أحيانًا تبدو الحياة مليئة بالعثرات، والمفاجآت غير السارة، خاصة لو صدرت من أشخاص مُقربين إلى القلب والنفس، وهنا تكون أحكام الإنسان عنيفة، فهي نابعة عن صدمة حقيقة، وألم جارف، فلا يتوانى في فعل أي شيء من أجل إنصاف كبريائه، والانتصاف لإحساسه المُتوجع، وهنا تكون قراراته صادمة، ولا يمنحها فرصة للدراسة، فإصدار القرار في حد ذاته، يكون فيه بعض الشقاء للنفس المُتألمة.
ولكن، هل سيشعر حينها بالسعادة، هل ستستقر الأمور وتهدأ؟ هل سينتهي صراعه مع نفسه، ومع العالم الخارجي؟ بالتأكيد، ستكون الإجابة بالنفي، فالراحة لا تكمن في إرضاء الكبرياء، ولكنها تسكن في التصالح مع النفس ومع الآخرين، فلو توجعت وتألمت من أحد المُقربين، وحاول أن يُغير الصورة الباهتة، ويفتح مجالاً جديدً للتعامل، فما المانع من أن تمنحه الفرصة، وأنت حذر ومُحتاط، فربما تجد ما تتمناه في شخصه، رُبما يكون لديه الرغبة في تعويضك عن كل ما تسبب لك فيه، وربما آمن بقضيتك، وربما يأمل ألا يخسرك مهما حدث، فالأسباب كثيرة، ولكن في النهاية هو بداخله شيء جميل من ناحيتك، فلو تيقنت من ذلك، ومن حُسن نواياه، ومن رغبته في اكتسابك، فلا تُغلق بابك، فطالما أن أبواب السماء تظل دائمًا مفتوحة للخطائين والمُذنبين، فما المانع من أن تكون قُلوب البشر مفتوحة لكل من يُخطئ في حقهم، طالما أنه يحمل لهم مشاعر حقيقية وصادقة.
وهذا الأمر لا يعني فقط التسامح، ولكنه يعني في المقام الأول أن نُدرك أن الحياة قصيرة لا تحتمل الحزن على ما مضى، فيمكننا أن نتناسى الآلام، ولو بشكل مُؤقت، طالما أن من تسبب فيها، لازال يحمل بين طيات قلبه مشاعر دافئة، فربما ينجح في تحويل الآلام إلى أفراح.
فالقلب أوهن من أن يعيش على ذكريات أليمة، والحياة أقصر من أن تضيع في لحظات عناد وكِبْر، والعقل أرجح من أن يرفض المشاعر والدفء.
وكما أننا ندعو أنفسنا للتصالح مع النفس، فعلينا أن ندعوها أيضًا للتصالح مع الآخرين، طالما أنهم طالبوا بذلك، وبحُب وإصرار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة