معضلة هوليود.. كيف تحولت السينما من أداة دعائية للسياسات الأمريكية إلى معول هدم؟.. وصول ترامب للبيت الأبيض بداية النهاية للدور السياسى لصناعة الأفلام فى أمريكا.. والأوسكار تحولت لمنتديات سياسية لاستعادة النفوذ

الإثنين، 10 فبراير 2020 07:00 م
معضلة هوليود.. كيف تحولت السينما من أداة دعائية للسياسات الأمريكية إلى معول هدم؟.. وصول ترامب للبيت الأبيض بداية النهاية للدور السياسى لصناعة الأفلام فى أمريكا.. والأوسكار تحولت لمنتديات سياسية لاستعادة النفوذ كيف تحولت السينما من أداة دعائية للسياسات الأمريكية إلى معول هدم
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

علاقة تبدو مثيرة للجدل بين هوليوود، والتي تعد بمثابة معقل السينما الأمريكية، والإدارات الأمريكية المتعاقبة، وهو ما بدا واضحا في مواقف محدة تبنتها هوليوود من العديد من القضايا السياسية في الولايات المتحدة، وعلى رأسها الانتخابات الأمريكية، بينما كانت في أحيان كثيرة بمثابة وسيلة دعائية للسياسة الأمريكية سواء في الداخل أو الخارج، لتصبح العلاقة بين السينما والبيت الأبيض تكاملية، دائما ما يستلهم كلا منهما مواقفه من الأخر، وهو ما يبدو واضحا، على سبيل المثال، في حالة الولع التي ظهر بها الرئيس السابق باراك أوباما بصناعة السينما، إلى الحد الذى دفعه إلى التوجه مؤخرا نحو إنتاج فيلما وثائقيا، ربما يفتح الباب أمامه لامتهان "الإنتاج السينمائى" بل والأكثر من ذلك فقد استعار البيت الأبيض من قبل رئيسا من قلب السينما، وهو الرئيس الأسبق رونالد ريجان.

إلا أن العلاقة بين هوليوود وواشنطن، حيث يوجد البيت الأبيض، شهدت تغييرا جذريا في السنوات الأخيرة، لتتحول من التكامل إلى ما يمكننا تسميته بـ"العداء"، خاصة منذ اعتلاء الرئيس دونالد ترامب عرش البيت الأبيض، في عام 2017، وهو الأمر الذى لم يروق لنجوم السينما الأمريكية، والذين أطلقوا الحملات المناهضة له منذ حملته الانتخابية، عبر التوقيع على ما يسمى بوثيقة "ضد الكراهية"، معتبرين أن خطاب ترامب يحمل قدرا من العنصرية، بسبب مواقفه من الهجرة، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، وغير ذلك من القضايا، ولكنه بالرغم من ذلك تمكن من الانتصار على منافسته آنذاك هيلارى كلينتون، ليكسر معها نفوذ الصناعة التي طالما شكلت السياسات الأمريكية، وكانت بمثابة قوة دافعة في العديد من الأحيان لتوجيه الرأي العام الأمريكي لعقود طويلة من الزمن.

النفوذ المفقود.. أوسكار يتحول إلى منتدى سياسى

ولعل طغيان الجانب السياسى على حفلات توزيع جوائز الأوسكار، والتي تحولت، في السنوات الماضية، إلى ما يشبه "المنتديات السياسية" لإطلاق سهام الانتقاد للرئيس ترامب، انعكاسا صريحا للعلاقة التي طالما جمعت هوليوود بالإدارات الأمريكية المتعاقبة، والتي كانت دائما ما تشهد انسجاما، على عكس العلاقة الحالية بين صناعة السينما والرئيس ترامب، والذى جاء إلى البيت الأبيض، على غير هواها، وهو ما يمثل صفعة قوية لأحد أقوى الأدوات تأثيرا، سواء على المجتمع الأمريكي، أو حتى صانعى السياسة في الولايات المتحدة، في ظل التأثير المتبادل فيما بينهما، لتفقد هوليوود تأثيرها على المواطن، الذى عصا توجهاتها بدعم ترامب، بينما تخسر دورها السياسى إثر تخلى الإدارة الحالية عنها جراء التوتر الكبير في العلاقة.

براد بيت انتقد الجمهوريين فى كلمته بالأوسكار
براد بيت انتقد الجمهوريين فى كلمته بالأوسكار

وبالتالي تبقى الانتقادات المتتالية من قبل نجوم السينما الأمريكية لسيد البيت الأبيض، مع كل مناسبة، هي بمثابة محاولة جديدة لاستعادة التأثير من جديد، عبر السعي نحو قيادة المجتمع الأمريكي للتمرد على الرئيس، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، والمقررة في شهر نوفمبر المقبل، ولكنها تبقى في إطار "السباحة عكس التيار"، حيث نجح ترامب فيما فشلت فيه هوليوود، وهو الاتصال المباشر بالمواطن الأمريكي، عبر خطابه الشعبوى أولا، ثم سياساته التي تلامست مباشرة مع هموم المواطنين الأمريكيين، في الوقت الذى تمسكت صناعة السينما بالشعارات التي تحمل في طياتها دعاية للمبادئ التي طالما تشدقت بها أمريكا التقليدية، لتصبح هوليوود، بإمكاناتها المبهرة، غير قادرة على مجاراة "التجديد" الذى أحدثته الإدارة الحالية، والذى لم يقتصر على الخطاب أو السياسات، وإنما امتد إلى الأدوات، حيث لم تعد الأفلام وسيلتها للدعاية، والتي حل محلها مواقع التواصل الاجتماعى التي أتاحت للرئيس التواصل مباشرة مع المواطن دون وساطة سينمائية أو حزبية.

اختيارات "مسيسة".. صناعة السينما تتحول من الدعائية إلى الهدم

لم تتوقف محاولات السينما الأمريكية للعودة إلى التأثير على مجرد انتقاد الرئيس ترامب، وإنما امتدت إلى اختيارات الأفلام الفائزة، وعلى رأسها فيلم "أميريكان فاكتورى"، أو المصنع الأمريكي، والذى يعد أول تجربة إنتاجية للرئيس السابق باراك أوباما، والذى يمثل أحد أكبر خصوم الإدارة الحالية، كما أن قصته، والتي تدور حول قصة ملياردير صيني استحوذ على مصنع أمريكى بأوهايو، ليسطر من خلاله نجاح الأعمال الصينية داخل الولايات المتحدة وتأثيرها على انتعاش الاقتصاد الأمريكي، في الوقت الذى يشن فيه ترامب حربا تجارية على الصين على خلفية اختلال الميزان التجارى بين البلدين.

لافتات داعمة لترامب أمام حفل الأوسكار
لافتات داعمة لترامب أمام حفل الأوسكار

وهنا نرى أن ثمة تحول كبير في الدور الذى يمكن أن تؤديه صناعة السينما الأمريكية، حيث تغير من كونه دورا مكملا وداعما للسياسات الأمريكية، إلى أداة لهدم خطط الحكومة، لصالح أجندة حزبية بعينها، وهو الأمر الذى يدفع القائمين على السياسة الأمريكية نحو عدم اعتمادها كوسيلة دعاية مؤثرة للسياسات الأمريكية الأخرى، لتصبح صناعة السينما منفصلة تماما عن الواقع الأمريكي سواء سياسيا أو اقتصاديا.

معضلة هوليوود.. الصراع مع ترامب "معركة بقاء"

وهنا يمكننا القول بأن معضلة هوليوود الراهنة تتمثل، ليس في مناهضة المبادئ التي يتبناها الرئيس الأمريكي الحالي، أو سياساته، التي يصفونها بالعنصرية، وإنما أصبحت بمثابة "معركة بقاء"، في ظل تخافت دورها إلى حد كبير، سواء من حيث قدرتها على التعاطى مع السياسة الأمريكية والتأثير بها، أو حتى من حيث التأثير على المواطن، في ظل شرودها بعيدا عن توجهاته وقضاياه، والأمور التي تمثل هاجسا له، سواء فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية أو الأمنية.

 

وتمثل التجمعات التي أحاطت بمقر الحفل، في الليلة الماضية، للتعبير عن دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دليلا دامغا على الفجوة الكبيرة بين المواطن وصناع السينما، حيث أنها تحمل رسالة صريحة مفادها أن الأعمال التي باتت تقدمها "هوليوود" لم تعد معبرة عن حقيقة معاناة الأمريكيين في الآونة الأخيرة، لتفقد الصناعة رسالتها الرئيسية.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة