د./ داليا مجدي عبد الغني تكتب: عُيون الـمُشاهد

الجمعة، 06 مارس 2020 06:51 م
د./ داليا مجدي عبد الغني تكتب: عُيون الـمُشاهد د./ داليا مجدي عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ألم تشعر في لجظة ما أنك تريد أدوار البطولة، وتأخذ مكانك في صفوف المشاهدين، وكأنك ترفض أن يكون لك دورًا في مسرحية الحياة، ولو بشكل مؤقت، فهذا الشعور ليس بالضرورة أن يكون وليد إحباط، أو يأس، أو رفض للحياة، بل قد يكون نتيجة رغبة ملحة في فهم الحياة، ومشاهدة ردود أفعال الآخرين وسلوكياتهم، دون أن تكون طرفًا فيها.

ففهم البشر، أمر يصعب الوصول إليه، فكيف يمكن لقدرات إنسان أن تغزو فكر بشر، لذا أحيانًا يضطر الإنسان إلى المشاهدة من بعيد؛ لكي يعرف حبيبه من عدوه، والأهم من ذلك، أنك عندما تشاهد فقط تكون أقرب إلى الحيادية، والموضوعية؛ لأنك تكون بعيدًا عن المؤثرات التي تؤثر في عدالة أحكامك.

فمسرح الحياة مليء بالصخب، وكلنا نأمل أن نحصل على أدوار البطولة فيه، لذا نبادر في الأفعال، ولا نعبأ بردود الأفعال، فكل ما يهمنا أن يكون لنا موقف صريح، ومعلن؛ حتى لا نخرج إلى الكواليس، أو ينحسر الضوء عنا، ونُصبح من المجاميع.

وللأسف، في خضم هذه الضوضاء الغوغائية، نفقد القدرة على الحكم الصحيح على مجريات الأمور، وتلتبس لدينا المفاهيم، وتتشابك، حتى نضحى مجرد ألسن تتحدث بلا إدراك، وأعين تبصر بلا بصيرة، وأذن تسمع بلا تمييز، فأحكامنا تُصبح غير سديدة، ونفقد التمييز على الأشياء، وعلى الصالح من الطالح.

فإذا حدث ووجدت نفسك وصلت إلى تلك البُؤرة المُظلمة، فما عليك سوى أن تنزل من على المسرح، وتجلس في صفوف الجماهير، وتشاهد العرض المسرحي المحيط بك، لكي ترى بعين الحقيقة، فحينها سوف تكتشف أن هناك الكثير من الكلمات لم تسمعها من قبل، رغم أنها ترددت أمامك عشرات المرات، وهناك الكثير من المواقف لم تشاهدها، رغم أنك كنت أحد أبطالها؛ والسبب ببساطة أن أقوى عُيون في الدنيا هي عيون المشاهد، وليس عُيون المؤدين للأدوار.

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة