سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 3 أكتوبر 1970.. هيكل يتقدم باستقالته إلى السادات من منصب وزير الإرشاد القومى ويستمر فى رئاسة «الأهرام»

السبت، 03 أكتوبر 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 3 أكتوبر 1970.. هيكل يتقدم باستقالته إلى السادات من منصب وزير الإرشاد القومى ويستمر فى رئاسة «الأهرام» محمد حسنين هيكل
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعث الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، بخطاب استقالته كوزير للإرشاد القومى «الإعلام» إلى رئيس الجمهورية بالنيابة عن أنور السادات يوم 3 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1970، وكان بعد يومين من جنازة جمال عبدالناصر.
 
كان هيكل وزيرا منذ 25 أبريل 1970، بالإضافة لرئاسته للأهرام، ويذكر فى كتابه «استئذان فى الانصراف» أن عبدالناصر اختاره لمهمة معينة ولمدة محددة «سنة لا تزيد»، فى ظرف رآه مهيأ لاختراق سياسى يتوازى مع الذروة فى حرب الاستنزاف، ويذكر أنه اعتزم ترك الوزارة والأهرام معا، لكنه عندما قابل السادات من السابعة مساء إلى الثالثة صباحا فتح له السادات قلبه بغير تحفظات، فخرج من قصر العروبة يستقبل نسمات فجر 3 أكتوبر شبه مقتنع بأنه ليس وقت الانصراف من الساحة، واكتفى بترك الوزارة.
 
ويؤكد هيكل أن «السادات» كتب رده بخط يده على خطاب استقالته، ونشرتهما الأهرام فى صفحتها الأولى، وفقا لرجب البنا فى كتابه «هيكل بين الصحافة والسياسية».. ونصت الاستقالة: «سيادة رئيس الجمهورية بالنيابة.. الأخ والصديق أنور السادات.. الآن وقد استقر جثمانه الطاهر فى ثرى مصر الخالدة، فإنى أتقدم إليك راجيا أن تأذن بإعفائى من العمل فى وزارة الإرشاد القومى.. إن وصولى إلى القرار الذى يدفعنى إلى التقدم بهذا الرجاء إليك لم يصدر عن إحساس بلوعة عاطفية، مع أنه لدى منها أكثر مما يتصور أحد، ولكنه يصدر أيضا عن اعتبارات عديدة، إنسانية وفكرية وعملية أجملها فيما يلى:
 
أننى خرجت عن هذه القاعدة نزولا على أمر كريم منه، عندما شاء أن يكلفنى بالتعبير الرسمى عنه فى فترة من النضال بالغة الحساسية، وكان هذا من جانبه اختبارا شخصيا، ومن بعده لا أملك هذا الحق بالنسبة لغيره، كما أننى لا أستطيع أن أبقى على رأس وزارة الإرشاد تعبيرا عن نفسى فمكان ذلك الصحيح هو «الأهرام» وحده، وليس أى مكان آخر غيره، وجزء كبير من مهمة إعادة تنظيم «الإرشاد القومى» تم بإنشاء اتحاد الإذاعة والتليفزيون العربى وبالدراسات المعدة فى شأن «الهيئة العامة للاستعلامات»، وغيرها من مؤسسات الوزارة.
 
إننى لم أعد أستطيع بكل ما أحس به الآن، التوفيق بين وزارة الإرشاد والأهرام، واستطعت ذلك بجهد جهيد بعض الشهور، لكننى الآن أجد أن ذلك سوف يكون مستحيلا بالنسبة لى، وإذا كان لى أن أختار والخيرة لله، فإنى أوثر أن أبقى فى المكان الذى أسهمت مع آلاف من أبنائه فى تحويله إلى إطلالة مصرية على العصر الحديث، وكان ذلك ولكى أكون منصفا للتاريخ بتشجيع معنوى كبير منه وبإلهام مضىء.
 
إننى أعتقد أن علىّ مسؤولية أتحملها أمام الأجيال، فلقد اقتربت من فكره وعمله «عبدالناصر»، ولابد أن أعيد ترتيب أوراقى وذكرياتى عنه، لأننا نحن الذين عرفناه عن قرب وشرفنا بالوقوف حيث تمكنا من رؤيته، وهو يحلم ويناضل ويحقق، لا نملك وحدنا قصة حياته، فهذه القصة ملك لشعبنا ولأمتنا العربية وللإنسانية، ولعلك تذكر مرة أيها الصديق الكريم، وكنا معا أخيرا فى فندق هيلتون أثناء أزمة الأردن التى كانت آخر معاركه المنتصرة، أننا تحدثنا عن التاريخ، وكيف سيروى حكايته هذا العصر، وتذكر أنه أمامك وأمام السيدين حسين الشافعى وعلى صبرى أشار إلىّ، وقال: «إنه هو المسؤول عن ذلك، لقد كان يعرف كل شىء، وهو يتحدث دائما عن الإحساس بالتاريخ والكتابة صناعته».
 
ومن جانبى أيها الأخ الكريم، أعتبر تلك وصية يسألنى عنها ضميرى، ويسألنى عنها الضمير العام لأمتى، وليس معنى ذلك أننى أفكر فى النشر العاجل، فأنا أول من يقدر أن هناك أشياء لم يحن أوانها، ولكنى بأمانة المسؤولية أمام ذكراه الغالية لا أستطيع أن أترك شيئا للضياع أوالنسيان.. إننى أرجو من كل قلبى ألا تعتبر هذا تخليا فى وقت عصيب.. إنك تعلم أن ذلك لا يمكن أن يخطر ببالى، فأنت الرجل الذى اختاره هو بنفسه نائبا له فى وقت علم فيه أنه معرض لمخاطر مؤامرات خطط لها الذى تصدى طوال عمره لمطامعهم وسيطرتهم على مقدرات أمته، وذلك الاختيار وحده يكفى ليس بالنسبة لى وحدى وإنما بالنسبة لكل الذين تراودهم اليوم أعظم الآمال بأن يستمر الخط الذى رسمه لأمتنا سواء لمرحلة النصر أو لما بعد النصر بإذن الله.. إننى أناشدك أن تعرف فى النهاية أن قلبى معك، وعقلى معك بكل ما أستطيع دفاعا عن مبادئه وعن سياسات أجراها نابعة من تلك المبادئ».
 
رد السادات وجاء فى رده: «لا يسعنى إلا أن أحييك إلى طلبك أيها الصديق، واثقا أن جهدك وقلمك سوف يظلان كما عودت زعيمنا الراحل أن يكون فى مكانهما من معركتنا المقدسة».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة