- نسبة ائتلاف دعم مصر فى مجلس النواب 2015 تجاوزت 56% مع حضور واسع لعدد من أحزاب الموالاة.. وتركيبة 2020 تشهد تمثيلا أوسع للقوى المحسوبة على المعارضة
- 26 حزبا وتيارا ممثلة فى المجلس الجديد مقابل 19 فى 2015 و18 بانتخابات 2012 و6 فقط فى آخر مجالس الحزب الوطنى بالعام 2010
- قفزة ضخمة فى تمثيل النساء والشباب بما يقارب 50% من تركيبة المجلس الجديد مقابل 20% فى 2015 وغياب شبه كامل عن كل المجالس السابقة
- 150 سيدة تحت "قبة النواب" لأول مرة فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية.. وإعادة الاعتبار للشباب سياسيا ونيابيا من خلال القائمة الوطنية
- تعيينات الرئيس بـ"الشيوخ" رمانة ميزان للتمثيل النيابى للكفاءات والأحزاب الصغيرة والقائمة المنتظرة لـ"النواب" ستضبط التركيبة السياسية ونسب الأحزاب الحالية
- هيكل "القائمة الوطنية" يكشف فلسفة جديدة للعمل السياسى.. ولو أراد "مستقبل وطن" الهيمنة والإقصاء ما ضم الأحزاب المنافسة إلى قائمته الانتخابية
- أغلبية "مستقبل وطن" لا تسمح بإدارة الساحة البرلمانية بصورة منفردة ومطلقة كما لا يمكنه تمرير القرارات المصيرية والمشروعات المكملة للدستور
- نسبة المعارضة والتيارات السياسية الأخرى كافية لصياغة ممارسة برلمانية ثرية وتشكيل ضغط جاد داخل المجلس ورقابة على الأداء التنفيذى
- تجربة رعاية الأغلبية للأحزاب الصغيرة ودمجها فى التحالف الانتخابى تؤكد الاتجاه إلى العمل الجماعى والتفاهمات السياسية وليس المغالبة وفرض الرأى
- النتائج النهائية تعبر عن اتجاه الشارع وتفرض تحديا على الأحزاب والقوى السياسية بدلا من إنكار المشكلة وتعليق "الفشل" على عوامل غير واقعية ولا قابلة للقياس
انقضت انتخابات مجلس النواب بمرحلتيها وجولاتها الأربع، وعبر 567 نائبا إلى ساحة العمل النيابى؛ ليتبقى مقعد وحيد مؤجل مع إرجاء انتخابات "دير مواس" بالمنيا، فضلا عن نحو 28 مقعدا من المرتقب أن يصدر قرار جمهورى بتعيين شاغليها. وبينما يقف الجميع إزاء النتيجة النهائية بآراء وتصورات متنوعة، تستبطن التجربة عددا من الملامح والمؤشرات التى تستوجب التوقف بالفحص والتحليل، فى ضوء الحقائق والأرقام المُسجلة على استحقاق 2020، ومقارنتها بما شهدته التجارب السابقة خلال ربع القرن الأخير، وتحديدا مجالس 2010 و2012 و2015.
ربما يرى فريق من المهتمين حضورا أكبر لبعض القوى على حساب غيرها، أو غيابا لمكونات سياسية واجتماعية كانوا يتوقعون تمثيلها تحت القبة، لكن بعيدا من الرؤى الشخصية والحسابات البسيطة، تبقى للأرقام وجاهتها ومعانيها، لا سيما أن تجارب السياسة تنضج بالممارسة، وأن الصعود على درج تطوير الأداء يتطلب تدرّجًا فى الممارسات والأدوات، إضافة إلى ما يحكمه من اعتبارات تتصل بقدرة الأحزاب والقوى السياسية نفسها، وجاهزيتها للاشتباك مع الساحة وخوض مُعترك العمل النيابى وفق قوانين الشارع أولا، بوصفه القوة الحاكمة لخريطة التمثيل السياسى، وصاحب القرار الفصل فى إطلاق اللعبة النيابية أو تقييدها. وهنا يتجاوز الأمر حيّز التقدير وتفاوت الرؤى، ويقع بكامله فى سلطة المؤشرات والأرقام، وما يُمكن أن تبوح به الصناديق من دلالات تتصل بالمجتمع نفسه أكثر مما تخص الدولة، من حيث هى كيان اعتبارى ومنظومة قوى وسلطات متضافرة، ومتقابلة فى آن واحد.
طيف سياسى واسع
الملمح الأبرز فى تركيبة مجلس النواب 2020، بحسب ما أسفرت عنه نتائج الانتخابات، يتمثل فى حضور طيف سياسى واجتماعى واسع تحت القبة، من حيث عدد الأحزاب الذى يصل إجمالا إلى 26 حزبا، بالنظر إلى تمثيل 13 حزبا بالقائمة، إضافة إلى تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين التى تضم 26 حزبا وعددا من المستقلين، إضافة إلى عبور عدد من النواب غير الحزبيين من خلال الانتخابات على المقاعد الفردية، وبروز النساء والشباب بصورة واضحة، فضلا عن التعيينات الرئاسية المرتقبة بما قد تضفيه من تنوع أكبر على تلك الخريطة، بشكل يزيد عدد الأحزاب الممثلة، أو يُقلّص نسبة حزب الأغلبية، ويرفع مستوى التمثيل النيابى للنساء والشباب والكفاءات التكنوقراطية غير المتحزبة.
فى المقابل، كان الحضور السياسى فى برلمان 2010 لا يتجاوز 6 أحزاب، ومع تداعيات ثورة يناير وما أفرزته من نشاط فى الشارع تحرك العدد فى 2012. نظريا شهد المجلس حضور 26 حزبا، لكن انحصر الأمر عمليا فى 18 فقط، بالنظر إلى توزيع الإخوان والتيار الدينى لقوتهم على عدد أكبر من الأحزاب، فبرز "الحرية والعدالة" و"النور" بنحو 66% من عدد المقاعد، إضافة إلى 8% لأحزاب التيار نفسه مثل: الإصالة، والبناء والتنمية، والحضارة، والوسط والاتحاد والإصلاح، لتكون الصورة النهائية 18 حزبا و74% لتيار الإسلام السياسى. ثم تطور المشهد فى 2015 نحو مزيد من التنوع، لكن بقدر من البروز لقوة على حساب بقية القوى، إذ حاز ائتلاف دعم مصر نحو 56% من المقاعد، وهو ما تغير فى الانتخابات الأخيرة بتراجع حصة القوة الأكبر تحت القبة لـ52.8% تقريبا، من المرتقب أن تقل بعد التعيينات الرئاسية بنسبة قد تصل إلى 5% تمثل إجمالى المعينين، بالنظر إلى الفلسفة الرئاسية المتحققة فى تعيينات 2015 ثم مجلس الشيوخ الأخير، بمراعاة التنوع وتمكين المرأة والشباب وتمثيل الكفاءات والتكنوقراط.
أغلبية لا مغالبة
فى العام 2015 فرضت ظروف الواقع نفسها على ماكينة السياسة. كانت الدولة فى مخاض الخروج من أزمة "الإخوان"، بينما مؤسساتها ما تزال تواجه حربا شرسة من الداخل والخارج، فضلا عن تحديات سياسية وأمنية فرضتها المؤامرات الممنهجة والهجمات الإرهابية التى لا تتوقف. وقتها التقت القوى الداعمة للدولة على فكرة التحالف؛ سعيا إلى صياغة جبهة داخلية صلبة، ومن تلك الرؤية انبثقت قائمة "فى حب مصر"، ثم ائتلاف دعم مصر، الذى شكّل جسما نيابيا عريضا بنحو 56%، فضلا عن تفاهم وتوافقات مع أجسام أخرى تحت القبة. الآن باتت الدولة أكثر رسوخا وقوة، وأقدر على التعامل مع التحديات، والتصدى المباشر للاستهداف، الأمر الذى انعكس على خريطة التحالفات السياسية وما أفضت إليه من تمثيل. وهو ما يتضاد بشكل مباشر مع حالة 2010 و2012، فبينما كانت الدولة مستقرة ولا تخوض حرب وجود ماسّة بأمنها القومى، قرر الحزب الوطنى المغالبة واقتطاع 73% من مقاعد البرلمان، وبينما كانت أجواء الثورة وتفاعل الشارع مع الأحزاب فى أوجه هيمن الإخوان وحلفاؤهم على برلمان 2012 منتزعين 74% من المقاعد، وهو ما لا يُمكن القول إننا إزاء تكرار له حاليا على أى مستوى من المستويات، أولا لنجاح الدولة فى عبور نقطة الاختناق القديمة قبل 5 سنوات، وثانيا بفضل تبدّل رؤى القوى السياسية نفسها وتطور أفكار الفاعلين فى الساحة!
تلك الرؤية النابعة من نجاح المؤسسات فى إدارة تحدياتها، بدت واضحة فى اتجاه القوى السياسية المتصدرة إلى التفاعل مع المكونات الأصغر فى الساحة. هكذا سعى حزب مستقبل وطن إلى تكوين قائمة وطنية جامعة، ضمت 12 حزباً وعشرات من النساء وشباب تنسيقية الأحزاب إلى جانبه، بينما كان بإمكانه خوض المنافسة منفردا واقتناص 50% من مقاعد المجلس عبر القائمة، إلى جانب ما حققه على النظام الفردى. وهنا تبرز أهمية النظر فى الأرقام، وأيضاً فيما وراء تلك الأرقام من فلسفة، تُشير إلى انتهاج كل الأطراف مساراً داعما للتوافق والعمل المشترك، وتغليب التفاعل الجاد على مخاطر التشابك والصدام. كما أن "مستقبل وطن" لا يملك أغلبية مُهيمنة بالنظر إلى احتياج أغلب القرارات المصيرية والمشروعات المُكملة للدستور لأغلبية الثلثين، أى أن الثُلث المُعطل فى عهدة المعارضة ولفيف التيارات الأخرى. هذا التصور يعنى أن القوة التى تتشكل فى أروقة البرلمان الحالى أغلبية عددية، لكنها ليست مُغالبة سياسية، أو هيمنة كاملة لا تقبل التفكيك، أو نزوعا من طرف لإقصاء بقية الأطراف، وإلا حدث الإقصاء بشكل استباقى ودون أعباء الشراكة والتحالف، لا سيما بالنظر إلى فشل أغلب الأحزاب الصغيرة فى اقتناص أى مقعد فردى، وانحصار تمثيلها فيما فازت به عبر القائمة، برعاية حزب الأغلبية نفسه!
نضج برلمانى أكبر
ما وصل إليه مجلس النواب فى أحدث إصداراته، يُلامس أغلب التجارب حول العالم، من حيث بروز قوة سياسية أكثر حضورا، مع تمثيل جيد وقادر على التدخل الجاد فى صياغة معادلات الإدارة والتشريع اليومية. والأهم أنه يُراعى الهياكل الاجتماعية بقدر مراعاة التنوع السياسى. تلك النقطة لم تتحقق بالصورة الراهنة فى أى مجلس سابق، إذ من بين 567 نائبا حتى الآن لدينا 148 سيدة وقرابة 100 شاب، وهو ما يُتوقع زيادته مع صدور قائمة التعيينات الرئاسية، بما يعنى تمثيل الشباب والنساء بنحو 50% تقريبا من تعداد المجلس، وذلك مقارنة بـ20% تقريبا فى مجلس 2015، وأقل من 10% فى كل المجالس السابقة فى ربع القرن الأخير وما قبله. هذا الوضع يجسد حالة أكثر تطورا من التمثيل النيابى، ونضجا سياسيا أكبر فى تنويع الطاقات وردّ المؤسسة التشريعية إلى الشارع، بوصفه مالكها الأساسى وصاحب المصلحة والحق المباشر فيها.
هكذا يُمكن الحديث عن تمثيل نوعى، وعن حضور أقوى للموضوعات والملفات، لا للقوى والتيارات السياسية. إذ فى الوجه المنطقى يستحيل أن ينحاز النساء والشباب مثلا إلى أفكار أو رؤى أو مشروعات قوانين ضد مصالح الفئتين، أو أن ينحاز الأكاديميون والتكنوقراط لمسارات خارج المنطق وسلامة المواقف. تلك الوضعية تُعلى مبدأ الإدارة السياسية والتشريعية وفق المستهدفات والمصالح الوطنية والاجتماعية، لا وفق اعتبارات الأغلبية والتمثيل السياسى، وهو دفع أقوى باتجاه النضج وانعكاس الصورة الحقيقية للمجتمع والشارع، فى ترجمة أكثر موضوعية للتركيبة الاجتماعية، وللمصالح المباشرة لجمهور السياسة، وبالتبعية للأحزاب نفسها باعتبارها كيانات اجتماعية وسياسية ترتبط بالشارع قوة وضعفا!
التوازن وسلطة الشارع
بعيدا من النقد والتقييم، تمثل النتيجة النهائية حصيلة مواقف الشارع، وهى السلطة الأعلى فى الممارسة السياسية والنيابية. قد تكون الأرقام سببا فى لوم الأحزاب والقوى الصغيرة على القصور والتقصير والعجز عن مخاطبة الناخب أو اقتناص ثقته وصوته، لكن فى الوقت نفسه لا يُمكن بطبيعة الحال محاسبة "مستقبل وطن" أو غيره من أحزاب البرلمان الكبرى على نجاحها فى الوصول إلى القاعدة الجماهيرية. ربما يُمثل الموقف فرصة للمساءلة والتقييم والبحث عن أسباب نجاح طرف أو فشل آخر، لكن على سبيل الفهم والبحث والتطوير، مع مراعاة أن أى انتقاد للمعادلة القائمة وما أفرزته من توازنات بمثابة رفض لمنطق المنافسة السياسية، وخروج على سلطة الشارع نفسه، وهو أمر ضد طبيعة الآلية النيابية وأدوات الانتخاب والتمثيل المباشر.
إلى ذلك، فإن الشارع نفسه كان دقيقا فى اختيار ورسم ملامح المشهد السياسى والبرلمانى. صحيح أنه منح الأغلبية لحزب مستقبل وطن، لكنها تظل أغلبية محدودة وغير قادرة على الهيمنة، فضلا عن تحلل الحزب نفسه من نزعة التسلط وانحيازه لمنطق التوافق والشراكة مع القوى المحيطة. لكن بالتوازى مع ذلك منح الشارع نفسه قرابة نصف مقاعد مجلس للنواب لطيف واسع من القوى السياسية، يضم عددا من أحزاب اليسار ويسار الوسط والتيار الليبرالى، إضافة إلى عدد كبير من المستقلين غير المحسوبين على الموالاة بالمعنى السياسى الداعم لنظام الحكم، حتى لو كانوا داعمين للدولة بصيغتها الاعتبارية ومعناها الوطنى.
الخلاصة أننا إزاء مشهد متوازن بحسابات بالغة الدقة والموضوعية. ورغبة عارمة لدى كل التيارات فى القفز على الاختلافات الأيديولوجية وإعلاء قيم الممارسة السياسية الناضجة، ودولة وقيادة فى أشد حالات الصلابة والاستقلال والتطلع إلى إثراء الحياة السياسية وتمكين كل الفئات. والأهم أننا إزاء شارع ذكى وناقد وديناميكى وقادر على تقييم اختياراته وتعديلها دوريا، والمعنى العميق فى كل ذلك أن أغلبية "مستقبل وطن" المحدودة لن تهيمن على البرلمان، وأن الأقلية التى تتجاوز 45% تملك ما يسمح لها بفرض كثير من رؤاها ومواقفها، وأن سلطة الشارع فى أوج قوتها، والدولة على حياد واتصال متكافئ مع كل القوى والتيارات، وهى معادلة ربما لم يشهدها البرلمان المصرى طوال تاريخه الذى يتجاوز 150 سنة، وعلى الأقل لم يعرف ملامحها بتلك الدقة والتوازن طوال ربع القرن الأخير!
أغلبية حزبية محكومة
مشهد الأغلبية الحالى يبدو أكثر تحررا مما اعتادته الساحة السياسية من صراعات. أولا لأن الحزب الأكبر تحت القبة يملك 52.8% تقريبا من المحتمل أن تتقلص مع صدور قائمة التعيينات الرئاسية، وثانيا لأنه ينحاز إلى فلسفة تفاعلية مع المحيطين والشركاء، والأهم أنه لا روابط عضوية تجمعه بالسلطة التنفيذية أصلا، فمن جانب لا يُعد "مستقبل وطن" حزب الدولة الرسمى كما كان حال الحزب الوطنى قبل ثورة يناير، أو حتى "الحرية والعدالة" خلال حُكم الإخوان، ومن جانب آخر لا يقود الحزب الحكومة ولا يملك تشكيلها أو إقالتها، باستثناء الأدوات البرلمانية التى تسمح له بالاستجواب والمساءلة، وكل ما فى الأمر أنه يدعم الدولة، التى تدعم هى نفسها كل القوى والتيارات السياسية، ومن ثمّ فإن تلك العلاقة المعنوية بين الحزب والكيان الاعتبارى للدولة، لن تكون عقبة أمام الممارسة السياسية، وإنما ضمانة لعدم المماحكة والتجاذبات وفرض الوصاية من الأغلبية البرلمانية.
وفق هذا التصور، فإن الأغلبية الجديدة أقرب إلى أكثرية حزبية، وليست أغلبية حكومية أو ولاية مباشرة للدولة على قطاع من السلطة التشريعية. والأهم أنها محكومة باعتبارات التنوع والحياد وفلسفة الدولة والقيادة الداعمة للحياة السياسية وإثراء مكونات المشهد ومساندة وتمكين الفئات المهمشة، ومن هذا المنطلق لا يبدو أن نسبة 52.8% أو أقل ستسمح لـ"مستقبل وطن" بتحييد قرابة نصف المجلس، أو تجاهل أفكارهم ورؤاهم، أو إغفال توجهات الشارع القادر على المراقبة والتقييم والعقاب، الآن باتخاذ مواقف واضحة من التفاعل مع نواب الدوائر، أو مُستقبلا بإعادة تعديل التركيبة السياسية والأوزان النسبية للأحزاب فى أية استحقاقات مقبلة. ما يعنى أن التوافق والعمل المشترك ضرورة لتثبيت الأوضاع، وأن أى مساس بصيغة التحالف والشراكة التى أقرها الشارع بانتخاب "القائمة الوطنية" بهيكلها الحالى، قد لا يكون فى صالح الأغلبية نفسها، وهو قيد إضافى يرفع منسوب التوقعات الإيجابية بشأن الأداء النيابى ونشاط القوى السياسية تحت قبة البرلمان!
حضور رئاسى وازن
نظريا اكتمل الهيكل الأساسى للمجلس، لكن عمليا تتبقى تعيينات رئيس الجمهورية، ورغم أنها نسبة ضئيلة حدها الأقصى 28 نائبا، فإنها تنطوى على احتمال تغيير التركيبة النهائية لمجلس النواب أو تعديل حضور وحصص القوى الأبرز تحت القبة. ما سبق من تلك التجربة يُشير إلى فلسفة رئاسية ورهان ثابت على الدفع فى اتجاه إثراء المؤسسة التشريعية وإكسابها نكهة اجتماعية وسياسية تُلامس الشارع إلى أقصى مدى ممكن، إذ دفعت تعيينات العام 2015 بـ14 سيدة يُمثلن 50% من حصة الرئيس، وضمت القائمة أسماء مهمة كان منها الدكتور على عبد العال الذى فاز برئاسة المجلس، والمستشار سرى صيام، والمستشار بهاء أبو شقة، والسيد عبد العال رئيس حزب التجمع، والدكتور أسامة الأزهرى، والكاتبتين لميس جابر وأنيسة حسونة، والدكتورة بسنت فهمى، والدكتور حسين عيسى رئيس جامعة عين شمس، إضافة إلى آخرين من المهنيين والمتخصصين والكفاءات المعتبرة فى عدة مجالات.
الأمر نفسه كرره الرئيس فى تعيينات مجلس الشيوخ قبل أسابيع، إذ منحت ضعف النسبة الدستورية المقررة للمرأة بنحو 20%، فضلا عن عدد من السياسيين والشباب ورؤساء الأحزاب والكفاءات فى الاقتصاد والسياسة والعلوم العسكرية وغيرها. وإذا مددنا الخط على استقامته فإننا نترقب 28 اسما مميزا لعضوية مجلس النواب الجديد، سيُمثلون حضوراً رئاسيا وازنًا على صعيد التركيبة السياسية، وتمثيل الأحزاب، وتعزيز حضور النساء والشباب، وإثراء المجلس بمزيد من الكفاءات والمختصين، وهو أمر فضلا عن إسهامه المتوقع فى إعادة ترسيم الحدود والكتل السياسية، فإنه يحمل إشارات مُهمة ستقود إلى ضبط أداء الأحزاب والقوى السياسية، وتدفع فى اتجاه ترقية التعاون والتكامل بين كل التيارات، وتصعد درجة جديدة على سُلّم الترقى السياسى والنيابى، بما يُسهم فى بناء طابق جديد فى معمار الحياة السياسية الصاعدة بثبات، وبالتأكيد يُكمل مسار القطيعة والخروج الحاسم من عباءة "الوطنى والإخوان"!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة