ارتفاع "سعر الغاز" يهدد الصناعة الوطنية ويحرم ملايين العمال من وظائفهم.. ومصانع الحديد والأسمنت تستغيث ولا تستطيع المنافسة.. تخفيض سعر الطاقة يوفر مناخا مناسبا لتشجيع الاستثمارات ويزيد موارد الدولة

الأربعاء، 11 نوفمبر 2020 03:45 م
ارتفاع "سعر الغاز" يهدد الصناعة الوطنية ويحرم ملايين العمال من وظائفهم.. ومصانع الحديد والأسمنت تستغيث ولا تستطيع المنافسة.. تخفيض سعر الطاقة يوفر مناخا مناسبا لتشجيع الاستثمارات ويزيد موارد الدولة ارتفاع أسعار الغاز يهدد صناعة الحديد والأسمنت
كتب محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحاول الدولة منذ تولى الرئيس السيسي رئاسة الجمهورية توفير المناخ المناسب لتشجيع الصناعات الوطنية سواء الثقيلة أو المتوسطة والصغيرة،  في كل ربوع مصر، فتم إنشاء أكثر من 21 مجمعا صناعيا للصناعات الصغيرة في كل المحافظات، كما تمت زيادة المناطق الحرة لتشجيع الصادرات، وتم تنفيذ أكبر مشروعات لإنتاج الكهرباء في العالم لتوفيرها للأغراض الصناعية بسعر مناسب.
 
ورغم كل هذا فإن الصناعات الوطنية حاليا تعاني كثيرا، ليس من عدم توافر الطاقة، ولكن من ارتفاع سعرها بشكل كبير، مما أثر سلبا على تكاليف إنتاجها التى ارتفعت بشكل كبير جدا، أضعف من قدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية، كما أنه رفع سعرها أيضا في السوق المحلي الذي تغرقه الشركات العالمية بمنتجاتها الرخيصة رغم وجود مثيل لها مصري، لكنه غالي الثمن بسبب تكاليف سعر الطاقة. 
 

وزيرا البترول والصناعة وعدا بدراسة تخفيض سعر الغاز

ومؤخرا اجتمع عدد من الوزراء مثل وزير البترول المهندس طارق الملا ووزيرة التجارة والصناعة نفين جامع مع أعضاء اتحاد الصناعات لمناقشة مشاكل الصناعة، وكان على رأس هذه المشكلات هو ارتفاع سعر الطاقة للمصانع في المقدمة منها سعر الغاز، وهو ما وعد الوزيران وهما أعضاء في لجنة تسعير الطاقة، بالنظر في تخفيض السعر ودراسة ذلك قريبا مع باقي الأطراف المسئولة عن التسعير.
 
ومعروف أن الطاقة، سواء كانت كهرباء أو غاز طبيعي أو مواد بترولية، هي مدخل أساسي من مدخلات الإنتاج في أي صناعة، وخصوصا الصناعات الثقيلة مثل الحديد والصلب والأسمنت والصناعات البتروكيماوية والأسمدة والبلاستيك والسيراميك وغيرها من الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، ولذلك فإن تكلفة هذه الطاقة للمصانع هي ما تتحكم في قدرة الصناعة على الاستمرار في العمل من جانب وعلى المنافسة عالميا وحتى محليا من جانب آخر.
 
كما أن هذه الصناعات يعمل بها ملايين العمال والمهندسين والفنيين بشكل مباشر، كما يستفيد منها ملايين آخرين بشكل غير مباشر، فصناعة الحديد والصلب مثلا تدخل بشكل أساسي في صناعات السيارات والأدوات الكهربائية والأجهزة المنزلية بأنواعها والعقارات، كما أن كل هذه الصناعات ترتبط بصناعات أخرى تستفيد منها وتعتمد عليها، نحتاج لرصدها من الوقت والجهد الكثير، إذن نحن أمام صناعات هامة جدا وضرورية جدا للنمو الاقتصادي العام، ولا يمكن لأي بلد يبحث عن الإصلاح الاقتصادي أن يتجاهل دورها ولا يقدم لها  كل ما تريد حتى تستطيع أن تنافس مثيلاتها في العالم وتحافظ على وجودها أصلا كصناعة محلية وطنية تلبي احتياجات السوق المحلي المتعطش لها في ظل وجود 25 مدينة جديدة يتم بناؤها، بالإضافة إلى مئات المشروعات الأخرى التى تحتاج هذه الصناعة مثل الكباري والطرق مثلا، إلى جانب عاصمة إدارية ضخمة تتعطش أيضا لمنتجات هذه الصناعة.
 

تخفيض سعر الغاز يزيد موارد الدولة

ومن هنا يجب أن يتضح أن تخفيض سعر الطاقة بشكل عام للمصانع المصرية هو ضروري لصالح الدولة نفسها، وليس المصانع فقط، لأنه سيساعد المصانع على المنافسة في الأسواق الخارجية وتحصل على عائدات بالدولار يستفيد منها السوق المحلي، كما يساعدها أيضا على البقاء في العمل في حد ذاته، لأن الاستمرار في العمل بهذه التكلفة العالية يجعل المصانع في النهاية، إما أن تلجأ لتخفيض العمالة للحفاظ على مستوى معقول من الأرباح أو أن تضطر للتوقف بشكل كامل.
 
ولمن يقولون أن بيع الطاقة بهذه الأسعار (4.54 دولار للمليون وحدة غاز) يدر دخلا للموازنة العامة للدولة وأن تخفيضها يضر بموارد الدولة، نقول لهم إن تخفيض سعر الطاقة عموما والغاز خاصة سيدر دخلا أكبر بكثير للدولة، فهذه المصانع عندما تستمر في العمل ويكون لديها قدرة على التوسع ستحقق أرباحا أكبر وستدفع ضرائب أكثر بالإضافة للحفاظ على العمالة وزيادتها، كما أنها ستوفر دخلا إضافيا بالدولار نتيجة التصدير تستفيد منه الدولة أيضا.
 

تحديات تواجه صناعة الحديد والصلب

 تواجه صناعة الحديد والصلب وباقي الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة العديد من التحديات، يعد أهمها ارتفاع سعر الطاقة سواء من الكهرباء أو الغاز، وهو ما يجعلها غير قادرة على منافسة مثيلاتها في الأسواق العالمية، ويؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتج النهائي بالسوق المحلي وأسواق التصدير، وهو ما يؤدي بدورة إلى أن تخسر الصناعات الوطنية أسواق تصديرها في أغلب الأحيان لصالح دول أخرى تدعم صناعتها المحلية إما بتخفيض سعر الطاقة من الكهرباء والغاز أو حتى بيعها بالسعر العالمي الذي يشهد انخفاضا حادا في الوقت الحالي بسبب جائحة كورونا وتوقف أغلب المصانع في العالم.
 
وعلى سبيل المثال يصل سعر الكيلو وات ساعة من الكهرباء - على شبكة الجهد الفائق- المورد للمشروعات الكبيرة والصناعات الثقيلة كصناعة الحديد والصلب فى مصر إلى 103 قرش «أى ما يعادل 5.7 سنت/ يورو»، مقابل أن سعر الكهرباء للصناعات الكبيرة فى دول الاتحاد الأوروبى لا يزيد عن 2.5 سنت/ يورو «أى ما يعادل 43 قرشا» للكيلو وات ساعة، هذا يعنى أن سعر توريد الكهرباء فى مصر للصناعة الثقيلة يعتبر أعلى من ضعف سعر الكهرباء فى الاتحاد الأوروبى، وهو ما يؤكد أن الصناعة فى مصر تُحمل بأعباء إضافية كبيرة يصعب فى ظلها الاستمرار فى الإنتاج والمنافسة بالتصدير.
 
وبالنسبة للغاز، الذى يُعد مُدخَل إنتاج لا بديل عنه فى صناعة الحديد والصلب والأسمدة، فأسعار توريد الغاز الطبيعى لصناعة الصلب فى مصر تعتبر مرتفعة جداً بالمقارنة بالأسعار الاقليمية والعالمية، ففي حين أن سعر توريد الغاز الطبيعى «للمليون وحدة حرارية بريطانية» للصناعات الكبرى فى أوروبا لا يتجاوز 1.4 دولار أمريكى، وفى الولايات المتحدة الأمريكية 1.84 دولار أمريكى «مايو 2020»، نجد أن سعر الغاز لصناعة الصلب الوطنية في مصر هو 4.5 دولار أمريكى.
 

ارتفاع سعر الطاقة يحرم الصناعة الوطنية من المنافسة

ويعلم الجميع أنه لا يمكن لأى صناعة أن تكون لديها قدرة تنافسية ما لم تكن تحصل علي الطاقة اللازمة لها بأسعار على الأقل متساوية مع الأسعار العالمية، وإلا سيؤدي ذلك إلى تراجع إنتاجها وقد تضطر للتوقف التام، فهذا السعر كفيل بتدمير صناعة الحديد والصلب العريقة مهما كانت متقدمة تكنولوجياً.
 
كما أن أغلب الدول الكبرى تنتهج سياسة تقديم الطاقة بأسعار تنافسية لصناعاتها الثقيلة مثل الحديد والصلب والأسمنت والأسمدة والألومنيوم وغيرها، لأنها تُدرك أن الصناعة القوية والناجحة هى القادرة على النهوض بالاقتصادات باعتبارها قاطرة نمو هامة وسبب أساسى فى فتح أسواق جديدة وتوفير عملات أجنبية والحد من عجز الميزان التجارى من خلال زيادة حجم الصادرات، وخفض الواردات.
 

 ماذا تريد المصانع من الحكومة؟

ومؤخرا تقدم كبار الصناع في مجالات الحديد والصلب والأسمنت وباقي الصناعات كثيفة الاستهلال عبر العديد من القنوات الرسمية، بمطالب محددة للحفاظ على هذه الصناعات المهمة ومنحها "قبلة الحياة" لتحافظ على بقائها، وسط كل هذه المعوقات، سواء المنافسة غير الشريفة وغير المتكافئة من الصناعات المثيلة في الدول الأخرى مثل أوكرانيا وتركيا والصين وغيرها، التى تدعم الطاقة بشكل كبير لمصانعها وتحميها من الصناعات المنافسة تجاريا بإجراءات حاسمة بشكل دوري وحاسم .
 
 وكان آخر هذه المطالب ما تقدم به الصناع فى مذكرة بكل مطالبهم ردا على مذكرة أخرى تقدمت بها وزيرة التجارة والصناعة إلى الصناع لمعرفة مطالبهم لدعم الصناعة، ويلخص الصناع مطالبهم في الآتى: مراجعة أسعار الغاز كل 3 أشهرخاصة المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، وتخفيضها لتساوي السعر العالمي الذي لا يتجاوز 1.8 دولار لكل مليون وحدة حرارية، في حين أنه في مصر تباع المليون وحدة حرارية للمصانع المصرية بـ4.5 دولار .
 
 كما يطالب الصناع أن يتم تخفيض سعر الكهرباء للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة إلى ما لا يزيد عن 3 سنت/ يورو للكيلو وات ساعة وأن يتم تخفيض سعر الغاز إلى ما لا يزيد 2.5 دولار أمريكى للمليون وحدة حرارية بريطانية، كما يجب المراقبة الدورية للرسوم الحمائية على الواردات من الحديد والصلب التى تغرق السوق المحلي، حيث إن غياب الحماية الجمركية على واردات مصر من البيليت وحديد التسليح وضعف التعريفة الجمركية المفروضة على مسطحات الصلب «5%» يعرض الصناعة الوطنية لمخاطر خسارة أسواقها المحلية لصالح المنتجات الأجنبية، لذلك لابد من فرض رسوم جمركية ثابتة  بنحو 20% على كل من البيليت ومسطحات الصلب و25% على حديد التسليح لحماية الصناعة الوطنية، وذلك فى إطار ما يسمح به سقف التعريفة الجمركية لمصر فى اتفاقها مع منظمة التجارة العالمية.
 
وأخيرا هل ستستجيب الحكومة لهذه المطالب سريعا لحماية الصناعة الوطنية والحفاظ على ما حققته طوال سنوات سواء في الداخل أو في الخارج؟









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة