قالت السمكة للبحر: "لن تستطيع أن ترى دُموعي أبدًا؛ لأنني في الماء، رد البحر قائلاً: "لكنني أستطيع أن أشعر بدُموعك؛ لأنك في قلبي".
فبالفعل، من يُحبك بصدق، يشعر بدُموعك، حتى لو لم تنزل من مُقْلتيك، فهو يحسك بقلبه، يشعر بك دون أن تتكلم، يقرأ ما في قلبك من مُجرد نظرات عينيك، فالصدق في الإحساس والمشاعر، هو من يجعل البشر تشعر ببعضها البعض، فأنت تعرف الكثير من الناس، ولكن أحدهم فقط هو من يشعر بك، ويقرأ ما بداخلك، فما أجمل أن ترى من تُلْقي بأحزانك في قلبه، وهو يتقبلها بصدر رحب، وبرُوح طيبة.
فالإنسان كالسمكة، يحتاج إلى البحر الذي يضمه ويحتضنه، فالاحتواء هو أكثر شعور يحتاج إليه الإنسان في حياته، فهو النعمة الصادقة النقية، التي لا مراء فيها، ولا تزييف، فمن المستحيل أن يخدعك شخص بالاحتواء، وإن حدث، فاحتوائه لن يدوم، فالاحتواء له رائحة، تُدْخِلك في دائرة الأمان، فتكون النصيحة صادقة، والبسمة صافية، والنظرة حانية.
لذا، نُلاحظ أن الأزمات عندما تهبط علينا بدون ميعاد، أول من يتبادر إلى أذهاننا تلقائيًا، هو من يحتوينا بصدق، فنلجأ إليه سريعًا، وبدون تفكير؛ لأنه يكون مثل البحر، الذي يضم السمكة الصغيرة الضعيفة، فهو يحتضنه ويَرْبت عليه برفق؛ لكي يُخْرِجه من قوقعته، ويُبدله إلى فرح.
فلو خُيِّرَ أي إنسان عاقل على وجه البسيطة بين نعمة الاحتواء، وأي نعمة أخرى، مهما بلغت قيمتها، فعليه أن يتخير الاحتواء بلا تفكير؛ لأنه هو الشيء الوحيد الذي لو فقده، سيفقد معه كل شيء، أو بمعنى أدق، لن يشعر بطعم ولذة أي شيء في الوجود بِدُونه.
وتأكدوا أننا سنظل مهما كبُرنا، كالسمكة الصغيرة، التي تبحث عن البحر الذي يحتضنها، فلو وجدنا هذا البحر، علينا أن نُحافظ عليه، ولا نخرج منه أبدًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة