القارئة باسنت شاهين تكتب: بلاد تانية

الخميس، 20 فبراير 2020 08:00 م
القارئة باسنت شاهين تكتب: بلاد تانية صندوق قمامة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد أن عشت أغلب سنوات عمرى خارج البلاد وأعنى بخارج البلاد دولة عربية شقيقة ليست أوروبا مثلاً، اعتدت على بعض العادات التى أقوم بتطبيقها فى يومى العادى، والتى من أهمها الاهتمام بالنظافة، عامةً إن كنت ذاهباً إلى عملى أجد على الطريق العديد من سلات المهملات والتى قد تم تفريغها فى الأغلب منذ بضع دقائق، حيث إنها خالية نظيفة تكاد تكون مُعطرة جاهزة للامتلاء، ومُعلق عليها لافتة توضح الغرامة الواقعة على من يلقى بالمخلفات خارجها ولافتة أخرى توضح أن عائد الحفاظ على النظافة راجع لنا فى نهاية المطاف.

 

على بُعد شارعين تقريباً توجد عربة المهملات التى شغلها الشاغل المرور على جميع السلات وتفريغها وإعادة تأهيلها من جديد لتستقبل المهملات.

 

أصِل إلى عملى لأجد العديد والعديد من سلات المهملات وبطبيعة الإنسان أنه إن اعتاد على فعل أمر لمدة من الزمن فإن هذا الأمر يصبح من عاداته.

 

قررت العودة إلى أرض الوطن الحبيب كم اشتقت إلى تلك الشوارع. بدأت رحلتى فى البحث عن سلة مهملات لحظة خروجى من المطار، أما عن نوع المهملات التى حملتها بين يداى لحين الوصول للسلة فكان منديلاً! نعم منديل ورقى حجمه أصغر من حجم كف اليد، اتجهت إلى سائق سيارة الأجرة ليوصلنى إلى وجهتى فرحب بشدة على الرغم من بُعد الوجهة. واتجهنا أنا وهو فى طريقنا، اقترحت عليه أن يوقفنى عند أول سلة مهملات يراها.

 

إذا به ينظر إلى فى المرآة ويطلب منى أن أعيد عليه ما سردته منذ لحظات وأعدته بالفعل لأجد دهشة وضحكات عالية فضحكت معه أنا الآخر دون أن أيقن ما هو السبب. فسألته ما بالك أيها الشاب؟ ويا ليتنى ما قمت بسؤاله حيث إن رده كان كالآتى: سلة مهملات؟ لماذا ومن أين لى أن أجدها؟ فسألته كيف هذا إذا؟! كيف لى أن أتخلص من هذا المنديل وقنينة المياه التى فرغت لتوها؟ قال: ألا يكفيك كل هذا الشارع العريض لتلقى بمهملاتك إذن أعطنى إياها لألقيها بدلاً عنك! للحظة شعرت أنه يمزح أو أنه يريد أن يحملها بدلاً منى لحين الوصول لسلة مهملات وعند التدقيق فى وجهه وجدته جاد جداً فى حديثه، سادت لحظات التعجب بيننا، تعجبه من تمسكى بالمنديل والقنينة ورفضى لإلقائهم فى الشارع أمام المارة وأنى أقدس النظافة فبالنسبة له أنا شخص مهووس بالنظافة. صممت على موقفى وطلبت منه للمرة الثانية أن يوقفنى عند سلة مهملات وأنى سأقوم بالبحث عنها بعينى خلال رحلتنا وتحلت نبرتى بالثقة أنى سأجدها على الرغم من عدم ثقتى تماماً.

 

ويمر الوقت فى الزحام لأجد ركاب السيارات يلقون بكل ما يخطر لى على بال من زجاج السيارة، لم أتأثر وتمسكت أكثر بموقفى إلى أن ظهرت سلة المهملات لأجد نفسى أصرخ فى أذن السائق: قِف قِف وجدتها كالمنتصر. وفعلاً قمت بالترجل من السيارة وعلى وجهى ابتسامة ساخرة للسائق ويا لها من صدمة حيث أن سلة المهملات كانت أشبه بسلة لعبة كرة السلة ليست مفتوحة فقط من جانب واحد إنما هى مفتوحة من الجانبين لأجد المهملات على الأرض ومُعلقة بجانب عمود من الكهرباء الذى هو الآخر مفتوح لأرى الأسلاك وعلى وشك حدوث ماس كهربائى قاتل. على الرغم من أنى كنت قد أعطيت ظهرى للسائق ببضع أمتار فلا زال وقع ضحكاته يصلني.عدت إلى السيارة حاملاً معى المنديل والقنينة وساد الصمت ورغم إلحاح السائق على إلقائهم فى الطريق إلا أنى رفضت وبشدة و قررت أن ألقيهم فى سلة مهملات منزلي.

 

وحين وصلت إلى الحى الذى أسكنه كان قرارى بملء شوارع هذا الحى بسلات المهملات.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة