مؤامرات لا تعرف النهاية، وأجندة لا تحمل إلا الخراب، بهذا النهج تحرك الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى علاقة تركيا مع الآخرين، فما بين تمويل ودعم كيانات إرهابية وتنظيمات مسلحة لإنهاك الجيوش والمؤسسات فى دول الجوار، وما بين التسلل خلف الخطوط تحت عباءة العمل الخيري، أو ارسال بعثات دينية للدول الأوروبية بذريعة خدمة الأقليات المسلمة، تنوعت المحاولات، وتباينت المؤامرات، التى كان آخر ضحاياها الألمان.
وكشفت تفاصيل الأزمة الأخيرة صحيفة "إنفوباي" الأرجنتينية ، مشيرة إلى الخلافات القائمة بين الحكومة التركية وألمانيا، بشأن إنشاء مدارس تركية فى ألمانيا وذلك وفق مبدأ التعامل بالمثل، حيث تدير ألمانيا منذ سنوات مدارس خاصة فى تركيا، لكن هناك صعوبات قانونية أمام إنشاء مدارس تركيا، حيث وفقا للقانون فى ألمانيا الذى لا يسمح لأى دولة أجنبية إنشاء مدارس على الأراضى الألمانية.
وتسبب هذا القرار فى تغذية المخاوف الناتجة عن نفوذ الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ، الذى يسيطر بالفعل على المساجد فى ألمانيا، حيث يتولى الأئمة رواتبهم من أنقرة، حسبما قالت صحيفة "انفوباى" الأرجنتينة.
وأشارت الصحيفة فى تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى إلى أن سيطرة أردوغان على المساجد والتى تثير القلق فى ألمانيا ، أحد أسباب الخلاف على انشاء المدارس، حيث أن برلين تتهم أنقرة بإرسال الأئمة إلى المساجد وتتولى دفع رواتبهم ، لنشر التطرف والارهاب.
وتحدث هذه الأزمة بين الطرفين فى سياق العلاقات السياسية المتوترة بين البلدين، بعد اغلاق العديد من الشركات الثنائية القومية الألمانية فى تركيا وبرلين ، وذلك على الرغم من احتياج ألمانيا إلى تركيا بسبب أزمة اللاجئين إلا أنها أيضا تنتقد ميول اردوغان الاستبدادية.
وقال أحد زعماء حزب "سى إس يو" المحافظ، ماركوس بلوم: "لا نريد مدارس أردوغان فى ألمانيا"، معتبرا أن رفض انشاء المدارس التركية فى ألمانيا خطوة فى الاتجاه السليم لتقليص التأثير الأجنبى فى البلاد.
وعبر ناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية راينر برويل عن موقف مماثل قائلا إن "المدارس الأجنبية التركية المحتملة يجب أن تمتثل للقانون المحلى حول المدارس ومن غير المقرر منحها امتيازات".
ومن جانبه، ذكر وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس أن تركيا لن يكون بإمكانها إنشاء ثلاث مدارس فى ألمانيا كما هو مخطط إلا بخضوع تلك المدارس للقانون الألمانى، مضيفا أنه يتعين على المدارس الالتزام بقوانين التعليم التى تسنها الولايات وأن تخضع للرقابة المدرسية، وأضاف: "لن يكون هناك مطلقا أى مساحة لتدريس أشياء تتعارض مع قيمنا"، موضحا أن الحوار مع تركيا فى هذا الشأن سيصبح بناء عند الاتفاق على تطبيق الرقابة على المدارس التركية المزمع إنشائها، وذكر ماس أن السبب الحقيقى وراء إنشاء مدارس تركية فى ألمانيا هو أن "هناك مدارس ألمانية فى تركيا، وتركيا تطالب بالمعاملة بالمثل فى ألمانيا".
ويأتى هذا الإجراء الذى طلبته أنقرة بعد الإغلاق المؤقت فى عام 2018 لمدرسة أزمير الألمانية ، فى تركيا ، فى بادرة للتخويف وفقًا للصحافة الألمانية، وتدعو أنقرة إلى افتتاح ثلاث مدارس فى برلين وكولونيا وفرانكفورت فى ألمانيا ، حيث يعيش أكثر من ثلاثة ملايين شخص يحملون الجنسية التركية ، وهو أكبر مجتمع تركى فى العالم خارج تركيا.
وأوضح التقرير أنه يبلغ عدد الأئمة فى ألمانيا حوالى 1000 والذين يتبعون الاتحاد الإسلام التركى للشئون الدينية فى ألمانيا ديتيب، والذى يدير 850 مسجدا، مما يجعله أكبر منظمة مسلمة فى البلاد.
وأشار التقرير إلى أن الاتحاد يتعرض لانتقادات منذ سنوات، وذلك لأنه يتبع اردوغان، كما تم اتهامه بالتجسس على معارضى الرئيس التركى خلال الانقلاب الذى حدث ضدته فى عام 2016.
ومن ناحية آخرى ، قال تقرير ألمانى رسمى، إنه تضاعف عدد الأتراك الذين قدموا طلبات للجوء فى البلاد منذ حملة القمع التى شنها أردوغان، بعد محاولة الانقلاب التى يتهم حركة جولن بالوقوف وراءها، وذكرت الإذاعة الألمانية، أن ما مجموعه 11.423 من الأتراك طلبوا اللجوء بألمانيا فى العام الماضى، مقارنة بـ 5.742 فى 2016.
وعلقت صحيفة "انفوباى" الأرجنتينية على ذلك أن الأتراك بدأوا يهربون من الديكتاتور التركى، مشيرة إلى أن الأتراك قدموا أكبر عدد من طلبات اللجوء فى ألمانيا فى 2019 بعد المواطنين السوريين والعراقيين، حيث كانت نسبة 80% من الطلبات من مواطنين أتراك من أصل كردى قبل 2016، بينما بلغت نسبة مقدمى الطلبات من تركيا ممن عرفوا أنفسهم بأنهم أتراك فقط، 50% عام 2019.
وأشارت إلى، أنه فى الوقت الذى تم فيه قبول 74.6% من طلبات اللجوء المقدمة من الذين عرفوا أنفسهم أنهم أتراك فقط، فإن 14.5% من المواطنين الأتراك الذين عرفوا أنفسهم بأنهم من الأكراد منحوا حق اللجوء فى 2019.
ومن جانبها، وافقت الحكومة الألمانية على 47.4% من طلبات اللجوء المقدمة من الأتراك فى 2019، مقارنة مع 8.2% فى 2016، وفقا لما ذكره تقرير صادر عن المكتب الاتحادى الألمانى للهجرة واللاجئين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة