سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 29 فبراير 1956.. طرد جلوب باشا القائد البريطانى للجيش الأردنى ومظاهرات فى الأردن تحمل صور الملك حسين وعبد الناصر

السبت، 29 فبراير 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 29 فبراير 1956.. طرد جلوب باشا القائد البريطانى للجيش الأردنى ومظاهرات فى الأردن تحمل صور الملك حسين وعبد الناصر جلوب باشا والملك حسين
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان العاهل الأردنى الملك حسين فى العاصمة الفرنسية باريس، وأبدى رغبته فى لقاء ثروت عكاشة الملحق العسكرى المصرى فى فرنسا، حسبما يذكر عكاشة فى الجزء الأول من مذكراته «مذكراتى فى السياسة والثقافة».
كان اللواء على أبو نوار ملحقا عسكريا للأردن فى فرنسا، وحمل لصديقه عكاشة رغبة الملك فى الاجتماع به.. يتذكر عكاشة: «فى اللقاء دار الحديث حول الموقف الاستراتيجى للدول العربية وموقف الاستعمار البريطانى فى حرب فلسطين 1948، وتطرق إلى ماكان يجول فى خواطرنا جميعا من أثر قيادة الجنرال البريطانى جلوب للقوات الأردنية فى هزيمة العرب فى حربهم الأولى مع الصهاينة وسياسته العسكرية» 
كان «جلوب باشا» قائدا للجيش الأردنى، ووفقا لعكاشة فإن «أبو نوار»، أفضى إليه بأنه يعتزم الخلاص منه وتحرير وطنه من ربقة السيطرة الاستعمار، وأنه يقضى فترة إبعاد عن الوطن أراده له الجنرال جلوب، ويذكر عكاشة أن أبونوار صارحه بأنه كاشف الملك حسين فيما ينتويه، ويتذكر أنه حين سأله: هل أعددت لهذه الخطة الجسورة عدتها، أجابنى فى ثقة تامة أنه درس الموقف من جميع تفاصيله، وأنه مطمئن كل الاطمئنان لنجاح خطته، ويود لو أن مصر مدت له يد العون. يكشف «عكاشة» أن هذا الأمر كان يتطلب لقاء بين أبو نوار وعبدالناصر، وأنه أخذ يدبر لهذا حتى حدث سرا فى القاهرة، يؤكد عكاشة أنه تلقى رسالة من عبد الناصر بتفاصيل المقابلة، ويتذكر: دار بينهما فى اللقاء حديث طويل عرض فيه أبونوار رأيه بأن تكون مصر على استعداد للحيلولة بين إسرائيل وبين اعتداء على الأردن أو على الأقل أن تكون مستعدة لعون الجيش الأردنى، وذلك بتحرك قوات من الجيش المصرى فى سيناء بعد طرد جلوب والقيادة البريطانية، غير أن عبدالناصر رأى التريث حتى جلاء القوات البريطانية عن قاعدة قناة السويس، وإلا سوف تكون العواقب وخيمة على القوات المصرية إذا هى تصدت فى هذه المرحلة للجيش البريطانى، وقد لا يضمن تدخل العراق الذى كان عندها تحت حكم نورى السعيد وميوله البريطانية غير معروفة، وطلب عبدالناصر إليه أن يرجئ هذه الخطة إلى حين».
يؤكد «عكاشة»: حين عاد أبو نوار إلى باريس والتقى بى، عرف أنى على علم بما كان بينه وبين عبد الناصر، وإذا به يفاتحنى بأنه خرج من هذا اللقاء أثقل هما مما كان من قبل، وأردت أن أروح عنه فنصحته أن يعير حديث عبدالناصر إليه شيئا من الاهتمام، فمما لا شك فيه أن عبد الناصر أدرى بالعواقب، وله نظرة عامة شاملة تزن العوامل والظروف المحيطة، فإذا هو يجيبنى أنه مع عبدالناصر رأيا لا قلبا، وأنه ماض فيما اعتزم،ثم رجانى أن يكون هذا بينى وبينه سرا لا يذاع».
يذكر «عكاشة» أن أبو نوار ترك باريس إلى الأردن، وهناك زاره الملحق العسكرى المصرى وسأله عما ينتويه، فلم يبح له بشىء، وإذا عبدالناصر بعدها يفاجأ بطرد الجنرال جلوب فى 29 فبراير، مثل هذا اليوم ، عام 1956.. يعلق عكاشة: «مما لاشك فيه أن طرد هذا القائد كان عملا من الأعمال الوطنية الرائعة التى أزاحت عن كاهل الأردن النفوذ البريطانى المتسلط». 
يقدم الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل رواية إضافية فى برنامجه «مع هيكل» على فضائية «الجزيرة، إبريل، 2007».. يؤكد، أن جلوب باشا كان وقتها أقوى شخص فى الأردن، وكان من بقايا جنرالات الإمبراطورية ورجال لورانس العرب، ويشير إلى أن الملك حسين كان يعيش فى ظرف حرج وقتها، لفشله فى الانضمام إلى حلف بغداد، بعد أن لقى رفضا شعبيا جعل الأردنيون يخرجون فى مظاهرات، ويهتفون ضده وضد والدته الملكة الأم، فسعى الملك إلى البحث عن طريق لتغطية انكشافه أمام شعبه، ووجد ذلك فى طرد جلوب، فتوجه بنفسه إلى مكتب رئيس وزرائه سمير الرفاعى ومعه أمران ملكيان، الأول بطرد جلوب باشا فوراً دون أن يبيت فى عمان لليلة واحدة مع ثلاثة من معاونيه، والثانى تعيين رئيس أركان حرب للجيش الأردنى وكان اللواء على الحيارى.
يؤكد هيكل، أن هذا التصرف من الملك بدا أمراً غير قابل للتصديق بالنظر إلى موازين القوى، وأن بريطانيا التى تعتبر الأردن صنيعتها، نظرت إلى هذا التصرف بوصفه تجاسراً على رمز الإمبراطورية البريطانية «جلوب»، وظنت أن عبدالناصر وراء الأمر، رغم أن عبدالناصر فى حقيقة لم يكن يعرف ذلك، وهكذا نسب إليه فضل شىء لم يفعله.. يكشف هيكل، أن عبد الناصر علم الخبر منه بعد أن أبلغه به هاتفيا مدير وكالة الأخبار العربية، ولكن ساد منذ ذلك الوقت أن عبدالناصر هو الذى ساهم فى طرد جلوب باشا استهدافاً للإنجليز، وهو ما بدا فى المظاهرات التى خرجت لتؤيد ملك الأردن، وحمل الأردنيون خلالها صور عبدالناصر جنباً إلى جنب مع صور الملك حسين.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة