كلمات من الإنجيل وحكم تزين أعلى الأبواب فى منطقة السوق القديم بنقادة جنوب محافظة قنا، نقشت وكتبت على يد النجارين فى تلك الفترة الذين أتقنوا تلك الصنعة واحترفوا الكتابة على الخشب والحفر، ليعكس تواجد تلك الأبواب ما كانت تشهده هذه المناطق فى السابق، وبمجرد أن تطأ قدمك تلك السوق والشارع ستشاهد عينك تاريخًا عتيقًا مر من هنا، لخصته جدران المنازل القديمة وأعتاب الأبواب المزخرفة على الطرق القبطية والعثمانية بدقة.
وكان يستغرق إنشاء تلك الأبواب أيام وأشهر لتظهر بهذا الإبداع الذى استمر لمئات السنين، حيث إن هذه الأبواب لا تعد واجهة المنزل وحسب بل واجهة المدينة والشاهد على تاريخها وتحكى خلف تلك الأبواب مئات القصص كما تحمل توثيقًا للمنزل والمدينة.
وأعتاب الأبواب القديمة بقنا إرث تركه الأجداد منذ مئات السنين ليحكى تاريخ وحكمة المدن، ورسمت عليها آيات الإنجيل لتضاهى الأماكن الأخرى التى سبقتها فى الكتابة على الأعتاب والنقش عليها، كما تتواجد فى ذلك السوق الشرفات والبلكونات التى نقشت على الطراز القديم والمتلاصقة بجانب بعضها البعض، كما أن عدد منها متصل بمنازل مجاورة لعائلة واحدة يمرون من خلالها دون النزول إلى الشارع.
وقال حشمت ثروت، من سكان شارع السوق، إن أشهر الجمل المتواجدة على أعتاب المنازل هى "دار مباركة والخير شاملها، بالعز والهنا الرب يتممها، دار لها الخير تبدا والشر عنها تبعدا، يارب اكفيها شر الأعداء، سعد وعزا بها يدوم، وبركة هذا لله تدوم، جدده القص عطا الله درياس نرماله دون مال غيره فى أول توت سنة 1640
" .
وفسر حشمت هذه الكلمات المتواجدة على إحدى الأبواب، موضحًا أن هذه الكلمات تدل على قدم سنة الكتابة والتدوين بالعربية والقبطية وذكر صاحب العمل والعام الذى نقشت فيه، كما أن مؤرخى التاريخ القبطى يذكرون أن أول توت تعنى أول يوم فى عام جديد من التقويم القبطى السابق للتقويم الهجري، ومن التقويم الفرعونى السابق للتقويم الميلادى.
وأوضح عياد محمد، أن النجار كان يستخدم أدوات بدائية مقارنة باليوم، وهى عبارة عن شاكوش ومنشار ومسامير إن وجدت وآلة للحفر على الخشب، وكان يمكث فى منزل صاحب العمل على نفقته إلى الانتهاء من الباب أو البلكونة التى يعمل بها.
وأشار محمد، إلى أن المنازل المتواجدة بشارع السوق تزيد عن 200 عام وكذلك الأبواب القديمة ما زالت متواجدة إلى اليوم ومحتفظة بمعالمها التى تواجدت عليها منذ الإنشاء، حيث كان يستغرق عمل الباب الواحد أو البلكونة مدة شهرين متواصلة من العمل ويقوم بها نجارين محترفين.
وأوضح بهاء بترى، من الأهالي، أن عددا كبيرا يتواجد فى المنازل ورثًا عن الآباء الذين قاموا ببناء وإنشاء الأبواب فيما يزيد عن 150 عامًا، وأبدع النجارون فى الرسومات وكذلك البنائين فى إبراز الطوب المرصوص حول الأبواب وفوق الأعتاب، مبينًا أن الأبواب من الداخل صممت من الداخل بطريقة تمنع عملية السرقة وتجعل من المستحيل على السارق فتحه أو كسره أو اقتحامه.
وأضاف بترى، أن شرفات المنازل "البلكونة" صممت على طراز فريد ذات أشكال هندسية متنوعة وعلى يد فنانين ذلك العصر، أيضًا ذات صلابة جعلتها تقاوم الزمن وتتواجد إلى اليوم، كاشفًا عن أن عددًا من الشرفات متصل ببعضه البعض، حيث يمكن لسكان منزل المرور إلى المنزل الآخر عن طريق الشرفة أو البلكونة وهو ما لم يتواجد فى أماكن عديدة فى الصعيد ومصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة