"أنا لسه بضحك على نفسى وبحاول أقنع نفسى إنى حاشفوك تانى وحاتاخدنى فى حضنك تانى".. بتلك الكلمات الفياضة كتبت يوم 20 يناير 2019 نيفين سعده، ابنة الكاتب الصحفى الراحل إبراهيم سعده، رئيس مجلس إدارة وتحرير دار أخبار اليوم الأسبق، لتحيي ذكرى مرور 40 يومًا على رحيل والدها، فى تدوينة تضمنت عدة رسائل وجهتها لروح والدها فقيد الصحافة المصرية، واليوم يمر عامان على رحيل كاتب "آخر عمود".
نيفين إبراهيم سعده بجوار صورة والدها بمقر اليوم السابع
وواصلت نيفين، حديثها عن ذكرياتها مع والدها، وعلاقته بمؤسسة أخبار اليوم، ورجال الحكومة وزعماء العالم، قائلةً: "بتفرج على صورك القديمة كإنى بتفرج على فيلم أو شريط ذكريات، مش بس الصور العائلية، لكن كمان صورك فى بيتك - فى أخبار اليوم - وسط عائلتك الكبيرة، صورك مع رؤساء العالم ورجال الحكومة فى مصر، حياة غنية بناسها وتجاربها".
صورة إبراهيم سعده على جدران اليوم السابع
نعم يعيش بيننا إبراهيم سعده بتاريخه الصحفى الثري، وبصوره وذكرياته مع رؤساء العالم ورجال الدولة في مصر.. عامان كاملان مرا على رحيل من حفر اسمه من ذهب فى أذهان وعقول قراء الصحافة المصرية خلال السنوات الماضية ومن أبرز الكتاب الذين أثروا فى تاريخ الصحافة المصرية، وعاش مسيرة كبيرة فى العمل الصحفى، إنه الكاتب الصحفى البارز إبراهيم سعدة رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير أخبار اليوم الأسبق، والذى خاض صولات وجولات على مدار 4 قرون، منذ أن بدأ العمل الصحفى فى ستينيات القرن الماضى، وحتى استقالته قبل ثورة 25 يناير، عندما خرج بمقاله المشهور "آخر عمود"، بجريدة الأخبار ليعلن استقالته ليكون أول كاتب صحفى يعلن استقالته من منصبه عبر مقال ينشره عبر الصحيفة التى يترأس تحريرها.
إبراهيم سعده وزوجته وبنته
ولد الكاتب الصحفى الراحل إبراهيم سعدة، فى 3 نوفمبر عام 1937 بمدينة بورسعيد وتلقى جميع مراحل تعليمه داخل مدارس المحافظة، وحصل على الابتدائية والإعدادية والثانوية، وكانت الصحافة كل شىء فى حياته ،وعمل قبل حصوله على الشهادة الثانوية مراسلا لعدد من الصحف والمجلات، منها مجلة الفن ، سندباد ، الجريمة .
موسى صبرى رئيس تحرير الأخبار ومحسن محمد رئيس تحرير الجمهورية مع الراحل إبراهيم سعده.
سافر الكاتب الراحل إلى سويسرا بعد حصوله على الشهادة الثانوية، ودرس الاقتصاد السياسى و عاش 12 عاما فى أوروبا، وتزوج قبل عودته إلى مصر ، وسعى للعمل مراسلا صحفيا لأى صحيفة مصرية بسويسرا، و بعد عودته من سويسرا التقى بصديقه مصطفى شردى الذى أصبح مديرا لمكتب دار أخبار اليوم فى بورسعيد ،وعرض عليه أن يعمل مراسلا صحفيا لأخبار اليوم فى جنيف، وتحمس شردى للفكرة و قابل سعده، على أمين بمقر أخبار اليوم، وعرض عليه تحقيقا كان قد كتبه عن مشكلة الحاصلين على الثانوية، وليست لهم أماكن فى الجامعات المصرية، فأعجب به على أمين، ووافق على تدريبه كمراسل صحفى فى جنيف .
استطاع ابراهيم سعده أن يحقق سبقا صحفيا حول مجرى حياته عندما طلب منه مصطفى أمين، تغطية خبر لجوء جماعة النحلاوى سياسيا إلى سويسرا، وذلك بعد حدوث الانفصال بين مصر و سوريا، ونجح فى اختيار الأخبار والتقى بجماعة النحلاوى و حصل منهم على تفاصيل مثيرة عن مؤامرة الانفصال وحقيقة تمويل الملك سعود لعملة الانفصال، وفى اليوم التالى صدر قرار تعيين إبراهيم سعده فى أخبار اليوم اعتبارا من 24 إبريل عام 1962 وأيضا تصرف مكافأة مالية كبيرة له تقديرا على السبق الصحفى .
تولى الراحل العديد من المناصب مثل رئيس قسم التحقيقات الخارجية ونائب رئيس التحرير حتى أصبح أصغر رئيس تحرير للجريدة، لم يكن إبراهيم سعده أصغر رئيس تحرير فقط، بل أنه أيضا أول صحفى جمع بين رئاسة تحرير صحيفتين، إحداهما قومية وهى الأخبار والأخرى حزبية، حيث ترأس تحرير صحيفة مايو التى كانت تصدر حينها عن الحزب الوطنى الديمقراطى ،كما اشتهر بكتابة عموده "آخر عمود".
مغامرات صحفية كثيرة للكاتب الراحل لا يمكن للتاريخ الصحفى أن ينساها، وشهدت فترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات العديد من المغامرات الصحفية للكاتب الراحل الذى استغل فرصة رئاسته لتحرير الجريدة ،حيث تمكن من تصوير الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى منزله منذ لحظة استيقاظه وأدائه لمهامه اليومية، حيث نشر إبراهيم حينها فى جريدة الأخبار صور الرئيس الراحل التى أحدثت ضجة كبيرة، حيث ظهر محمد أنور السادات بملابس نومه وهو يحلق ذقنه ويمارس تمارين الصباح.
استقال الراحل فى مقال قبيل ثورة 25 يناير، حينما كتب استقالته و اعتزاله مهنة الصحافة فى عموده الخاص " آخر عمود"، و قرر الاكتفاء بكتابة مقالاته فى هذا العمود الذى ظل يحمل اسمه لسنوات عديدة.
يوم 12 ديسمبر توفى إبراهيم سعده، بعد صراع مع المرض، ليترك لنا جميعا مدرسة صحفية تدرس، ومقالات نتعلم منها، وحياة صحفية ملئ بالمغامرات تعتبر نبراسا تضيئ لنا الحياة الصحفية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة