم - لما كان ذلك - وكان البين من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها قدمت أمام لجنة الخبراء مستخرجات من البريد الإلكترونى المرسل منها للشركة الطاعنة وتمسكت بدلالاتها، إلا أن الشركة الطاعنة قد اكتفت بجحدها بمقولة إنها صور ضوئية لا قيمة لها في الإثبات إلا بتقديم أصلها، على الرغم من أن هذه المستخرجات في حقيقة الأمر ليست إلا تفريغًا لما احتواه البريد الإلكترونى على النحو السالف بيانه، وليس لها أصل ورقي بالمعنى التقليدي مكتوب ومحفوظ لدى مرسلها، وبذلك تكون بمنأى عن مجرد الجحد، ولا سبيل للنيل من صحتها إلا بالتمسك بعدم استلام البريد الإلكترونى ابتداءً من جهة الإرسال، أو التمسك بحصول العبث في بياناته بعد استلامه، والمبادرة إلى سلوك طريق الادعاء بتزويرها وبعدم مطابقتها للشروط والضوابط المتطلبة بالقانون لصحة المحررات والبيانات الإلكترونية وهو ما خلت منه الأوراق من جانب الطاعنة.

 

ولما هو مقرر من أنه يجب على مدعى التزوير أن يسلك في الادعاء به الأوضاع المنصوص عليها في المادة 49 من قانون الإثبات وما بعدها - كى ينتج الادعاء أثره القانونى دون الوقوف على إذن من المحكمة بذلك، وكان لا يغير من هذا النظر ما تثيره الشركة الطاعنة من أن المطعون ضدها لم ترسل لها أى رسائل عبر البريد الإلكترونى الخاص بها، ذلك أنها لم تدع سبق تمسكها بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، كما لم تعقد المقارنة اللازمة بين عنوان بريدها الإلكترونى المعتمد وبين عنوان البريد الإلكترونى الذى وُجهت إليه الرسائل التى أرسلتها إليها المطعون ضدها، ومن ثم فلا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عن دفاع لم يقدم الخصم دليله، ويكون النعى عليه بما سلف على غير أساس.  

 

 

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة