محمد أحمد طنطاوى

الفهلوة والحداقة فى السجل المدنى

الخميس، 27 فبراير 2020 11:12 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تجربة الميكنة التي بدأتها الحكومة في العديد من الجهات والهيئات الخدمية، على رأسها السجل المدنى والشهر العقارى، مثيرة للإعجاب، خاصة أنها تختصر الوقت والجهد، وتحترم آدمية البشر، سواء الموظف مقدم الخدمة أو المواطن، فهذه التجربة تجاوزت الشكل التقليدى القديم للمكتب الحكومى المملوء بالأوراق والدفاتر والزحام الشديد، مع نقص الخدمات، إلى الأرقام والتكنولوجيا والحصول على الخدمة بأسبقية الحضور.

ميكنة وتحديث الخدمات الجماهيرية شديدة الأهمية، وإنجاز حقيقى يحسب لدولة 30 يونيو، إلا أن سلوك المواطن مع هذه الخدمات مازال يحتاج إلى الكثير من الترشيد والتوعية، فمازال البعض "على قديمة"، يزاحم ظنا أنه سيدخل أولا، أو يدعى المرض حتى ينال ترتيب متقدم بين الصوف، أو يستخدم الفهلوة المصرى الأصيلة في أن يدخل المكتب للحصول على الخدمة دون تذكرة أو رقم مسلسل يحدد دوره.

ما أرصده في السطور السابقة وليد تجربة عملية منذ ساعات، فقد اتجهت في الثامنة صباحا إلى مكتب السجل المدنى في الدقى، الموجود داخل قسم الشرطة، المكان نظيف ومهيأ لاستقبال المواطنين، وحضور الموظفين منضبط في مواعيد العمل الرسمية، وتجد دائما من يرشدك ويقودك إلى الاتجاه الصحيح، حيث تدخل أولا لتحصل على رقم مسلسل بترتيب قدومك إلى المكتب وتجلس في صالة كبيرة بها مقاعد جيدة وتهوية مناسبة وشاشات إلكترونية ونداء آلى على الأرقام المسلسلة وفق الترتيب من الأقدم إلى الأحدث.

أغلب من في السجل المدنى يبحثون عن شهادات الميلاد الحديثة المميكنة من أجل التقديم للمدارس الخاصة، التى بدأت تفتح أبوابها لتقى الطلبات وقد كنت أحد هؤلاء، أبحث عن شهادة ميلاد لابنى الصغير "عمر"، للتقديم في مرحلة ما قبل رياض الأطفال، فقد اعتادت أغلب المدارس هذا السلوك، فلا تقبل الأطفال من " كى جى 1 " بل تؤهلهم قبلها لمدة عام فيما يعرف باسم "بيبى كلاس"، المهم أنى حصلت على رقم 15 من بين الحضور، وجلست أنتظر النداء الآلى.

كل شيئ كان يعمل بصورة منضبطة داخل السجل المدنى ما عدا سلوكيات المواطنين، فالكل يدخل من الباب ويتجه نحو الموظف مباشرة دون أن ينتظر دوره، وبقدرة قادر يتصور أن دوره يسبق كل الموجودين مع العلم بأن المكان ممتلئ عن آخره، لتكون النتيجة إهدار وقت الموظف ووقت من ينتظرون، وعلى الرغم من أن الجميع يعرف أن دوره سيكون من خلال الرقم إلا أنه يصر على السؤال دون جدوى.

جزء آخر من الموجودين في مكتب السجل المدنى يحاول تأليب الجماهير وإيهامهم بأن الأمر لا يسير وفق الدور المعلن، وهناك من يدخل ويخرج دون "رقم"، مع العلم بأن من يقوم بهذه المهمة حضر المكتب لتوه، ويحتل الترتيب الأخير في أسبقية الحضور، جزء ثالث من المواطنين يحاول الحصول على دور غيره بـ "الحداقة" كأن يقول:" هو أنا لازم أخد رقم ؟".

الحكومة قدمت التسهيلات وطورت الخدمة، لكن يجب أن نُحسن سلوكياتنا وتعاملنا مع هذه الخدمة، حتى تكون بالصورة التي تليق بالمواطن المصرى، فالتكنولوجيا التي قصًرت المسافات واختصرت الوقت، تحتم علينا أن نتعاون لتحقيق أهدافها.

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة