الحجر الصحى.. التاريخ الأسود لـ"العزل".. بدأ مع الطاعون وأصبح ضمن سلطات القضاء فى أمريكا خلال القرن الـ18 لمواجهة "الصفرا".. والأمراض التناسلية قادت الجنود الأمريكان للمصير المظلم خلال الحرب العالمية الأولى

الأربعاء، 04 مارس 2020 06:30 م
الحجر الصحى.. التاريخ الأسود لـ"العزل".. بدأ مع الطاعون وأصبح ضمن سلطات القضاء فى أمريكا خلال القرن الـ18 لمواجهة "الصفرا".. والأمراض التناسلية قادت الجنود الأمريكان للمصير المظلم خلال الحرب العالمية الأولى
كتبت:نهال طارق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يتعرض آلاف الأشخاص حول العالم للحجر الصحي بينما تتدافع الحكومات لمنع انتشار فيروس كورونا، ففي الصين اضطر الآلاف إلى الالتزام بمراكز الحجر الصحي الشامل، وفي إيطاليا أغلقت مدن وبلدات كاملة مما وضع فعليا ما يقدر بنحو 100 ألف شخص تحت الحجر الصحى.

الأزمة ليست الأولى فى من نوعها، فمصطلح الحجر الصحى ككلمة وممارسة لها تاريخ مظلم ومعقد يعود إلى العصور الوسطى، فكلمة "الحجر الصحى” نفسها مشتقة من اللغة الفرنسية "quarantaine" والتى تعنى "حوالى 40"، واستخدمت الكلمة للمرة الأولى بالإنجليزية فى عام 1617 فى إشارة إلى 40 يوم تم احتجاز سفينة كان يشتبه إنها تحمل مرضا معديا بعيدا عن الشاطئ.

وبحسب تقرير نشرته شبكة سى أن إن الأمريكية، فإن مركز السيطرة على الأمراض وثق تاريخ الحجر الصحى، حيث فى القرن الـ 14 عندما بدأ انتشار الطاعون فى عام 1347 فى إيطاليا حيث بدأت المدينة فى ابعاد السفن المصابة عن شواطئها ومع مرور عام أصبحت السلطات الإيطالية اول من استحدث إجراء وقائى رسمى تمثل فى إغلاق الموانئ وإبقاء المسافرين تحت العزل 40 يوما، ومع انتهاء الوباء عام 1352 كان قد توفى نحو 20 مليون شخص.

ومع تقدم الولايات المتحدة فى القرن الـ 18 أصبحت الحماية من الأمراض المعدية من اختصاصات القضاء فى الولايات، حيث قامت مدينة فيلاديلفيا ببناء محطة للحجر الصحى بعد انتشار وباء الحمى الصفراء عام 1793 والذى تسبب فى موت 5000 شخص.

واستمر وباء الحمى الصفراء فى الانتشار مما دفع الكونجرس لتمرير قانون الحجر الصحى الوطنى عام 1878، ولم يتعارض القانون مع حقوق الولايات لكنه اتاح الطريق لمشاركة الحكومة الفيدرالية فى اتخاذ القرارات بشأن الحجر الصحى حيث استلمت المحطات وتحول النظام إلى "نظام وطنى” بحلول عام 1921.

وفى الولايات المتحدة فى مارس 1900 توفى مالك حقل للحطب وكان يحمل الجنسية الصينية بسبب مرض فى الحى الصينى فى ولاية سان فرانسيسكو، بعدها حاصرت السلطات على الفور الحى وفرضت حجر صحى إلزامى على 25 ألف من السكان الصينيين وأغلقت الشركات فى المنطقة.

وفى وقت لاحق من ذلك العام، قضت المحكمة بأن الحجر الصحى كان عنصريًا وأعلن القاضى أن مسؤولى الصحة تصرفوا "بعين شريرة وغير متكافئة".

وبالنسبة جنوب افريقيا تحديدا فى كيب تاون اجبر جميع السكان فى عام 1901 على الدخول للحجر الصحى.

 

 

corona 1

ووفقا للتقرير فخلال الحرب العالمية الأولى علم المسئولين فى الإدارة الأمريكية أن عددا كبيرا من الجنود أصيبوا بأمراض تناسلية وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن حوالى 20 ألف امرأة مصابين بنفس الأمراض تعرضوا للاعتقال دون توجيه تهمة رسمية إليهم، وأضافت الصحيفة انهم كانوا محاطين بأسلاك شائكة وحراس وكثيرا ما كان يتم اجبارهم على الخضوع لفحوصات طبية.

ووصف المؤرخ ألان براندت هذا الفعل بأنه "الهجوم الأكثر تضافراً على الحريات المدنية باسم الصحة العامة فى التاريخ الأمريكى”.

قامت وزارة الصحة والتعليم فى الولايات المتحدة بنقل مسؤوليات الحجر الصحى إلى المركز الوطنى للأمراض السارية، والذى أصبح الآن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

وعندما تولى مركز السيطرة على الأمراض، كانت هناك محطات للحجر الصحى فى كل ميناء ومطار دولى ومعبر حدودى رئيسى.

وفى السبعينيات خفض مركز السيطرة على الأمراض عدد محطات الحجر الصحى من 55 إلى 8 بسبب اعتقاد أن الأمراض المعدية كانت "شيئًا من الماضى” ولكن بعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية التى أثارت مخاوف بشأن الإرهاب البيولوجى وانتشار السارس فى عام 2003 ارتفع عدد محطات الحجر الصحى إلى 20.

قال وايت المؤرخ الطبى من مركز جزن هوبكنز أن الحجر الصحى هو اكثر الإجراءات شراسة يمكن للحكومات أن تتخذها فى مواجهة انتشار مرض أو وباء وعلى الرغم من فعاليتها الان التاريخ أشار أن هذه الممارسة تحتوى على شيء من التهميش.

 

cor 2

 

 

وبحسب التقرير لا يوجد اليوم أى حجر صحى حكومى رسمى فى الحى الصينى بأكمله كما كان الحال قبل 120 عامًا، ولكن مع انتشار كورونا لا تزال الشركات المملوكة للصينيين تتلقى عدد من الضربات الموجعة فى نيويورك وغيرها حيث شهدت المطاعم والمحلات الصينية انخفاضًا حادًا فى عدد العملاء الذين ابتعدوا خوفا من فكرة أن المرض نشأ فى الصين.

يقول الخبراء أن الجهل الواسع والتضليل الخاطئ حول فيروس كورونا الجديد أدى إلى هجمات عنصرية وكراهية الأجانب ضد أى شخص يبدو من دول شرق آسيا.

وقال وايت لشبكة سى أن إن: "فى هذه الأوقات، علينا أن نكون أكثر حذراً وأن ندرك أن الحد من الناس أو الثقافات التى يمكن رؤيتها من خلال عدسة انتشار الوباء ليس طريقة دقيقة تمامًا لفهم البشر".

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة