د./ داليا مجدي عبد الغني تكتب: بِك أم لك

الجمعة، 28 فبراير 2020 04:33 م
د./ داليا مجدي عبد الغني تكتب: بِك أم لك د./ داليا مجدي عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أيهما أفضل، أن تقول أنا أعيش بك، أم أنا أعيش لك، فالمعنيان شديدا الاختلاف، وإن كانا اتفقا في كلمة "أعيش"، ولكن أن تعيش بأحد، فيكون هو العُنصر الذي يجعلك تقوى على الحياة، فبدونه تفتقد القُدرة على التعايش والحياة، أما أن تعيش لأحد، فيصبح هدفًا للحياة.

وهنا يتبادر إلى الذهن، من الأقوى، العُنصر أم الهدف، فلو فقد العُنصر كيف يتسنى للإنسان أن يعيش، ولو فقد الهدف، فما هي الجدوى من الحياة.

الحقيقة، أن الإنسان عادةً يبحث عن أشياء تُعينه على الاستمرارية في الوجود، فهي مُقومات تجعله يحتمل ويصبر، ويبحث كذلك عن معانٍ تجعله يشعر بأهميته في حياة الآخرين، ومدى جدواه.

فالحياة تتطلب الكثير من الأهداف والمُقومات، حتى يكون لها قيمة ومعنى، فهي بدون تلك الأشياء تُصبح رتيبة وقاسية وبلا طعم.

ولكن على الرغم من ذلك، فتلك المُقومات والأهداف أحيانًا ما تكون هي سبب في نهاية الإنسان، لو افتقدها، فمن يعيش بشيء مُعين، أو شخص مُعين، ويفقده، يشعر أن هناك استحالة في قابليته للحياة، أو قُدرته على الاستمرار فيها؛ لأنه فقد أهم عناصرها ومُقوماتها، فقد الشيء الذي كان يمده بالطاقة لكي يعيش.

وكذلك من يفقد الهدف الذي يعيش من أجله، يشعر كأن حياته فقدت معناها وقيمتها، فدائمًا ما تجده يتساءل، لمن أعيش، من يحتاج إلى وجودي؟ وتظل تتردد بداخله تلك الأسئلة، حتى تُحيل حياته إلى ضباب وجحيم.

ولكن مهما حاولنا أن نُثني أنفسنا عن وضع قيم لحياتنا في أشخاص، أو أشياء نعيش بهم أو لهم، ففي النهاية لن نفلح، فهي غريزة فطرية جُبِلْنَا عليها، فنحن دائمًا في حاجة إلى مُقومات، تدعمنا لكي نتحمل آلام الحياة، وفي حاجة كذلك إلى أهداف ومعانٍ، نعيش لها ومن أجلها.

فلا تقل أيهما أهم وأقوى، أعيش بك، أم أعيش لك، فكليهما لا يقل أهمية عن الآخر، وكليهما سبب من أسباب الحياة، ومهما حاولنا، وتجاهلنا تلك الأمور، سنجدها بداخلنا، نبحث عنها، وتبحث عنا، فهي إحدى أسرار الحياة، التي يصعب على الإنسان أن يفهم مغزاها، مهما وسعت مداركه.

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة