من بين هذه المصائب التي تعيشها الزوجات حينما تذهب الزوجة لاستخراج اعلام وراثة بعد وفاة الزوج ثم تكتشف أن زوجها كانت متزوجاَ من أخرى دون علمها ليس ذلك فقط وأنه لديه أطفال أو أنجب أطفال من تلك الزوجة في الخفاء، كما حدث مع "ل.ن" التي قدمت طلب إعلام وراثة، أمام محكمة الأسرة بمصر الجديدة، بعد وفاة زوجها، واكتشافها زواجه بسيدتين غيرها بعد زواج دام بينهما 19 عاما، لتؤكد: "طوال سنوات منحت زوجى أموالى وميراثى، وتركته يتحكم فى كل شىء ويسجله باسمه، بعد أن عاملنى بحب وأقنعنى بأننى الزوجة الوحيدة التى من الممكن أن يتزوجها ويحبها، لاكتشف بعد وفاته أننى مغفلة بعد اكتشافى بزواجه على دون علمى لسنوات طويلة".
هل يجب إخبار الزوجة الأولى بزواج زوجها عليها؟
وعن مثل هذه الوقائع المثيرة للجدل من الناحية القانونية – يقول محمود البدوي، المحامي بالنقض والدستورية العليا والخبير الحقوقي، أن هذا الآمر غالباً ما يثار بشأن الزوج الذي يكون قد تزوج بأخري بشكل رسمي، ولكنه اخفى عن زوجته الأولى خوفاً منها أو خوفاً من أن تطلب الطلاق منه لزواجه بأخرى، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الزواج الشرعي الرسمي الموثق هو حق للرجل شرعاً وقانوناً، إلا أن هذا الحق ليس حق مطلق، وهو حق مقيد بعدد من الاشتراطات والضوابط التي وضعها الشرع والقانون أيضاً ومراعاة لحقوق الزوجة الأولي النفسية والزوجية والقانونية أيضاً .
ومن الناحية الشرعية - وفقا لـ "البدوى" في تصريح لـ"اليوم السابع" - فإن زواج الرجل من امرأة ثانية أمرٌ أباحه الشرع، واشترط العدل والمساواة بين الزوجات، كما ورد في قوله تعالى: "فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً"، والشرع لم يرد به ما يوجب على الزوج إعلام الزوجة الأولى بزواج زوجها عليها، فليس من شروط ولا أركان الزواج أن يعلم الرجل زوجته الأولى أنه تزوج عليها، إلا إذا اشترطت هي عليه أثناء عقد زواجهما أنه لا يتزوج عليها وهو شرط بالتراضي بينهما لا يجب مخالفته، ولو تزوج فمن حقها حيئنذ أن تفسخ العقد وتأخذ حقوقها كلها.
زواج الرجل بأخرى دون علم زوجته
والخلاصة هنا – بحسب "البدوى" - إن الإسلام يبيح للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، ولكن إباحته مشروطة بالعدل بين الزوجات، وبالقدرة المالية والجسدية، وألا تكون الثانية على حساب الأولى في النفقة والسكنى وغير ذلك من حقوق الزوجة على زوجها، يقول تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً"، ومن ثم فأنه لم يجعل الإسلام علم الزوجة الأولى شرطًا من شروط صحة الزواج بالثانية، فإذا ما تم الزواج بالثانية يكون صحيحًا، وتترتب عليه كافة الآثار الشرعية للزواج.
أما من الناحية القانونية فإن القانون المصري أوجب على الزوج أعلام زوجته بزواجه من أخري، بل رتب عقوبة على الزوج إن هو تلاعب في بيانات زوجته الأولى حتى لا يتصل علمها بواقعة زواجة الثانية، أو حتى لو هو أخفى بالكلية واقعة زواجه، هذا وقد نصت المادة 11 مكرر( مضافة) إلى القانون 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية : "على الزوج أن يُقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجًا فعليه أن يُبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثِّق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب محل مقرون بعلم الوصول".
الخبير القانونى محمود البدوى
وأضاف الخبير الحقوقي: أن القانون يعطي الحق للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر، ففي نفس المادة السابقة افاد المشرع: "ويجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالها ولو لم تكن قد اشترط عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة. ويسقط حق الزوجة في طلب التطليق لهذا السبب بمضي سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى إلا إذا كانت قد رضيت بذلك صراحة أو ضمنا، ويتجدد حقها في طلب التطليق كلما تزوج عليها بأخرى، وإذا كانت الزوجة الجديدة لم تعلم أنه متزوج بسواها ثم ظهر أنه متزوج فلها أن تطلب الطلاق كذلك".
أولاَ: الإجابة علي هذه القضية من الناحية القانونية وجوانبها
وفى سياق آخر، يقول الخبير القانوني والمحامى حسام الجعفرى، أن المادة 11 مكرر رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985، جاء نصها على الزوج أن يقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجا فعليه أن يبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن، وأنه على الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب محل مقرون بعلم الوصول وفي هذه الحالة يجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة، ولو لم تكن قد اشترط عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة، ويسقط حق الزوجة في طلب التطليق لهذا السبب بمضي سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى إلا إذا كانت قد رضيت بذلك صراحة أو ضمنا، حيث أنه يتجدد حقها في طلب التطليق كلما تزوج عليها بأخرى، وإذا كانت الزوجة الجديدة لم تعلم أنه متزوج بسواها ثم ظهر أنه متزوج فلها أن تطلب التطليق كذلك.
ثانيا: فيما يخص عدم ذكر بيانات صحيحة بوثيقة الزواج بأخرى:
ويضيف "الجعفرى" في تصريح خاص إن الزوج عليه أن يخبر الموثق بحالته الاجتماعية الصحيحة حال عقد القران، وأن يذكر ما إذا كان في عصمته زوجة أو زوجات أخريات مع ذكر بيانات الزوجة أو الزوجات اللائي في عصمته بشكل صحيح وسليم، والعلة من ذلك هو أن يقوم الموثق بإخطار تلك الزوجة بواقعة الزواج الجديدة للزوج.
ثالثا: العقوبة القانونية فيما يخص الإدلاء ببيان كاذب أو غير صحيح بوثيقة الزواج
يجوز للزوجة الرجوع إلى الزوج بجنحة مباشرة أو غير مباشرة عن واقعة إدلاء ببيان غير صحيح بوثيقة رسمية فيما يخص حالته الاجتماعية بذكر بيان غير صحيح كاسم الزوجة الأخرى مثلا أو عنوانها أو عدم ذكر أنه متزوج من الأساس وهو ما نصت عليه المادة رقم 23 مكررا من القانون 25 لسنة 1929 والمضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985: "يعاقب المطلق بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر، وغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا خالف أياً من الأحكام المنصوص عليها في المادة 5 مكرر من هذا القانون"، كما يعاقب الزوج بالعقوبة ذاتها إذا أدلى للموثق ببيانات غير صحيحة عن حالته الاجتماعية أو محال إقامة زوجته أو زوجاته أو مطلقته، على خلاف ما هو مقرر في المادة 11 مكرر، ويعاقب الموثق بالحبس بمدة يقررها القاضي.
ماذا لو كان المتوفي متزوج بأخرى وله أولاد ولم يتم ذكرهم بإعلام الوراثة؟
هناك فرضان
الفرض الأول: أن يكون مقدم طلب اعلام الوراثة لا يكون علي علم أن مورثه متزوج بأخرى أو له أولاد منها وفي هذه الحالة يعتبر اعلام الوراثة به خطأ مادي ويجوز تصحيحه أمام المحكمة طبقا للمادة 191 من قانون المرافعات: "تتولى المحكمة تصحيح ما يقع فى حكمها من أخطاء مادية بحته كتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ويجرى كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الاصلية ويوقعه هو ورئيس المحكمة".
الفرض الثاني: أن يكون مقدم طلب اعلام الوراثة علي علم بأن مورثه متزوج بأخري وله منها أولاد فتكون هنا سوء نية مقصودة الغرض منها استبعاد الزوجة الأخرى وأولادها وهو ما يعاقب عليه قانون العقوبات، حيث نصت المادة 266 من قانون العقوبات: "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على 500 جنيه، كل من زور فى إجراءات تتعلق بتحقيق الوفاة والوراثة، والوصية الواجبة أمام السلطة المختصة، بأخذ الإعلام أقوال غير صحيحة عن الوقائع المرغوب إثباتها، وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة، وذلك متى ضبط الإعلام على أساس هذه الأقوال كما يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على 500 جنيه كل من استعمل إعلام بتحقيق الوفاة والوراثة، والوصية الواجبة، ضبط على الوجه المبين فى الفقرة الأولى من هذه المادة وهو عالم بذلك".
المحامى حسام الجعفرى
هل يجوز للزوجة الأخرى وأبناءها استخراج اعلام وراثه شرعي؟
نعم يجوز في جميع الأحوال يجوز لهم استخراج اعلام وراثه شرعي سواء إذا كان مقدم طلب اعلام الوراثة علي علم او لم يكن علي علم ويتم ضبط الإعلام لجميع الورثة الشرعيين.
حكم الزواج بأخرى دون إعلام الزوجة الأولى وفقا لدار الإفتاء
هذا وقد سبق ورود سؤال لدار الإفتاء كالتالى: ما حكم الزواج بأخرى دون إعلام الزوجة الأولى؟.. حيث أوضح الشيخ محمد عبدالسميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال فتوى مسجلة عبر موقع دار الإفتاء المصرية، أنه إذا تزوج الرجل مرة أخرى دون إعلام الزوجة الأولى فيكون الزواج صحيحا.
وأضاف عبد السميع، قائلًا: إن الزواج صحيح وإن كان عقد الزواج الشرعي يشترط عليه أن يكتب عنوان زوجته الأولى حتى يرسل إليه القاضي أو جهة توثيق الزواج ليعملوا زوجته الأولى بأنه تزوج بامرأة أخرى حتى يكون لها حرية الاختيار فى أن تبقي معه أو تكمل حياتها معه، فلتفعل ما تحب، فالزواج صحيح ولا شيء فى ذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة