النفقة هى كل ما يصرفه الإنسان على غيره ممن تجب عليه نفقته من نقود وغيرها مما يحتاج إليه عادة من الطعام والكسوة والمسكن والدواء والركوب والخدمة، وذلك حسب المتعارف عليه فى مجتمع المنفق عليه لسد حاجته فى الغذاء والملبس والمسكن، والحكم بالنفقة من الأحكام القابلة للتغيير تبعاً لتغير حال المكلف بالنفقة أو تغير الحالة الاقتصادية وتغير الظروف المعاشية.
وأجاز القانون رفع دعوى جديدة لزيادة النفقة أو إنقاصها، ولكن بشرط مرور سنة على الحكم الأول الصادر بفرض النفقة، واستثنى القانون حالة حدوث ظروف استثنائية قبل مرور العام تقتضى تغيير النفقة بالزيادة أو النقصان، فأجاز للمحكمة سماع الدعوى قبل انقضاء السنة وترك للقاضي تقدير هذه الظروف وتقييم ضرورة تعديل النفقة بناء عليها ونص القانون على أن دين النفقة مقدم على غيره من الديون لكونه من الضرورات الخمس التي أوجب الإسلام حفظها وهى "الدين، النفس، العقل، النسل والعرض والمال".
هل تصدر أحكام النفقة "مبالغ فيها" تصل لـ600 الف جنية أحيانا؟
وتعتبر النفقة الزوجية أشهر أنواع دعاوى النفقات المسموعة وهى أثر من آثار الزواج وأول حقوق الزوجة على زوجها بسبب احتباسها له، إضافة إلى أن الشرع والقانون يحكم بتوابع أخرى للنفقة كنفقات الأولاد، وقرر القانون أن نفقة الولد الصغير الذى لا مال له على أبيه، وذلك حتى تتزوج الفتاة وحتى يصل الفتى للحد الذي يتكسب فيه أمثاله ما لم يكن طالب علم يواصل دراسته بنجاح معتاد، فيجب على الأب حينها الإنفاق عليه، وتلزم الأم الموسرة بنفقة أولادها المستحقين للنفقة في حالة فقد الأب أو عجزه عن الإنفاق وإذا ما أيسر الأب فلها الحق في الرجوع عليه بما أنفقت متى كان الإنفاق بإذنه أو بإذن القاضي، وما تتقوى به المرأة أثناء الحمل وبعد الولادة يعد كذلك من النفقات الواجبة.
فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية النفقة المستحقة للزوجة والصغار بمختلف أنواعها وشروط هذه النفقة والأثار المترتبة عليها، والإجابة على حزمة من الأسئلة حول الأحكام التي تصدر بمبالغ طائلة يصفها البعض بالمبالغ فيها حيث سبق وأن صدر حكم "نفقة متعة" بلغ مقداره 600 ألف جنية، وحكم أخر يلزم الأب بدفع 30 ألف جنية كنفقة صغار، وحكم ثالث بإلزام الأب بدفع 20 ألف جنية كنفقة ألعاب للصغار، وهو الأمر الذى يؤدى لطرح العديد من التساؤلات حول هذه الأحكام وهل يجوز الطعن عليها أم أنها أحكام انتهائية؟
وللإجابة على هذه الأسئلة - يقول الخبير القانوني والمحامى سامى البوادى، مسألة أحكام النفقات تقديرية لدى القاضي في المقام الأول وقد أخذ القانون في تقدير النفقة بالوضع في الاعتبار دخل الزوج الفعلي، وحال المنفق عليه بمعنى حوجته الفعلية شريطة ألا تقل النفقة المفروضة عن حد الكفاية لتأمين مستلزمات المنفق عليه حسب الوضع الاقتصادي زماناً ومكاناً، ويتم التحري عن دخل الملزم بالنفقة حيث أجاز قانون الأحوال الشخصية للمحكمة الاكتفاء بالشهادة للقضاء بمختلف أوجه النفقة، وقر المشرع أن نفقة الزوجة تثبت منذ تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكماً ما لم يثبت نشوز بحقها يسقط النفقة، وتعتبر النفقة ديناً في ذمة الزوج لا يسقط إلا بالوفاء أو الابراء، وحدد القانون مدة 3 سنوات سابقة لرفع الدعوى كأقصى مدة يمكن للزوجة المطالبة بها، وعادةً ما يقرر القاضي في الجلسة الأولى لسماع الدعوى نفقة مؤقتة للزوجة بناء على طلبها ويكون قراره مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون.
المشرع اعتبر اصدار الأحكام مسألة تقديرية للقاضي حسب يسر وعسر الزوج
ووفقا لـ"البوادى" في تصريح لـ"اليوم السابع" - كما تستحق المرأة المطلقة وهي حامل نفقة العدة متى طلقها الزوج أو فرق بينهما القاضي بطلقة رجعية أو طلاق بائن فهي ما زالت محتبسة لزوجها طوال مدة العدة، فيجب عليه أن ينفق عليها حسبما تقرره المحكمة، والمطلقة غير الحامل لا تجب لها النفقة لأنها لم تعد زوجة للمطلق، ولكن تجب على الزوج نفقة السكن لاحتمال أن يعيدها لعصمته بعقد ومهر جديدين، وتقدر النفقة بحسب حال المحكوم عليه بها وقت استحقاقها يسراً أو عسراً على ألا تقل النفقة فى حالة العسر عن القدر الذى يفى بحاجة المحتاج للنفقة الضرورية وعلى القاضى فى حالة قيام سبب استحقاق النفقة وتوفر شروطها شروط ان يفرض القاضى لصغاره فى مدى اسبوعين على الأكثر من تاريخ رفع الدعوى نفقة مؤقتة - بحاجتها الضرورية - بحكم غير مسبب واجب النفاذ فوراً إلى حين الحكم بالنفقة بحكم واجب النفاذ .
وبحسب الخبير القانوني - وللزوج أن يجرى المقاصة بين ما أداه من النفقة المؤقتة وبين النفقة المحكوم بها عليه بحيث لا يقل ما تقبضه الزوجة وصغارها عن القدر الذي يفى بحاجتهم الضرورية، وقد استقرت الاحكام القضائية على ان الأصل فى الأحكام الصادرة بالنفقة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنها ذات حجية مؤقتة، لأنها مما تقبل التغيير والتعديل، وترد عليها الزيادة والنقصان بسبب تغير الظروف، كما يرد عليها الإسقاط بسبب تغير دواعيها هذه الحجية تظل باقية طالما أن دواعي النفقة وظروف الحكم بها لم تتغير، وتنقسم النفقة إلى 10 أقسام كالتالى: "نفقة الزوجية، ونفقة المتعة، ونفقة العدة، ونفقة الصغار، وأجر الحضانة، وأجر الرضاعة، وأجر المسكن، وأجر الخادمة، ونفقة الأقارب، والنفقة المؤقتة".
زيادة النفقة وتخفيضها:
ويُضيف "البوادى" - من المقرر أن الأصل في الأحكام الصادرة بالنفقة أنها ذات حجية مؤقتة، لأنها مما تقبل التغيير والتعديل وترد عليها الزيادة والنقصان بسبب تغير الظروف كما يرد عليها الإسقاط بسبب تغير دواعيها، ويشترط للقضاء بزيادة أو نقصان المفروض نفقة زوجية أو صغار أن يكون موجب الزيادة أو التخفيض قد طرأ بعد صيرورة الحكم الصادر بالنفقة نهائياً، لأنه لو طرأ قبل ذلك لكان في مكنة المدعي الدفع به في دعوى النفقة، وأن تكون قد انقضت مدة معقولة بين تاريخ الحكم النهائي بالنفقة وتاريخ المطالبة بالزيادة أو النقصان، وهو ما يخضع لتقدير قاضي الموضوع وألا يكون الإعسار مقصودا وألا يكون اليسار الذي طرأ علي زواله بعد مدة وجيزة.
كيف يتم تقدير النفقة؟
-أحكام النفقة قابلة للتغيير والتبديل تبعا لتغير ظروف المفروض عليه يسارا أو عسرا أو القدرة المالية للمفروض عليه
ـ إثبات دخل الزوج بالتحري يتم عن طريق أخذ خطاب تحرى من السكرتير بعد طلب التصريح بالتحري من المحكمة:
أولاً: إذا كان له جهة عمل معلومة يسلم خطاب التحري باليد لجهة العمل لضمان سرعة وروده قبل الجلسة.
ثانيًا: إذا لم يكن له عمل حر أو غير معلومة جهة عمله يتم التحري عن طريق المباحث فى قسم الشرطة التابع له مسكن الزوج.
ثالثًا: الاستعلام عن الرصيد البنكي ـ ولما كانت المادة الأولى من القانون 205 لسنة 1990 بشأن سرية الحسابات قد نصت على: "تكون جميع حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم في البنوك وكذلك المعاملات المتعلقة بها سرية … ولا يجوز الاطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر إلا بإذن كتابي من صاحب الحساب أو الوديعة أو الأمانة، أو النائب القانوني أو الوكيل المفوض فى ذلك أو بناء على حكم قضائي أو حكم محكمين".
ولما كان القانون قد أعطى للمحكمة الحق فى إصدار حكم للاستعلام عن رصيد أى شخص طالما كان هذا لازم للفصل فى الدعوى ، وقد تكون الدعوى منظورة أمام المحكمة وهى دعوى نفقة مثلا ويستلزم لتحديد المبلغ المحكوم به معرفة درجة يساره ومعرفة حالته المالية ، فقبل الفصل فى الموضوع تأمر المحكمة بالاستعلام من البنك المودعة به عن رصيد وحساب المدعى عليه المودع لدى البنك فى أى شكل كان ، وذلك خلال الفترة التى تحددها المدعية وحتى تاريخ صدور الحكم التمهيدى لبيان حالته المادية يسراً وعسراً ولتحديد ما تستحقه المدعية كنفقة الجديدة.
رابعًا: إحالة الدعوى للتحقيق لأثبات يساره بشهادة الشهود، وتستطيع الزوجة اثبات يسار زوجها ودخله بشهادة الشهود، متى اطمأنت لهما المحكمة ومن ثم تقضى لها بنفقة زوجية بأنواعها بما يتناسب مع يسار حاله.
وفى سياق أخر، يقول الخبير القانوني والمحامى حسام الجعفرى، أن النفقة الزوجية هى بمثابة حق شرعي للزوجة واجب على زوجها من تاريخ الدخول والمعاشرة حيث يجيز القانون المصرى حال امتناع الزوج عن الإنفاق على زوجته بغير حق شرعي، فإن للزوجة الحق الكامل فى أن تطلب من القضاء إجبار الزوج على الإنفاق عليها، والقانون المصري يأخذ برأي الأحناف في المسألة، والنفقة قانوناَ نصت المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985: "تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكما حتى لو كانت موسرة أو مختلفة معه فى الدين".
ويوضح "الجعفرى" في تصريح خاص - عملية الإنفاق تأتى إذا كان الزوج غنياً مما آتاه الله على قدر غناه، وإذا كان فقيراً مما آتاه الله على قدر فقره، ويقول العلماء أن في هذه الآية الكريمة أمران:
الأمر الأول: وجوب النفقة في قوله: "لِيُنفِقْ" فالنفقة واجبه.
والأمر الثاني: أنها تتقيد بحال الرجل، إن كان غنياً، فينفق نفقة الغنى، فذو سعة من سعته، أي ذو الغنى من غناه، وذو الفقر من فقره، قال تعالى: "وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ".
ماهي آلية تحديد قيمة النفقة المحكوم بها؟
هناك فرضان:
الفرض الأول: المفترض أن المدعي عليه بدعوي النفقة أما أن يكون موظف عام أو موظف قطاع خاص وفي هذه الحالة يكون له مفردات المرتب توضح دخله، ويكون تقدير النفقة بناء علي دخله الثابت من مفردات المرتب، والمحكمة تنظر إلى إجمالي ما يتقاضاه المدعي عليه، لأن تعريف الأجر طبقا للقانون هو كل ما يتقاضاه العامل من ثابت ومتغير.
الفرص الثاني:
أن يكون المدعي عليه بدعوي النفقة يعمل عمل حر ليس لموظف عام ولا خاص وليس له مفردات مرتب مثل الممثلين والمحامين والأعمال الحرفية والسائقين ولاعبي كره القدم، وهذا على سبيل المثال لا الحصر في هذه الحالة تقوم المدعية بدعوي النفقة بطلب تحريات المباحث حول دخل المدعي عليه ويجوز لها تقديم مستندات تفيد دخله فمثلا لو لاعب كره يجوز لها تقديم صوره التعاقد من النادي أو إذا كان ممثل تقديم صورة التعاقد مع المنتج.
ماهي طرق تنفيذ أحكام النفقات؟
أولا: بالنسبة لصرف قيمه النفقة شهريا
عن طريق جهة عمله إذا كان موظفاَ بالحكومة أو خاصا، وتقوم الزوجة الصادر لصالحها الحكم بتسليم الصيغة التنفيذية لجهة عمله، والتي تقوم بدورها بخصم المبالغ المحكوم بها فى الحدود التى يجوز الحجز عليها من المرتبات حسب النسب المقررة قانونا والتي يجوز خصمها وهي كالآتي:
-25 % للزوجة أو المطلقة.
-تكون 40% فى حالة أكثر من واحدة.
- 25% للوالدين أو أحدهما.
-35 % للولدين أو أقل.
-40 % للزوجة أو المطلقة ولولد أو اثنين والوالدين أو أيهما.
-50 % للزوجة أو المطلقة وأكثر من ولدين والوادين أو أيهما وفى جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد النسبة التي لا يجوز الحجر عليها على 50% تقسم بين المستحقين بنسبة ما حكم به لكل منهم.
أحكام نفقات
في غضون 4 يوليو 2020، قضت محكمة الأسرة بأكتوبر، بإلزام أب بسداد مبلغ 12 ألف نفقة ألعاب لطفلين، بعدما طالبته مطلقته بدفع المبالغ التي أنفقتها، وذلك بعد أن أكدت على رفضه التواصل مع أطفاله، والتغيب عن جلسات الرؤية، وملاحقتها بدعاوي تعويض، وإسقاط الحضانة، أثر انفصالهم، وزواجه من سيدة أخري، رغم أنه ميسور الحال.
وبتاريخ مايو 2016، أصدرت محكمة الدقي لشئون الأسرة، حكمًا قضائيًا فريداَ من نوعه ألزمت فيه زوج مُطلِق بدفع 600 ألف جنيه كنفقة متعة "جبر خواطر" لزوجته المطلقة، بعد رحلة زواج دامت 30 عامًا بينهما، حيث أيدت محكمة الاستئناف الحكم ليصبح باتاً.
نفقة 1
نفقة 2
نفقة 3
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة