إلغاء الحبس من التشريعات الاقتصادية خطوة لزيادة الاستثمار.. يدعم التنافسية ويقضى على البطالة ويزيد قوة البورصة ومعدلات النمو.. وعلى الحكومة فتح حوار مع رجال الأعمال لسماع ملاحظاتهم حول التشريعات الاقتصادية

الخميس، 20 فبراير 2020 12:31 م
إلغاء الحبس من التشريعات الاقتصادية خطوة لزيادة الاستثمار.. يدعم التنافسية ويقضى على البطالة ويزيد قوة البورصة ومعدلات النمو.. وعلى الحكومة فتح حوار مع رجال الأعمال لسماع ملاحظاتهم حول التشريعات الاقتصادية مشروعات والدولار والجنيه وعلم مصر
تحليل يكتبه محمد أحمد طنطاوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تجربة بنجلاديش فى فتح أسواقها أمام الاستثمار الأجنبى مثيرة للإعجاب.. وهكذا حققت 28 مليار دولار من صادرات الملابس الجاهزة لتنافس الصين
 

لا يمكن لأحد إنكار الدور الوطنى الذى قدمه رجال الأعمال والمستثمرين المصريين فى الفترة التى أعقبت ثورة 30 يونيو، وما تحملوه من أعباء نتيجة الظرف السياسى، الذى كانت تمر به البلد فى هذا التوقيت، فقد وقفوا إلى جانب الاقتصاد، واستمروا فى مشروعاتهم وخططهم دون تعثر أو أزمات، بل وخلقوا آلاف فرص العمل الحقيقية للشباب والكفاءات فى مختلف القطاعات، فلم يتركوا مصر ويفروا إلى الخارج، مع العلم أن أغلبهم  كان يستطيع أن ينقل أعماله واستثماراته خارج مصر، بل تمسكوا بالنجاحات التى حققوها ودعموا الاقتصاد فى وقت كان المستثمر الأجنبى يرى أن هذا البلد خارج حساباته.

المستثمر المصرى وقف إلى جانب الدولة على مدار أكثر من 8 سنوات، عندما كان الاحتياطى النقدى الأجنبى فى حالة خطرة، والجنيه المصرى فى الإنعاش، بل تحلموا فاتورة التعويم كاملة وما أعقبها من زيادة الأجور وارتفاع تكاليف الإنتاج والخامات والاستيراد، بعدما تحولت أسعار كل السلع فجأة إلى الضعف، ورغم كل هذا كانوا داعمين لاقتصاد هذا البلد، بل ساهموا فى استقراره حتى نجحت الدولة فى  مشروع الإصلاح الاقتصادى وما أعقبها من خطط طموحة تشارك فيها كل مؤسسات الدولة، وتعتمد على ترشيد الإنفاق وشد الحزام والسعى نحو خلق مجتمعات صناعية متكاملة فى مختلف المجالات، بالإضافة إلى تحفيز ودعم الاستثمار فى هذه المناطق، مثل محور قناة السويس أو المثلث الذهبى وغيرها من المناطق البكر الواعدة.

ومع كل هذا الدور الذى قام به رجال الأعمال والمستثمرين المصريين فى المقام الأول، كان لزاما أن تدعمهم الحكومة، ويحفز البرلمان هذا الدعم من خلال إلغاء العقوبات السالبة للحرية من القوانين والتشريعات الاقتصادية كضرورة فى الوقت الراهن، من أجل إتاحة الفرصة لاستثمار حقيقى بدون معوقات إدارية أو قانونية ترعقل المسيرة و تعطل العمل.

ومن هذا المنطلق يجب أن تدعو الحكومة إلى حوار مفتوح مع رجال الأعمال والمستثمرين المصريين والأجانب فى أقرب وقت ممكن للاستماع إلى مشكلاتهم وملاحظاتهم حول الإرث الثقيل من التشريعات الاقتصادية التى لا تخدم عجلة الإنتاج أو التنمية، حتى يتم تجاوز وتخطى هذه المشكلات بصورة احترافية ووضع حلول تشريعية عاجلة لها، خاصة أن البرلمان على أتم استعداد لتقديم حلول عاجلة لأى تشريع معيب يعطل أداء الاقتصاد.

الحوار المفتوح مع رجال الأعمال يجب أن يحظى باهتمام الحكومة، وتمثل فيه كل الأطرف المعنية، حتى نضع حلولا واضحة وجذرية لكل المشكلات التي تعترض الاستثمار في مصر، وأن تكون مطالب المستثمرين ورجال الأعمال أولوية في كل ما يخدم البلد ويدفع عجلة الإنتاج إلى الأمام ويوفر فرص عمل، ويدعم قوة العملة المصرية فى استعادة مكانتها مرة أخرى، حتى تقل أعباء الدين الخارجي، وتتراجع أسعار السلع والمنتجات التي يستهلكها المواطن، ونشعر بعوائد التنمية التي نحلم بها منذ ما يقرب من 6 عقود.

مشاكل الاستثمار لن يحلها سوى المستثمرين ورجال الأعمال فأهل مكة أدرى بشعابها، وهم الأكثر قدرة على ابتكار الحلول البعيدة عن الروتين والإجراءات الإدارية المملة، التى لم تقدم لهذا البلد شيء سوى مشكلات وظواهر سلبية نتحمل تبعاتها جيل بعد الآخر، الأمر الذى يجعلنا فى حاجة ملحة إلى دعم الاستثمار بالأساس كطريق ممهد وواضح نحو إصلاح اقتصادى حقيقى خلال الوقت الراهن.

الإصلاح الإدارى والتشريعى للقضايا المتعلقة بالاستثمار، سينعكس بطبيعة الحال على أداء البورصة المصرية "سوق المال " كأحد أهم الأدوات الاستثمارية التي تتحسس تطور السوق، وتتفاعل مع أى إصلاحات اقتصادية بصورة فعالة، باعتبارها مرآة للاقتصاد تعكس قدرة السوق الحقيقية، وحركة الأموال فيها سريعة جدا أو كما يصفها البعض بـ "الساخنة" لسرعة دورتها وتحركها داخل السوق، فنحن أحوج إلى دفع البورصة المصرية نحو المزيد من الأداء الاحترافى خلال الفترة المقبلة، الذى لن يأت إلا من خلال إلغاء كل النصوص السالبة للحرية من قوانين الاستثمار بكل ما تحمله هذه الكلمة من تفاصيل وما تشمله من جزئيات متعددة.

إلغاء العقوبات السالبة للحرية من قوانين الاستثمار يدعم التنافسية ويقضى على الاحتكار والعشوائية داخل الأسواق، ويجعل الأمور تسير بصورة أكثر نظاما واحترافية، وتزيد من وفرة السلع وكثرة المعروض، وهذا بالطبع سوف ينعكس على مستوى الأسعار، الذى سينخفض بصورة ملحوظة خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى تقليل فاتورة الاستيراد من الخارج، بفضل وجود مصانع وشركات لتوكيلات عالمية في مصر.

 بنجلاديش على الرغم من أنها مازالت دولة فقيرة، إلا أن تجربتها ملهمة وهامة في معدلات النمو الاقتصادى، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما دفعنى إلى استعراض العديد من المعلومات عن هذه التجربة الهامة، التي كانت ضمن أفقر دول العالم، والأكثر كثافة سكانية على مستوى بعدد سكان يصل إلى نحو 165 مليون نسمة.

 حققت بنجلاديش أكبر نمو لإجمالى الناتج المحلى خلال العام المالى 2017-2018، ونسبته 7.86%، متخطية النمو التقديري البالغ 7.65 %، مما ساعد على انتشال 50 مليون شخص من الفقر المدقع، بحسب صندوق النقد الدولى، وذلك وفق ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية، التي نقلت تصريحات لـ "شيخة حسينة"، رئيسة وزراء بنغلاديش، تتوقع أن يتجاوز النمو السنوي في بلادها إلى أكثر من 9 % خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

احتياطي النقد الأجنبي في بنجلاديش حقق نموا مذهلا بأكثر من 450 % على مدى الأعوام العشرة الماضية، ووصل إلى 33.3 مليار دولار، نتيجة تحويلات العمالة البنجالية في الخارج، بالإضافة إلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

 وبحسب بيانات لبنك التنمية الآسيوى فإن متوسط دخل الفرد في بنجلاديش قد شهد نمواً بمعدلات أكبر من نمو متوسط دخل الفرد فى الهند بمقدار 3 أضعاف وإذا استمرت البلاد في الحفاظ على معدل نمو إجمالي الدخل المحلي، وإجمالي الناتج المحلي، خلال العامين المقبلين، سوف يكون متوسط دخل الفرد بها أكبر من متوسط دخل الفرد في الهند بحلول عام 2020 .

النمو الاقتصادى في بنجلاديش يعود بصورة أساسية إلى القطاع الخاص ورجال الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وفتح الأبواب على مصراعيها أمام العلامات التجارية الكبرى، حتى صارت، مركزا عالميا لصناعة الملابس الجاهزة، وإذا أردت أن تتأكد مما أرصده لن تحتاج إلى محركات البحث حتى تحصل على المعلومات، فقط اقرأ العلامة الموجودة على البنطلون أو القميص الذى ترتديه، ستجد مدون عليه "صنع في بنجلاديش"، حتى وإن كان أهم وأغلى الماركات العالمية، فهذه الدولة قدمت كل التسهيلات اللازمة لبناء المصانع والشركات للتوكيلات الأجنبية العالمية في الملابس الجاهزة.

 لك أن تصدق أن صادرات بنجلاديش من الملابس الجاهزة، في المرتبة الثانية عالميا بعد الصين، و تتجاوز قيمتها 28 مليار دولار سنويا، حيث يساهم هذا القطاع بنحو 15% من إجمالى صادراتها، ويوفر عشرات الآلاف من فرص العمل سنويا، ويصل إجمالى العاملين فيه إلى ما يقرب من 5 ملايين شخص، الأمر الذى يدعو إلى ضرورة التأمل والدراسة لهذه التجربة المهمة، وما فعلته لفتح أسواقها أمام الاستثمار الأجنبي بشروط ميسرة وقوانين بسيطة، وعمالة مدربة منخفضة التكلفة.

صحيح لم تصل بنجلاديش خلال الوقت الراهن إلى معدلات الرفاهية المطلوبة أو تتخلص من مشكلاتها وتقضى على الفقر بصورة كاملة، إلا أنها على موعد مع مستقبل مختلف، وثقافة مختلفة تعتمد بصورة أساسية على العمل والإنتاج وتجاوز حدود الروتين والإجراءات الإدارية والقانونية المعقدة، ونحن أيضا على موعد قريب مع نمو اقتصادى أكبر وتنمية واستثمارات مباشرة بمعدلات جيدة.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة