أستيقظ مرة أخرى وأنا مازلت أضع خلف باب غرفتى شهادة وفاتى بتاريخ ليوم ما ، أعلم أن الأمر غريب بعض الشىء ولكن ليس أغرب من هذا الباب يفتح ويغلق مرات كثر ولم يلاحظوا ما ورائه ، لديهم الحق فكل منا أصبح تائها فيما يخصه ؛ ولكننى لا أعلم ما الذى يحدث بداخلى ،حتى اننى كما اعتدت مسبقا أن اسأل نفسى عندما تفتح عينى ' كيف حالك اليوم' ،لم يعد لدى شغف تجاه شئ - كما يقول الآخرون أصبح كل شئ مألوفا- صمت رهيب يعم المكان حولى وانا مازلت اسمع نداء نفسى لنفسى وهى تقاوم بداخلها ، استيقظ احيانا ع صوت قطرات المطر ترقص فوق النافذة، فأشد نفسى نحوها واقف تحت سماء ربى مغمضة الأعين مرتعشة القلب داعية بأن تكون الأيام المقبلة كلها خير ليس لى وحدى فأنا أيامى لا تكون بخير بغير من فيها من ارواح كثيرة، وفى اخر دعوة تلحقها اخر قطرات المطر فأفتح عينى وأنا ع دراية بأن صوت المطر توقف وأن أخر قطرات المطر أصبحت ع أرضى أمام باب منزلى -كنت أود إن استطيع ان اخر تلك القطرات تلامس عيني- لكن يفاجئنى الله بأخر لحظة وانا ع وشك انا اسد نافذتى بمطر ترتعش له القلوب والافئدة ، فأغمضت عينى مرة أخرى لكن الأمر مختلف فقد كانت الابتسامة تظهر من جفون عينى ، فعلمت ان الله يسمعنى لان كانت دعوتى الأخيرة بأن يطول المطر بعد انقطاعه ، ليت كل من يسمعنى ان يفهم "بأن الله دائما يجبر بخاطرى ف آخر لحظات كنت تخيلت إن حدثت بأن ما وراء باب غرفتى سيصبح حقيقه "لكن ها قد انا موجودة اليوم أحدثكم بكتابة من يدى واحساسا من قلبي.
إن علمنا بقدر وأهمية كل قطرة مطر تسقط من السماء لكنا اصبحنا أكثر نضجا ف يومنا هذا لكنا انتبهنا لأصغر اشياء تدور حول حياتنا لنعلم ان ف عصرنا هذا اشياء كثيرة أصبحت تبدو للكثير بأنها فوق المألوف لكن حسابها عظيم عند الله ..
أستيقظ مرة أخرى ع صوت جارا يلتقط أنفاسه الأخيرة ، وأصوات تجشعها البكاء والصريخ، ومرت ثوانى مودعا روحا أخذت الكثير من الارواح بفقدانها، لم يكن ف يدى حيلة فرأيت يدى ابرد من الثلج ونظرت ع قميصى فوجدت الدموع تغطيه ، وباتت ملامحى تنخطف من أمامى وخلفى ، وعقلى يتخيل اشياء من تخيلها فقط تنحنى ركبتى ع الأرض واظل ابكى من فراطة التفكير ، اعلم ان ما يحدث ليس بيدى لكننى مازلت اسمع نداء مشوشا نفسى لنفسى مرة أخرى 'افيقى فإن الله خير رفيق ورحيم ' إعتدل انحناء ظهرى رافعة رأسى للسماء وفمى يردد 'والذين إذا أصابتهم مصيبه قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ' نديت بإسمى لنفسى وقولت لها افيقي، جهزت ملابسى لكنى اليوم نسيت ان ألمع حذائى واخذت ما تحمله يدى كل يوما من كتب ونزلت لكن مازال قلبى تائها يبكى ف نفس موقفه .
_ليس من السهل أن نتقبل ان روحا كانت تجالسنا وتحدثنا ذهبت إلى باريئها، لكن هذه هى الحياة غير باقيه اتظن ان من عليها سيبقي!؟ 'لا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام ' .
_ادركت عن الزهد عن الدنيا ليس فقط كلاما يقال، طالما مازالنا نبكى ع ما نحب حين نقفدهم، طالما مازالنا نسعى جاهدين ف الدنيا لكى نطول معالى الجبال فيها .
وأدركت أكثر مما كنت ادرك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم افضل رجال العالم ف خصاله وفى زهده عن الدنيا لقد كان كل ما يرجوه انا ينشر لنا الدين الإسلامى الذى أمره الله به وانا يكون رسول الله .
الحمد لله والشكر له كثيرا و أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله.