الزيادة السكانية كارثة تأكل الأخضر واليابس.. الظاهرة تسبب تفاقم الأزمات

الأحد، 04 أكتوبر 2020 09:30 م
الزيادة السكانية كارثة تأكل الأخضر واليابس.. الظاهرة تسبب تفاقم الأزمات الدكتور عمرو حسن مقرر المجلس القومى للسكان السابق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الدكتور عمرو حسن، مقرر المجلس القومى للسكان السابق، إن الدولة المصرية أكدت خطورة ظاهرة الزيادة السكانية على حصة الفرد من المياه، مشيرا إلى أن الدولة تعمل على تحسين نظام الرى لتوفير نقطة المياه لأن حجم الزيادة السكانية لدينا كبير. 
 
وأضاف مقرر المجلس القومى للسكان السابق، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه منذ فجر التاريخ نشأت الحضارات فى كل بقاع الأرض حول مصادر الماء، وكذلك قامت الحضارة المصرية القديمة حول نهر النيل، وسميت مصر بهبة النيل. ولم يتغير الأمر كثيرًا اليوم، ولن يتغير فى المستقبل، فالماء سيبقى أساسًا لازدهار الاقتصاد والمجتمعات. وعلى الرغم من أن 71% من سطح كوكبنا مغطى بالمياه إلا أن نسبة المياه العذبة لا تزيد على 3%؛ وحتى هذه النسبة لا يستفيد منها البشر كاملة، فنجد أن أقل من 2% من مجمل مياه الكوكب تصلح للاستخدامات البشرية، مثل الشرب والزراعة (بنسبة 70% من المياه العذبة) والصناعة وإنتاج الطاقة، إلا أن التزايد المستمر فى عدد سكان العالم، وعوامل التغير المناخى، يفاقم بمرور الوقت مشكلة استنزاف موارد المياه العذبة على الأرض، فنجد أن الأمم المتحدة تقدر بأن عدد سكان الأرض سيرتفع إلى 9.7 مليار نسمة فى العام 2050، حيث سيواجه 5 مليارات شخص فى العالم صعوبة فى الوصول إلى المياه الكافية.
 
وأضاف مقرر المجلس القومى للسكان السابق: "ولعل الماء هو أحد أكثر الحدود وضوحا التى أصبحت تفصل اليوم بين أغنياء العالم وفقرائه. فمعدل استهلاك الفرد للمياه فى أمريكا الشمالية يقدر بـ400 لتر فى اليوم، وفى أوروبا 200 لتر فى اليوم، أما فى الدول النامية فلا يتجاوز متوسط معدل استهلاك الفرد اليومى من المياه 10 لترات فقط، وتعد منطقة الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم افتقارا للمياه، فبالرغم من أنها تضم 5 بالمائة من سكان العالم، إلا أنه لا يتوفر فيها سوى 1% من مخزون العالم من المياه، لذلك تذهب بعض آراء الخبراء إلى أن المياه قد تتحول إلى سبب للحروب القادمة بسبب النقص المتزايد فى هذه الثروة الطبيعية الحيوية، على سبيل المثال النزاع حول نهر الحاصبانى بين إسرائيل ولبنان، إضافة إلى الخلاف بين دول حوض النيل حول حصة كل دولة، وأيضا الخلاف التركى السورى العراقى بسبب السدود التى تبنيها تركيا على منابع نهرى دجلة والفرات".
 
وقال الدكتور عمرو حسن أنه إذا نظرنا إلى مصر نجد أن مواردنا المائية تبلغ حوالى 60 مليار متر مكعب، منها 55.5 مليار متر مكعب من نهر النيل وحوالى 6 مليارات متر مكعب من الأمطار والمياه الجوفية وتحلية مياه البحر، بينما الاستخدامات المائية الحالية تقدر بما يقارب 80 مليار متر مكعب، 64 مليار مياه الزراعة و11.5 مليار مياه الشرب، و5 مليارات مياه الصناعة، وبالتالى هناك فجوة تبلغ حوالى 20 مليارا، يتم سدها عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى ما يقارب 13.50 مليار متر مكعب والمياه الجوفية بالوادى والدلتا 6.50 مليار متر مكعب.
 
وأكد أنه تشير كافة الأرقام والإحصائيات المستقبلية إلى مجاعة مائية فى مصر ما لم تتوفر الإرادة والفعل على مواجهتها، ولكن هذا وحده لن يكفى إلا إذا كان متزامنا فى العمل على إيجاد حلول حقيقية لمواجهة مشكلة مصر الكبرى فى عصرها الحديث وهى الزيادة السكانية. فالعديد من الدراسات أشارت إلى أن الأزمة المائية التى ضربت مصر قد تدهورت سريعا خلال الـ60 عاما الماضية بسبب الزيادة السكانية غير المنضبطة، والتى أثرت على نصيب الفرد من حصة مياه النيل، حيث كان عدد سكان مصر فى عام 1959 حوالى 27 مليون نسمة، وكانت الحصة المائية لمصر 55.5 مليار متر مكعب، وكان نصيب الفرد وقتها ما يقارب الـ 2000 متر مكعب، وبوصول تعداد سكان مصر لـ100 مليون نسمة فى 2020 نجد أن نصيب الفرد قد تقلص إلى أقل من 600 متر مكعب سنويًا، حيث انخفض نصيب الفرد إلى ما يقرب من 1500 متر مكعب خلال 60 عاما بسبب الزيادة السكانية، ووصلت مصر إلى عصر الفقر المائى بانضمامها إلى قائمة الدول الـ14 الأشد فقرا فى العالم.
 
(وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن خط الفقر المائى يقدر بـ1000 متر مكعب من المياه سنوياً للفرد، وتقدر حد الندرة المائية بـ500 متر مكعب للفرد سنويا).
 
وما زال نصيب الفرد فى انهيار مطرد مع الزيادة السكانية الرهيبة التى تشهدها البلاد، حيث تشير التقارير الدولية إلى استمرار الزيادة السكانية كأحد أهم التحديات التى ستلتهم المياه فى المستقبل، ووفقًا لأكثر الاحتمالات تفاؤلاً سيصل عدد السكان فى عام 2050 إلى 150 مليون نسمة، وعام 2100 إلى 200 مليون نسمة، مما يعنى أن نصيب الفرد من المياه سيقل ويكون أقل من 400 و300 متر مكعب للفرد فى 2050 و2100 على التوالى، أى أنه سنصل بنصيب الفرد من المياه إلى حد الندرة المائية.
وأضاف حسن أنه على هذا فإن قضية السكان لا بد من مناقشتها بوعى، وقد أظهرت التعدادات السكانية المتعاقبة التى أجريت خلال القرن العشرين أن حجم سكان مصر يتضاعف كل ثلاثة عقود تقريبا، فبينما كان عدد السكان 9.7 مليون نسمة أوائل القرن التاسع عشر تضاعف العدد إلى نحو 20 مليون نسمة بعد خمسين عاما فقط أى فى منتصف الأربعينات، وتضاعف العدد مرة أخرى خلال الثلاثين عاما التالية، ثم توالى العدد فى مضاعفات متتالية ليصل إلى نحو 100 مليون نسمة. مؤكدا أنه إذا كانت الحلول المرصودة لأزمة المياه تتطلع إلى زيادة المتاح من المياه فإن تحديد سقف تعداد سكان مصر أصبح أمراً لا مناص منه، فتحديد عدد السكان قياسا بالموارد المائية المتاحة والمستهدف إضافتها ووضع سياسات وآليات حازمة لضبط سقف الزيادة السكانية ومنع تجاوزه أصبح ضرورة ملحة، بحيث يصبح نصيب الفرد من المياه العذبة فى مصر هو الأساس فى تحديد عدد السكان. فأزمة المياه واحدة من أكثر الأزمات التى يجب علينا وضعها فى الحسبان عند التفكير فى معدل الزيادة السكانية، كما يجب بحث القدرة على تأمينها، وضرورة التعاون بشكل كبير فى رفع مستوى المياه المخزنة.
 
وأشار عمرو حسن إلى أنه نجد أن خبراء الزراعة أطلقوا تحذيرات من الزيادة السكانية المضطردة وما تتطلبه من تزايد كميات مياه الشرب والتوسع بالرقعة الزراعية لسد الفجوة الغذائية الناتجة عن الزيادة فى عدد السكان. ولا تكمن مشكلة مصر مع النمو السكانى فى افتراسه لثمار التنمية فحسب، بل أيضا فى تسببه بقضم الأراضى الزراعية ومصادر المياه المحدودة، وتقع هذه الأراضى التى تشكل فقط 5 بالمائة من مساحة البلاد على طرفى نهر النيل الذى يشكل مصدر المياه شبه الوحيد، وقد أظهرت خبرات العقود الخمس الماضية أنه كلما زاد عدد السكان يتم التوسع العمرانى على حساب ما تبقى من الأراضى الزراعية التى كانت حتى ستينيات القرن الماضى تنتج ما يزيد على حاجة المصريين من القمح والأرز، أما اليوم فقد أضحت البلاد من أكثر بلدان العالم المستوردة للحبوب. 
 
وأضاف أن تقريرا للأمم المتحدة صادر عام 2006 م على قضايا الحوكمة باعتبارها جوهر أزمة المياه، وورد فيه: "هناك ما يكفى من المياه للجميع، وعدم كفاية المياه فى كثير من الأحيان هى بسبب سوء الإدارة والفساد، وعدم وجود المؤسسات المناسبة، والجمود البيروقراطى ونقص الاستثمار فى القدرات البشرية والبنية التحتية.
 
وهذه الرؤية لا بد أن تتبناها الدولة المصرية عند معالجة هذه القضية المصيرية، ومصر فعلا على الطريق فى تنفيذ استراتيجية قومية جيدة للاستغلال الأمثل لحصتنا من المياه وتقليل الكميات المهدرة من مياه النيل عن طريق تبطين الترع لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، ولكن نحتاج أيضا إلى استراتيجية محكمة لضبط النمو السكانى المتسارع لكى نجنى ثمار التنمية ونحقق الأمن والرفاهية لمصرنا الغالية.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة