سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 مارس 1896.. حشود فى المسرح العباسى بالإسكندرية للاستماع إلى أول خطبة للزعيم مصطفى كامل ابن الـ22 عاما

الثلاثاء، 03 مارس 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 مارس 1896.. حشود فى المسرح العباسى بالإسكندرية للاستماع إلى أول خطبة للزعيم مصطفى كامل ابن الـ22 عاما مصطفى كامل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وصل الزعيم مصطفى كامل إلى الإسكندرية، يوم28 فبراير1896 لإلقاء خطبة وطنية كبرى، فنزل فى فندق «آيات» بحى المنشية، لكن صديقه إسماعيل بك شيمى القاضى بمحكمة الإسكندرية المختلطة، أصر على أن يستضيفه فى منزله على شاطئ البحر بجهة الأنفوشى حسب عبد الرحمن الرافعى، فى كتابه »مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية» الصادرة عن «دار المعارف – القاهرة»، مضيفا «ما إن علم أعيان الإسكندرية وأهلها بمقدمه حتى أخذوا يتوافدون على دار»شيمى بك«ليظهروا إعجابهم به، والالتفاف حوله، فكانت الدار مدة إقامته بها مهوى أفئدة الوطنيين.
 
كان »مصطفى كامل«عمره وقتئذ22 عاما فقط «مواليد 14 أغسطس 1874»، وبالرغم من صغر سنه إلا أنه أصبح زعيما للحركة الوطنية المصرية، واقترب لسنوات من الخديو عباس حلمى الثانى «خديو مصر 1892–1914» ويصفه فى مذكراته »عهدى» دار الشروق–القاهرة :«شاءت العناية التى تسهر على الشعوب كما تسهر على الرجال أن ترسل لمصر باذر البذور المنتظر، مصطفى كامل، فهو الذى بدأ فى نشر الفكرة الوطنية فى شباب الدارسين المصريين فى أوروبا، وهو الذى عند عودته من فرنسا أحدث تغييرا أو تحديثا ملموسين، كان شابا يحمل كل رشاقة الشباب، بما فى ذلك الخيالات المقدسة، وفى المفاضلة بين الحياة المادية والحياة الروحية، كان قد اختار الثانية، كان وافدا جديدا على حلبة السياسة، ولم يكن يعرف شيئا عن أساليبها المعقدة الوضيعة، وفى بلاد عريقة كبلادنا مصر فإنك لن تجد المؤهلين إلا على لوحات المقابر، وكان بسيطا وصريحا، وتحت شكله اللطيف كانت تختبئ نفس متفتحة لكل الأحاسيس، وقلب يـتأثر بكل الحنان. 
 
بهذه الصفات التى يذكرها »عباس الثانى«، اتجهت أنظار المصريين إلى مصطفى كامل بعد عودته من جولته الأوروبية التى انتهت يوم 9 يناير 1896 وحسب الرافعى«، تعلقت به آمالهم، وتردد صدى خطبه ومقالاته فى أرجاء البلاد، فأخذت القلوب تلتف حوله كزعيم للحركة الوطنية ومحرر البلاد، واختار مدينة الإسكندرية مكانا لإلقاء خطبته لأنه كان »يأنس فى أهلها الحماسة والوطنية».
 
فى هذا السياق جاءت خطبته يوم 3 مارس، مثل هذا اليوم، عام 1896 فى »المسرح العباسى»، ويصف »الرافعى« حال المسرح والخطاب والجمهور» كان الاجتماع حافلا بالمستمعين من صفوة القوم، وحضره بعض النزلاء الأجانب، وكان الزحام شديدا إذا لم يبق مكان فى التياترو خاليا، وارتد المئات من الناس عن بابه من كثرة الزحام، وقوبلت الخطبة بالتصفيق والحماسة والاستحسان، وكان موضوعها حث المصريين على التمسك بحقوقهم فى الاستقلال والمطالبة بالجلاء واستثارة روح الكرامة والأمل فى قلوبهم، وطلب الخطيب من الحاضرين فى نهاية خطبته أن يقروا نداءه بالجلاء برفع أيديهم، فأقروا بالإجماع نداءه، فكانت مظاهرة قومية رائعة.
 
ينقل »الرافعى«ردود فعل الصحف على هذه الخطبة، ففى جريدة المؤيد جاء: «وبالجملة فإن جميع الذين سمعوا هذه الخطبة الشائقة، أجمعوا على أن حضرة الخطيب الفاضل قد استهوى المسامع بحسن إلقائه وبلاغة منطقه وغزارة مادته، ولطيف اعتداله، إنها الخطبة الأولى التى أقدم على إلقائها شاب مصرى غيور، عرف واجب الوطن وضرورة التفانى فى حبه المقدس بعد أن مر على الاحتلال الأجنبى أربعة عشر عاما»، وأطنبت جريدة «الفاو الكسندرى» التى تصدر بالإسكندرية فى مدح الخطيب، ونوهت بفضله فى تأليف قلوب الوطنيين والنزلاء، وقالت »وهو الأمر الذى كان له أحسن وقع فى النفوس الحرة لاسيما من شاب لا يتجاوز عمره اثنتين وعشرين سنة قام نائبا عن أبناء وطنه فى الدفاع عن حقوقهم».
 
ويؤكد الرافعى، أن الخطبة كان لها دوى عظيم فى الإسكندرية، تردد صداه فى أرجاء مصر، وظهر تأثيرها فى نفوس الإسكندرية يوم عودته إلى العاصمة، القاهرة، فكان توديعه بمحطة الإسكندرية مظاهرة وطنية، إذ اجتمع على رصيف المحطة جمع كبير من الإسكندريين وفى مقدمتهم أعيان المدينة وفضلاؤها لتوديع الضيف الكريم، وقدموا له وساما من الفضة رسم على أحد وجهيه صورة السعف المصرى ومسلة الإسكندرية، وكتب على الوجه الآخر جملة: «برهان الإخلاص من أهالى الإسكندرية للوطنى الغيور مصطفى كامل«، فتقبل الهدية شاكرا، وأمطرت عليه باقات الأزهار والرياحين، وما كاد القطار يتحرك حتى هتف له الجمع الحاشد هتاف الإخلاص والحب وهو يرد التحية شاكرا».
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة