"فرق تسد".. كيف يراهن ترامب على التيار المعتدل فى إيران بعد قاسم سليمانى؟.. مقتل قائد فيلق القدس يكسر شوكة فريق خامنئى ويقدم صفقة ضمنية لروحانى للعودة للمفاوضات.. والانقسام ورقة أمريكا لكسر المعسكر الإيرانى

الأحد، 05 يناير 2020 07:00 م
"فرق تسد".. كيف يراهن ترامب على التيار المعتدل فى إيران بعد قاسم سليمانى؟.. مقتل قائد فيلق القدس يكسر شوكة فريق خامنئى ويقدم صفقة ضمنية لروحانى للعودة للمفاوضات.. والانقسام ورقة أمريكا لكسر المعسكر الإيرانى واشنطن تسعى لتأجيج الانقسام فى الداخل الإيرانى
تحليل يكتبه بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"إيران لم تحقق انتصارا يذكر فى أى معركة.. ولكنها لم تخسر من قبل فى المفاوضات".. هكذا قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى تغريدة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، فى تعليق له أعقب نجاح القوات الأمريكية فى قتل قائد فيلق القدس قاسم سليمانى، فى الساعات الأولى من يوم الجمعة الماضى، فى محاولة صريحة لاستقطاب الإيرانيين إلى مفاوضات جديدة، من شأنها الوصول إلى حلول صريحة للقضايا الخلافية بين الجانبين، والتى اندلعت منذ بداية حقبة الإدارة الحالية، فى يناير 2017، والتى شهدت عودة التوتر من جديد، بالانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى، فى مايو 2018، وما تلا ذلك من عقوبات أمريكية على طهران، أعادت العلاقة بين البلدين إلى المربع الأول، بعدما شهدت تطورا ملموسا خلال إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما.

تصريحات ترامب، تبدو مثيرة للجدل إلى حد كبير، حيث إنها تأتى فى ظل حرب كلامية، أطلقها كبار القادة الإيرانيين، سواء من قوات الحرس الثورى الإيرانى، أو حتى مسئولى السياسة الخارجية، وعلى رأسهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، والتى لم تخل من تهديدات الانتقام، وإنهاء الوجود الأمريكى فى منطقة غرب آسيا، إلا أنها تعكس أن ثمة رهانا أمريكيا صريحا على أحد أطراف المعادلة السياسية فى طهران، وهو ما يسمى بـ"التيار المعتدل"، الذى يقوده الرئيس حسن روحانى، على حساب المتشددين، بقيادة المرشد على خامنئى، وهو نفس الرهان الذى سبق وأن راهن عليه الرئيس السابق باراك أوباما ولكن بمعطيات جديدة، تبدو مختلفة تماما عن إرهاصات التوقيع على الاتفاق النووى بين إيران والقوى الدولية الكبرى، فى يوليو 2015.

رهان ترامب.. واشنطن تسعى لتأجيج الانقسام فى الداخل الإيرانى

ولعل حديث ترامب عن المفاوضات يبقى موجها بصورة غير مباشرة إلى الرئيس حسن روحانى، وما يسمى بـ"التيار المعتدل"، خاصة وأن مقتل سليمانى، وإن كان موجها للمرشد على خامنئى، وتياره المتشدد، فإنه يحمل جانبا إيجابيا لفريق روحانى، فى ظل الصراع المتأجج، بين التيارات الإيرانية فى الداخل، حيث يسعى التيار المتشدد بقيادة خامنئى، وقوات الحرس الثورى، إلى العودة من جديد للهيمنة على مقاليد الأمور، خاصة بعد الخطوات التصعيدية الأمريكية تجاه طهران، فى السنوات الأخيرة، حيث سعوا إلى تحميل روحانى، الذى كان متحمسا يوما ما للاتفاق مع "الشيطان الأعظم"، مسئولية ما آلت إليه الأمور مؤخرا، وبالتالى تشويه صورته فى الداخل لصالح المتشددين.

تغريدة ترامب
تغريدة ترامب

 

يبدو أن الرئيس الأمريكى يسعى إلى إثارة الانقسام بصورة كبيرة داخل المعسكر الإيرانى، عبر تأجيج الخلاف بين التيارات المتناوئة فى الداخل، مما يصب فى النهاية لصالح الرؤية الأمريكية، والتى تقوم على ضرورة إبرام اتفاق جديد مع إيران، ليكون بديلا للاتفاق الذى سبق وأن وقعته إيران مع القوى الدولية الكبرى، برعاية أوباما، فى ظل ظروف تبدو صعبة للغاية، بسبب المظاهرات التى تشهدها المدن الإيرانية فى الأسابيع الماضية، احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية المتأزمة فى المرحلة الراهنة، بالإضافة إلى النفوذ المتراجع للدولة الفارسية فى محيطها الإقليمى، بسبب ما يمكننا تسميته حالة التمرد فى العديد من دول الشرق الأوسط، تجاه الدور الإيرانى، مع اندلاع الاحتجاجات المتزامنة فى لبنان والعراق، بالإضافة إلى هيمنة موسكو على الأوضاع فى سوريا بالكامل فى السنوات الأخيرة.

معطيات جديدة.. مقتل سليمانى يضفى أبعادا جديدة لمعادلة القوة

وتعد الدعوة الأمريكية الحالية للتفاوض مع إيران مختلفة إلى حد كبير، إذا ما قورنت بسابقتها التى تبناها أوباما، حيث كانت الولايات المتحدة فى موقف يبدو أضعف بكثير، فى ظل رفض حلفاء واشنطن الرئيسي فى المنطقة، خاصة فى دول الخليج، للاتفاق النووى، ومبادرات التقارب الأمريكى مع طهران من جانب، بالإضافة إلى الفشل الأمريكى آنذاك فى الحرب على تنظيم داعش الإرهابى، من جانب آخر، وهو الأمر الذى ساهم فى استمرار الشعارات الإيرانية العدائية تجاه الولايات المتحدة، وتجرؤها على مجابهة السفن الأمريكية فى منطقة الخليج، وأسر الجنود الأمريكيين، وتصويرهم مكبلين بالقيود، إمعانا فى إهانة واشنطن، على غرار ما حدث فى 2016، عندما اعترضت قطع بحرية إيرانية سفينة عسكرية إيرانية، وهو ما أثار استياء المرشح الرئاسى الأمريكى آنذاك دونالد ترامب، والذى اعتبر أن ما حدث لا يمكن أن يغفره إذا كان رئيسا للولايات المتحدة.

مقتل سليمانى يضعف شوكة خامنئى
مقتل سليمانى يضعف شوكة خامنئى

وهنا تبقى الدعوة الحالية فى ظروف مختلفة، ليس فقط فيما يتعلق بالمعادلة السياسية الإيرانية، ولكن أيضا فى حسابات القوة الأمريكية، خاصة وأنها جاءت بعد مقتل أحد أكبر القيادات الإيرانية، وأحد أهم رؤوس الحربة فى معادلة النفوذ الإيرانى فى منطقة الشرق الأوسط، بصواريخ أمريكية، وبالتالى فإن أية مفاوضات منتظرة لا يمكن أن ينظر إليها باعتبارها مفاوضات "الند بالند"، ولكنها تبقى بين طرف أقوى ومهيمن، مع آخر يبدو فى أضعف حالاته، وهو ما يسمح للولايات المتحدة بفرض رؤيتها على طهران، على عكس الاتفاق الأول الذى كانت طهران تملى شروطها على القوى الدولية الكبرى، والتى كانت تعانى من حالة من الذعر جراء استمرار الأنشطة النووية الإيرانية.

"فرق تسد".. صفقة أمريكية ضمنية مع روحانى على حساب خامنئى

ويمثل العرض الأمريكى بالتفاوض، فى أعقاب خطوة تمثل تصعيدا غير مسبوق بين الولايات المتحدة وإيران، انعكاسا صريحا لثقة ترامب فى قدرته على عقد صفقة صريحة مع النظام الإيرانى، وخاصة "التيار المعتدل"، خاصة وأن مقتل سليمانى لم يكن الاستهداف الأمريكى الأول للمتشددين فى الدولة الفارسية، حيث سبق للإدارة الحالية وأن وضعت الحرس الثورى فى قائمة التنظيمات الإرهابية لديها، فى خطوة غير مسبوقة، أن تضغ الولايات المتحدة فرعا رسميا بالقوات المسلحة بأى دولة فى قائمة الإرهاب لديها، وهو القرار الذى أعقبته تصريحات متواترة على غرار ما حدث مؤخرا فى أعقاب استهداف سليمانى.

 

الحرس الثورى الإيرانى
الحرس الثورى الإيرانى

وهنا يمكننا القول بأن تغريدة ترامب حول التفاوض هى بمثابة عرض جديد لإبرام صفقة مع الرئيس روحانى، وتياره المعتدل، على حساب فريق خامنئى، فى إطار ما يمكننا تسميته بـ"سياسة فرق تسد"، والتى يتبناها ترامب فى التعامل مع خصومه، بينما يبقى مقتل سليمانى جزءا من تلك الصفقة، خاصة وأن الرجل القوى فى الحرس الثورى كان أحد أبرز المعارضين للرئيس، خاصة فيما يتعلق بانفتاحه على واشنطن منذ إبرام الاتفاق النووى الإيرانى.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة