ألا أُصدّق ما يُقال يا أماه!
-نعم يا بُنيتى، تعلمتُ ألا أُصدّق كل ما يُقال، ومع ذلك ما زلت أنا.. أمك بسجيَّتِها وبعض من سذاجتها، أصدق. حتى بعد أن أنجبتك، حاولت ألا أصدِّق، ويأبي القلب إلا التصديق..
- ممم، إذا عليَّ ألا أُصدٍق أي مصدر قول، أعليّ ألا أثق التاريخ وألا أصدق توالي الحروب ولا أحداثها وألا أصدّق مجرد كتاب،فمن أدرانى بحقيقتها؟!
- بنيتى، تعلمتُ ألا أصدق بعض ما سمعت وليس كل، إن كنا لا نثق الكتاب ولا مؤرخه، إن كنا لا نثق الدين أو كتابه، إن كنا لا نثق الخير والخلق الحميد الذي أفاضت به الأديان وتحلى به رسول وصحابته، إن كنا لا نثق كل هذا، إن كنا لا نثق الخير فماذا نثق إذا!
-أماه، لقد لبث علي الأمر.. أهذا يعنى أن أصدق الخير مهما كان وأن أكذب الشر أينما كان!
- ههه لا يا قرة العين، لو كان عليك التفكير بنهج ما فلتفكرين بنقيض ما ذكرتيه،
لا أود أن أكون تلك الأم التى تزرع في ابنتها وقرة عينها سوء العالم وكأنها ما رأيت إلاه، أود منك حكمة، ولا أريدك أن تعيشي بسوء الظن بل احسنيه، احسنيه وإن لم تصدقيه.. .. .. والآن، ما بال تعبيرات وجهك تضم هموما لا عليك؟!
- ما زلت بحيرة متى أصدق ومتى لا، أشعر وكأنى بحاجة إلى جهاز كشف الكذب أو كشف الشائعات والقول الغير موثوق أو لربما أحتاج آخراً لكشف الحقيقة يوما ما لكثرة نقيضها..
- لا عليك يا قرة العين، ليس الأمر بهذا التعقيد، إنه لسهل ممتنع، وبعد التنبيه عليه والشعور بوجوده لا بد من أن يصبح ذلك السهل الغير ممتنع..
-ممم، أماه ماذا لو أتخذ من قلبي جهازا فأُصدِّق ما يصدّقه وأنكر ما ينفيه!
- وماذا لو صدَّق القلب كل خير وأنكر كل شر، وبعض الخير لا يُصدق وكل الشر لا يُنكر..
- إذا إنها لمعضلة!
- كانت هكذا بالنسبة لي و..
- إذا فقد زالت!
- ومازالت إلا أنها استحالت لمجرد مشكلة ذات أطلال ببعض من الحكمة.
-الحكمة؟ إذا فهي الجهاز المقصود، أنَّى لي بها أماه!
- بالحياة يا بنيتى، أعطاك الله إياها، فمن أوتي إياها قد أوتى خيراً كثيراً، اللهم خيرا كثيرا لصغيرتى..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة