"إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا".. ما تقوله التفاسير فى الآية

الأربعاء، 23 ديسمبر 2020 02:00 م
"إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا".. ما تقوله التفاسير فى الآية تفسير ابن كثير
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يحتفل المسيحيون بميلاد السيد المسيح، عليه السلام، وقد وردت قصة سيدنا عيسى والسيدة مريم فى القرآن الكريم، ومن ذلك وصف حالة العذراء عندما "انتبذت من أهلها مكانا" فما الذى تقوله التفاسير فى ذلك؟

فى تفسير الطبرى

فى قوله (وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ) أى انفردت من أهلها.
حدثنى سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا محمد بن الصَّلْت، قال: ثنا أبو كُدَينة، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا) قال: خرجت مكانا شرقيا.
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها، وهو قوله: فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا: فى شرقى المحراب.
وقوله (مَكَانًا شَرْقِيًّا) يقول: فتنحت واعتزلت من أهلها فى موضع قِبَلَ مَشرق الشمس دون مَغربها.
كما حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، فى قوله (مَكَانًا شَرْقِيًّا) قال: من قِبَل المشرق.
حدثنى إسحاق بن شاهين، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن داود، عن عامر، عن ابن عباس، قال: إنى لأعلم خلق الله لأى شيء اتخذت النصارى المشرق قبلة لقول الله: فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا، فاتخذوا ميلاد عيسى قبلة.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنى عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عامر، عن ابن عباس، مثله.
حدثنى سليمان بن عبد الجبار، قال: أخبرنا محمد بن الصَّلْت، قال: ثنا أبو كُدَينة، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: إن أهل الكتاب كتب عليهم الصلاة إلى البيت، والحج لله، وما صرفهم عنهما إلا تأويل ربك (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا) فصلوا قبل مطلع الشمس.
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا) قال: شاسعا متنحيا.
وقيل: إنها إنما صارت بمكان يلى مشرق الشمس، لأن ما يلى المشرق عندهم كان خيرا مما يلى المغرب، وكذلك ذلك فيما ذُكر عند العرب.

 يقول تفسير القرطبى 

قوله تعالى : واذكر فى الكتاب مريم القصة إلى آخرها . هذا ابتداء قصة ليست من الأولى، والخطاب لمحمد، صلى الله عليه وسلم، أى عرفهم قصتها ليعرفوا كمال قدرتنا . إذ انتبذت أى تنحت وتباعدت، والنبذ الطرح والرمى، قال الله تعالى: فنبذوه وراء ظهورهم، من أهلها أى ممن كان معها، وإذ بدل من مريم بدل اشتمال، لأن الأحيان مشتملة على ما فيها، والانتباذ الاعتزال والانفراد.

 واختلف الناس لم انتبذت، فقال السدى: انتبذت لتطهر من حيض أو نفاس، وقال غيره: لتعبد الله، وهذا حسن، وذلك أن مريم - عليها السلام - كانت وقفا على سدانة المعبد وخدمته والعبادة فيه، فتنحت من الناس لذلك، ودخلت فى المسجد إلى جانب المحراب فى شرقيه لتخلو للعبادة، فدخل عليها جبريل - عليه السلام - .
فقوله: مكانا شرقيا أى مكانا من جانب الشرق ، والشرق بسكون الراء المكان الذى تشرق فيه الشمس . والشرق بفتح الراء الشمس . وإنما خص المكان بالشرق لأنهم كانوا يعظمون جهة المشرق ومن حيث تطلع الأنوار، وكانت الجهات الشرقية من كل شيء أفضل من سواها ؛ حكاه الطبرى . وحكى عن ابن عباس أنه قال : إنى لأعلم الناس لم اتخذ النصارى المشرق قبلة لقول الله - عز وجل : إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذوا ميلاد عيسى - عليه السلام - قبلة ؛ وقالوا : لو كان شيء من الأرض خيرا من المشرق لوضعت مريم عيسى - عليه السلام - فيه . واختلف الناس فى نبوة مريم ؛ فقيل : كانت نبية بهذا الإرسال والمحاورة للملك . وقيل : لم تكن نبية وإنما كلمها مثال بشر، ورؤيتها للملك كما رئى جبريل فى صفة دحية حين سؤاله عن الإيمان والإسلام . والأول أظهر . وقد مضى الكلام فى هذا المعنى مستوفى فى ( آل عمران) والحمد لله .
 

تفسير ابن كثير 

(واذكر فى الكتاب مريم) وهى مريم بنت عمران، من سلالة داود، عليه السلام، وكانت من بيت طاهر طيب فى بنى إسرائيل، وقد ذكر الله تعالى قصة ولادة أمها لها فى "آل عمران"، وأنها نذرتها محررة، أى: تخدم مسجد بيت المقدس، وكانوا يتقربون بذلك، (فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا) [ آل عمران : 37 ] ونشأت فى بنى إسرائيل نشأة عظيمة، فكانت إحدى العابدات الناسكات المشهورات بالعبادة العظيمة والتبتل.
وكانت فى كفالة زوج أختها - وقيل: خالتها - زكريا نبى بنى إسرائيل إذ ذاك وعظيمهم، الذى يرجعون إليه فى دينهم، ورأى لها زكريا من الكرامات الهائلة ما بهره (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) [آل عمران: 37 ] فذكر أنه كان يجد عندها ثمر الشتاء فى الصيف وثمر الصيف فى الشتاء، كما تقدم بيانه فى "آل عمران"، فلما أراد الله تعالى - وله الحكمة والحجة البالغة - أن يوجد منها عبده ورسوله عيسى عليه السلام، أحد الرسل أولى العزم الخمسة العظام، (انتبذت من أهلها مكانا شرقيا) أى: اعتزلتهم وتنحت عنهم، وذهبت إلى شرق المسجد المقدس .
قال السدى: لحيض أصابها، وقيل لغير ذلك، قال أبو كدينة، عن قابوس بن أبى ظبيان، عن أبيه عن ابن عباس قال: إن أهل الكتاب كتب عليهم الصلاة إلى البيت والحج إليه، وما صرفهم عنه إلا قيل ربك: (انتبذت من أهلها مكانا شرقيا) قال: خرجت مريم مكانا شرقيا، فصلوا قبل مطلع الشمس. رواه ابن أبى حاتم، وابن جرير .
وقال ابن جرير أيضا: حدثنا إسحاق بن شاهين، حدثنا خالد بن عبد الله، عن داود، عن عامر، عن ابن عباس قال: إنى لأعلم خلق الله ؛ لأى شىء اتخذت النصارى المشرق قبلة، لقول الله تعالى (انتبذت من أهلها مكانا شرقيا) واتخذوا ميلاد عيسى قبلة
وقال قتادة: (مكانا شرقيا) شاسعا متنحيا .
وقال محمد بن إسحاق: ذهبت بقلتها تستقى من الماء .
وقال نوف البكالى: اتخذت لها منزلا تتعبد فيه، فالله أعلم






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة