إن الخوف جزء لا يتجزأ من الطبيعة والحياة البشرية، فتجده لدى الرجل والمرأة والطفل والشاب والقوى والضعيف. ولكن تبقى الفروق الفردية في الأشياء التي يخاف منها الإنسان، فقد يخاف فرد من الكلاب وآخر ينتابه الرعب إذا شاهد فأر. وآخر ترتعد فرائسه إذا لمح حشرة زاحفة كالسحلية. وقد تتغير المخاوف بتغير السن أو بطبيعة البيئة التي يعيش فيها الشخص والمعلومات التي تلقاها بغض النظر عن صحتها من عدمها عن الأشياء التي يخاف منها. والأم التي تبدي انزعاجا أو خوفا عند انقطاع التيار الكهربي، يخرج طفلها إلى الحياة حاملا نفس الانطباع، أما الأم التي لاتعلق على انقطاع الكهرباء أو تبدي تعليقا هادئا يعبر عن ارتياحها للهدوء الذي يجلبه انقطاع التيار فإن ذلك يترسخ في نفوس أطفالها.
إن المخاوف كلها مكتسبة من البيئة التي نعيش فيها، بمعنى أننا لانولد كبشر ونحن نخاف؛ إنما نكتسب المخاوف والموضوعات والمواقف والأشخاص التي نخشاها من خلال الآخرين المتواجدين معنا في البيئة، وأن شدة مايبديه الشخص من مخاوف إنما ترتبط بنوعية العلاقات المتبادلة، والأشياء التي نخشاها قد تكون حقيقية وقد تكون متخيلة اي ليس لها وجود الا في عقل وذهن الشخص، وهذا هو أصعب وأقسى أنواع الخوف.
إن القدرة في التعبير عن مخاوفنا ليست بدرجة واحدة، فهناك من البشر من هو قادر على التعبير عن مخاوفه وهناك الكثير الذي يظن أن المخاوف هي سر الأسرار التي لايجب الإفصاح عنها، وبالتالي رفض مناقشتها مع الآخرين حفاظا على الكرامة وتجنبا الاتهام بالجبن أو الضعف أو الجنون أو حتى السخرية منه. ورغم ذلك فإن للمخاوف جانبها الصحي والسوي والمطلوب، ويتجلى ذلك من خلال أن الخوف يجعل الشخص حذرا ومترقبا ويتجنب أشياء تستحق فعلا أن نتجنبها، وبالتالي فإن هذا الخوف يحمي الإنسان ويحفظه من المخاطر، ونحن نعيش هذه الأيام مخاوف حقيقية من تفشي أحد الأوبئة سريعة الانتشار وهو فيروس كورونا وتكررت التحذيرات العالمية من ضرورة اتباع النصائح الطبية والبيئية والتي تتركز في عدم المخالطة والعناية بالنظافة الشخصية واستخدام المطهرات والكمامات عند الحاجة إليها وارتداء القفازات الطبية التي تستخدم لمرة واحدة
أغلب المواطنين استجابوا وامتثلوا للتعليمات والبعض بالغ في الحذر والخوف حتى أصبحت حياته من شدة الخوف جحيما لايطاق، وهناك قلة استخفوا بالأمر ولم ينتهوا لخطورة الأمر فوقعوا ضحايا لهذا الوباء اللعين. وحاصل القول أن الخوف الطبيعي والحذر المعتاد هو الأمر المنطقي الذي يجب أن يسود أما الخوف المرضى المبالغ فيه فهو أشد أثرا وخطرا على أصحابه من الوباء نفسه لأن الخوف من المرض، مرض، ولايفلت أحد من قدره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة