المسئولية الجنائية عن نقل العدوى بفيروس كورونا.. المشرع جرم نقل العدوى وتصدى لها بعقوبة تصل للسجن 15 سنة.. حدد مفهوم "إعطاء المادة الضارة" بالمعايشة.. و"النقض" تصدت للأزمة من خلال تحديد توافر شرط القصد الجنائى

السبت، 07 مارس 2020 01:30 م
المسئولية الجنائية عن نقل العدوى بفيروس كورونا.. المشرع جرم نقل العدوى وتصدى لها بعقوبة تصل للسجن 15 سنة.. حدد مفهوم "إعطاء المادة الضارة" بالمعايشة.. و"النقض" تصدت للأزمة من خلال تحديد توافر شرط القصد الجنائى كورونا
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ينتشر وباء كورونا في العالم بأسره حاصدا أرواح آلاف البشر ولا يعلم مرساه ومجراه وخطورة هذا المرض، كونه فيروس سريع الانتشار ويتفشى كالنار في الهشيم، إذ ينتقل للمخالطين للمريض لأهون الأسباب كما أنه حتى الآن لم ينتج علاج أو مصل له، ولهذا فإن أهم إجراء طبي في الوقت الحالي هو عزل المصاب به في مكان أمين لكف أذاه عن المحيطين به ومحاولة إنقاذ المريض نفسه.    

مسؤولية الزوج حامل الفيروس عن وفاة زوجه أو ايذائها أو العكس

ولقد أثار فيروس كورونا العديد من التساؤلات منذ الإعلان عنه حول مسؤولية الزوج حامل الفيروس أو أي مرض من الأمراض المعدية بصفة عامة عن وفاة زوجه أو ايذائه، أو العكس، أو محاولة أي شخص دخول الأراضي المصرية وهو يعلم علم اليقين اصابته بالمرض، أو أن يصاب أحد أطراف الأسرة بالفيروس أو غيره من الأمراض المعدية كالزوج أو الزوجة ورغم علمه بالإصابة يخفي الأمر عن زوجه ويباشر حياته الطبيعة، فينتقل الفيروس منه إلى زوجه، فيتوفى متأثرا بالفيروس أو يصاب من جرائه باضطراب صحي وهنا يثور التساؤل عن مسؤولية الزوج حامل الفيروس عن وفاة زوجه أو ايذائه، أو العكس؟  

في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية مسؤولية الزوج حامل الفيروس عن وفاة زوجه أو ايذائه، أو العكس؟ أو بمعنى أدق.. هل تصدى القانون للشخص الذي ينشر فيروس أو مرض مُعدى في المجتمع عن عمد؟ خاصة بعد أن انتشر خلال الساعات الماضية أنه ليس هناك عقوبة واضحة وصريحة لهذه الجريمة، وهو الأمر الذي يخالف الحقيقة والواقع العملى – بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر الأمير فاروق.   

عقوبة إعطاء المواد الضارة تصل للحبس 15 سنة

من المعلوم أن المشرع في قانون العقوبات جرم اعطاء المواد الضارة متي افضت إلى وفاة المجني عليه وجعلها جناية عقوبتها السجن مدة لا تجاوز 7 سنوات وشدد العقوبة إذا ما توافر سبق اصرار أو ترصد على الايذاء من خلال اعطاء المادة الضارة لتصبح السجن المشدد الذي لا يتجاوز 15 سنة طبقا للمادة 236 من قانون العقوبات، وأيضاَ جرم المشرع اعطاء المواد الضارة التي ينشأ عنها مرض أو عجز وقتي عن العمل يزيد عن 20 يوما في المادة 265 من قانون العقوبات وجعل العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين فإن توافر سبق اصرار أو ترصد كانت العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن 3 سنوات، طبقا للمادة 242 عقوبات – وفقا لـ"فاروق".

أما إذا كان المرض أو العجز أقل من 20 يوما كانت العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنة، طبقا للمادة 241 عقوبات، فإن توافر سبق اصرار أو ترصد كانت العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين، طبقا للمادة 242 عقوبات، وأيضا عاقب المشرع اعطاء المواد الضارة على سبيل الخطأ أو الإهمال أو الرعونة أو الاحتياط متي ترتب عليه وفات المجني عليه بالحبس لمدة لا تقل 6 أشهر ولا تجاوز 3 سنوات طبق للمادة 237، أما أن ترتب على الإهمال مجرد مرض أو عجز بعقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنة طبقا للمادة 242 عقوبات.

مفهوم الاعطاء.. وهل تعتبر الفيروسات والميكروبات مواد ضارة تقوم بها الجريمة؟

 وجوهر المشكلة يكمن في أمرين الأول: مفهوم فعل الاعطاء وهي يمكن أن يتحقق بمجرد الملامسة أو بطريقة غير مباشرة كاستخدام حامل الفيروس أدوات المجني عليه أو مشاركته المأكل والمشرب، والأمر الآخر، تحديد ماهية المادة الضارة وهل تعتبر الفيروسات والميكروبات مواد ضارة تقوم بها الجريمة؟ حيث يستقر الرأي بوجه عام على أن فعل الاعطاء؛ لا يقصد به كظاهر لفظه مناولة الجاني المادة الضارة للمجني عليه، وإنما يقصد به اتصال المادة الضارة بمديات جسم المجني عليه بغض النظر عن كيفية هذا الاتصال بدلالة أن المشرع علق التجريم على نشوء مرض أو عجز عن العمل نتيجة هذا الاتصال – الكلام لـ"فاروق".

ولهذا كان للإعطاء مفهوم موسع يقصد به هو كل فعل يتمكن الجاني بمقتضاه من إيصال المادة الضارة إلى جسد المجني عليه ودون أهمية للوسيلة التي تناول المجني عليه بها المادة الضارة متى كان ذلك راجعا إلى سبب من فعل الجاني، وبالتالي يدخل في مفهوم الاعطاء ايصال المادة الضارة عن طريق الملامسة أو استعمال ادوات المجني عليه أو بصفة عامة الحياة المشتركة.  

رأى فقهاء القانون في مفهوم المادة الضارة

أما عن مفهوم المادة الضارة؛ فأغلب الفقهاء على أنها كل مادة صلبة أم سائلة أم غازية يتوسل الجاني ايصالها جسد المجني عليه أو لدينا نقل ميكروب خطير، لأن القانون لم يتطلب أن تكون المادة جسما متحيزا قابلا للوزن مادام أن المسلم به أن الميكروبات والفيروسات شيء مادي يحوزه المصاب وبإمكانه نقله لغيرة، فالعبرة إذن في قيام جريمة اعطاء المواد الضارة ليس بطبيعة المادة ولا بكيفية إعطائها وإنما بأثرها على جسم المجني عليه فإن آثرت في حالة الجسم الصحية تحققت الجريمة وإلا فلا.

ومن ثم فإن نقل الزوج فيرس كورونا إلى زوجته أو العكس ينطبق عليه طبقا لرأينا أحكام جريمة إعطاء المواد الضارة في صورتها العمدية وغير العمدية بحسب قصد الجاني، وما إذا كان قصد الايذاء بإيصال الفيروس أم انتقل الفيروس منه دون قصد وبسبب إهماله وعدم احترازه، كل ذلك مالم يتوافر لدي الزوج نية قتل زوجة من خلال ايصال الفيروس وإلا عوقب بعقوبة القتل العمد. 

تطبيق لمحكمة النقض في إعطاء المادة الضارة

ولا يفوتنا أن نشير الي أن جناية اعطاء المواد الضارة التي يترتب عليها وفاة المجني عليه لا تتطلب غير القصد الجنائي العام المتمثل في ارتكاب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن فعله يترتب عليه المساس بسلامة المجني عليه وصحته دون توافر نية إزهاق روحه متي تحققت علاقة السببية بين اعطاء المادة الضارة والوفاة مأخوذا بقصده الاحتمالي إذ كان يتعين عليه أن يتوقع وفاة المجني علية من جراء إعطاءه المادة الضارة، وذلك طبقا للطعن رقم 12754 لسنة 82 جلسة 2014/04/02 س 65.   

 

 

 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة