القارئ هيثم فتوح حسن يكتب: أرى مرقدى من مشهدى

الخميس، 20 فبراير 2020 02:00 م
القارئ هيثم فتوح حسن يكتب: أرى مرقدى من مشهدى مقابر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ها أنا الآن وبعد سنين وبعد أن تجاوزت الأربعين أصبحت أنظر إلى من حولى فوجدت الصراع قد احتدم على الدنيا والعيش بأفضل وسائل وسبل العيش دون النظر إلى إن كان الحصول على تلك السبل والوسائل من خلال طرق مشروعة أم لا، بل وصل الأمر إلى أن استحل الجار حق جاره والصديق حق صديقه والابن حق أبيه والأخ حق أخيه، حتى وإن كان ما يحصل عليه أو يجمعه من حقوق غيره لا يحتاجها بل يجمعها إلى حاجته ليس إلا .

 

فأنظر الآن إلى سُنة ذلك الكون أو ليس كل ذلك المتاع والأراضى والبيوت وغيرها كانت لأبائنا وأجدادنا وأجداد أجدادنا، فأين هم الآن؟. وكيف تركوها؟. وتركوها لمن؟.

 

والآن ونحن عُمار تلك الأراضى والبيوت. هل نحن مُخلدون؟

 

لا والله . بل إننا سنرحل كما رحل آباؤنا وأجدادنا، وسيأتى بعد زمان من سيسكُن تلك الأرض، هم أناس غيرنا، تلك هى الدنيا.

فأصبحت أرى الموت ساكناً بين بيوتنا . يمشى معنا بطرقاتنا كل يوم ينظر بوجوهنا  لا يفرق بين شاب أو كهل . صحيح أو سقيم . بسبب وبدون سبب، ثم يختار من حان أجله .

 

 فينادى مَلَكْ يا ابن آدم طفت لك مشارق الأرض ومغاربها لأبحث لك عن خطوة تخطوها فلم أجد، ثم ينادى مَلَكْ يا ابن آدم طفت لك مشارق الأرض ومغاربها لأبحث لك عن لقمة طعام تأكلها فلم أجد، ثم ينادى مَلَكْ يا ابن آدم طفت لك مشارق الأرض ومغاربها لأبحث لك عن شربة ماء فلم أجد، ثم ينادى مَلَكْ يا ابن آدم طفت لك مشارق الأرض ومغاربها لأبحث لك عن نفسٍ تتنفسه فلم أجد .

 

وهنا تُسلم الروح الى بارئِها . مودعة الجسد وداعاً أبدياً .

 

فلم الاحتدام والاقتتال والصراع على تلك الأشياء الزائلة ؟

 

وكأنى بيوم أن سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم حارثة الأنصارى.

 

فقال له : كيف أصبحت يا حارثة .

 

فقال حارثة : أصبحت أرى عرش الرحمن بارزاً . والجنة عن يمينى . والنار عن يسارى . فعزفت نفسى عن الدنيا .

 

فقال له صلى الله عليه وسلم : عليها فاستقم

 

إلى أن تأتى غزوة بدر ويُستشهد حارثة الأنصارى، فتأتى أمه إلى رسول الله وتسأله .

 

أخبرنى يا رسول الله هل أصاب حارثة الجنة فنهنأه أم أصاب النار فنعزيه .

 

فقال لها صلى الله عليه وسلم : أبشرى يا أم حارثة والله لقد أصاب ابنك حارثة الفردوس الأعلى.

 

وهنا أتساءل لما لم تكن الحياة والعيش كما أمرنا الله رب العالمين " فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" صدق الله العظيم.

 

لما لم يكن سعينا كسباً لرزقنا وقوت يومنا لكفاف يومنا وليس طمعاً قيما ليس من حقنا.

 

الآن وبعد كل تلك السنين أصبحت ساعياً على رزقى وقوت يومى فيما يرضى رب العالمين . فإننى أخشى أن يكتب على ضريحى مات من دون قتال . فإننى الآن أرى مرقدى من مشهدى.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة