سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 11 فبراير 1946.. الطلاب يحطمون شعلة الاحتفال بعيد ميلاد الملك فاروق وهتافات ضد «الطغاة عملاء الإنجليز سارقى قوت الشعب»

الثلاثاء، 11 فبراير 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 11 فبراير 1946.. الطلاب يحطمون شعلة الاحتفال بعيد ميلاد الملك فاروق وهتافات ضد «الطغاة عملاء الإنجليز سارقى قوت الشعب» الملك فاروق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقرر أن تكون الاحتفالات بعيد الملك فاروق يوم 11 فبراير، مثل هذا اليوم، عام  1946 أكثر تفوقا عما كانت عليه الاحتفالات فى العام الماضى.. يذكر الكاتب الصحفى والمؤرخ محمد عودة فى كتابه «فاروق.. بداية ونهاية»: «كان أول الطقوس أن تضاء مصر كلها، المدن والقرى بالأضواء والمشاعل، وأن تحتفل كل منها بـ«عيد الشعلة» والتى يطلق جلالته شرارتها من شرفة قصر عابدين إلى القلعة، ومنها إلى باقى أرجاء القطر، ثم يقف ليتسلم الشعلة «الأولى» قادمة من العاصمة الثانية الإسكندرية يحملها ويتبادلها العداءون جريا على الأقدام، وتعلن بعدها الأفراح العامة وتموج البلاد وتزخر بالمهرجانات، وتطوف الاستعراضات تحت أقواس النصر وينال كل مواطن نصيبه من السعادة الغامرة».
 
هكذا كان تفكير الملك المولود يوم 11 فبراير 1920، وتفكير حاشيته، غير أن المصريين وفى طليعتهم الطلاب، كانت لهم كلمة أخرى، وأداروا ظهرهم لكل النداءات التى طالبتهم بالاحتفال بالمناسبة، وفقا لما يذكره عاصم محروس عبدالمطلب فى كتابه «الطلبة والحركة الوطنية فى مصر 1922 - 1952»: مضيفا: «أصدر النقراشى باشا بيانا دعا فيه بأن يكون الهتاف فى هذا اليوم مقصورا على هذه المناسبة، أما الهتافات الأخرى فإنها لا تنفع قضيتنا، ولكن تضرها، ولا تدل على قوة الشعور، ولكن تدل على مخالفة النظام وتحدى القانون، كما تخاطب هدى شعراوى الطلبة، وتطلب منهم الإقلاع عن المظاهرات لأنها تبث الفرقة، ولا تصل بالأمة إلى أهدافها، وناشدتهم مراعاة عيد الميلاد الملكى «فارعوا حرمة هذا اليوم السعيد وعودوا إلى صوابكم».
 
لم تسفر هذه النداءات عن شىء، خاصة أن الاحتفال بالمناسبة جاء فى عز الانتفاضة الطلابية التى انطلقت يوم  9 فبراير، وأسفرت عن 84 مصابا على كوبرى عباس، وتواصلت فى اليوم التالى «راجع ذات يوم، 10 فبراير 2020».
 
وها هو اليوم الثالث يأتى ومعه مناسبة الاحتفال بعيد ميلاد الملك، ويسجل فاروق القاضى شهادته عن هذا الحدث باعتباره أنه كان واحدا من قيادته الطلابية بجامعة فؤاد «القاهرة»، ويذكر تفاصيلها فى كتابه «فرسان الأمل - تأملات فى الحركة الطلابية المصرية»، الصادر عن «مركز البحوث العربية - القاهرة»، مؤكدا أن طلاب الأقاليم نجحوا فى التصدى لحامليها القادمين من الإسكندرية ومنعوها من الوصول إلى القاهرة، وسارعت الحكومة وقد أذهلها الموقف ولم تحسب حسابه إلى حشد فرق الموسيقى من الجيش والبوليس لتطوف الشوارع وتملأ الفراغ فى ميدان عابدين، وكانوا قد نصبوا وسط الميدان منصة كبيرة للشعلة الأكبر التى كانت ستضيئها الشعلة القادمة من الإسكندرية، والتى لم تصل، فأضاؤها بأنفسهم، وأقاموا زينات وأنوارا جعلت الميدان تحفة تتلألأ بالأضواء وحديقة غناء تصدح بالموسيقات.
 
يؤكد «القاضى» أنه توجه وزملاؤه إلى ميدان عابدين.. يذكر: «كنا على ثقة من أن هذه الزينات والموسيقات ستجتذب جموعا لا بأس بها ولو من قبيل حب الاستطلاع، وأنه لابد من توجيههم لتدمير الشعلة المركزية»..يضيف القاضى أنه فى المساء «11 فبراير» توجه إلى الميدان هو  وأحمد عبدالجواد وهبة، وجمال عنتر، وآخرون: «كانت مفاجئتنا أن الميدان غاصا ليس بالقادمين من الأحياء الشعبية فحسب، بل ومن الريف القريب من القاهرة، كانوا منبهرين بما لاعين رأت ولا أذن سمعت وقد ضاق بهم الميدان على سعته».. يواصل القاضى: «تناثرنا فى مختلف الأركان، ووفقنا فى شعار البداية: «الشعب الشعب، ليحيا الشعب»، وإذا بالاستجابة شاملة وحماسية.
 
يتساءل القاضى: «هل استجابوا لأنهم «الشعب» أم لأننا «الطلبة» وقود المعارك، أم لاستعدادهم الطبيعى للتعبير عن الذات؟».. يجيب: «فى يقينى كل هذه الأسباب، استجابوا فى هزيم كالرعد غطى على أصوات الموسيقى، مما شجعنا على التصعيد: أين الغذاء وأين الكساء ياملك النساء؟»، ولما تكن الاستجابة أقل، رفعونا على الأكتاف، فأخذنا نردد: «نشكو الجوع، نشكو الفقر، نشكو العرى»، وإذا بالحشد من الجياع والفقراء يدخل فى نشيد صوفى عن الجوع والفقر حتى أصبح الميدان كتلة واحدة تردد هذا الشعار، ساعتها لا أذكر من منا أدلى بهذا البيان المقتضب، «الشعلة شعلة الثورة فى عيد الجهاد لا شعلة الاحتفال بعيد الميلاد.. حطموا المشاعل.. حطموا المشاعل».
 
يواصل القاضى ذكرياته: «تحول كل مواطن إلى إعصار يجتاح كل شىء، انهالوا بكل ما وجدوا من حجارة واقتلعوا من أغصان وحطموا رايات، واندفعوا نحو المنصة المنصوبة عليها حتى أخذت تتهاوى، وهم لا يكفون عن ترديد: «حطموا الشعلة» انطلقت دفعة رشاش من ثكنات الحرس الملكى لتشتيت الجموع، ساد ظلام دامس وهرج ومرج، بعد أن تحطمت الشعلة تماما، قدنا الجماهير فى مظاهرات متفرقة فى اتجاهات مختلفة تهتف ضد الطغاة عملاء الإنجليز سارقى قوت الشعب».
 
يؤكد الدكتور محمد حسين هيكل باشا رئيس مجلس الشيوخ وقتئذ، فى الجزء الثانى من مذكراته: «فى عيد ميلاده السادس والعشرين سقط جلالته وعرشه مهما تأخر الخلع لبعض الوقت».   






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة